ليلة أمس احتفل العالم برأس السنة الميلادي2010،ومعه احتفلت مدينتنا سلمية بهذه المناسبة التي أصبح الاحتفال بها تقليداً سنوياً،تقام له الزينات في الشوارع والمنازل،وينتظر فيه أطفالنا الأعزاء قدوم بابا نويل ليوزع عليهم الهدايا في منازلهم، أو في مكان احتفالهم مع أهاليهم،إنها مناسبة يشترك فيها جميع الناس بعرس فرح ليلة رأس السنة.ولو أنّ السعيد يرى كلّ أيام الزمان أعراس وأعياد كما يقول شاعرنا ابن الرومي(عباسي):
كلُّ ليالي الزمانِ عُرْسٌ == وكلُّ أيامهنّ عيدُ
وما أن بدأ العام المنصرم يلوّح بذراعيه مودعاً،بكلّ ماحمله لنا من سراء وضراء،حتى بدأت تسمع تباشير قدوم العام الجديد،من أصوات المفرقعات المدويّة والألعاب النارية، التي أخذت ترتفع من كلّ حيّ من أحياء المدينة،لتمتدّ وتنتشر في كلّ اتجاه.
وعبر كلّ وسائل التعبير،التي تظهر دفء مشاعر الفرح والغبطة التي غمرت نفوس الجميع،سهر الناس ليلة رأس السنة سهرات صاخبة، ودعوا فيها عاماً منصرماً واستقبلوا بالبشرى والتفاؤل عاماً جديداً ولسان حالهم ينشد مع الشاعر (ابن الآبار)(أندلسي) مهنئاً بتابشير العام الجديد وبسعادة الناس لقدومه:
هَنِيئاً عامُ إقْبال جديدٌ == بِيُمْنِ طُلوعِه عَمّ الهَناءُ
وربما جلس الناس ساعات يصغون إلى حديث الأبراج،ليستمعوا إلى ما يتوقعه المنجمون من أحداث ،أولاً بالنسبة إلى برجهم وفألهم،وكم نتمنى لأحبتنا أن يقرأ برجهم البشرى السعيدة لهم،كقراءة الشاعر(ابن حيوس)(العصر الفاطمي) لبرج ممدوحه:
وَأَرى النُجومَ تَخالَفَت أَحكامُها == إِلّا عَلَيكَ فَإِنَّهُنَّ سُعودُ
وثانياً بالنسبة إلى توقعات 2010 بالنسبة إلى الساحة العالمية،متفائلين أن يحمل الضيف الجديد معه كلّ السعادة والمسرّة للناس جميعاً وهذا ما أكده شاعرنا(محمد شهاب الدين)(من مصر)والذي قرأ حظه السعيد، مع إطلالة العام الجديد:
والحظ قالت تهانيه تؤرخها == قدوم عام جديد قد أتى بسرور
ومنه نتمنى لكلّ الناس أن يكون طالعهم سعيداً، وأن يلقوا فيه كلّ هنا ومسرة:
كما يقول شاعرنا(عمر الأنسي)،من لبنان:
عام جَديد فيهِ يَلقى الهَنا == وَالفَوز وَالتَوفيق وَالمَيسَره:
وعلى وقع الأنغام الشعبيّة الشجيّة التي صدحت في صالة النور في سلمية احتفلت جمعية أصدقاء سلمية بالعام الجديد،وشاركها الاحتفال عدد كبير من الضيوف من مختلف الفعاليات الاجتماعية،ومن خلال مضخمات الصوت التي كانت تجلجل في
أركان هذه القاعة، التي كنت أتمنى أن تزين بزينة خاصة احتفاء بهذه المناسبة السعيدة، وعلى صوت إيقاع موسيقا (الأورغ) التي تسحرني وتطربني،ومع مصاحبته للغناء الفلكلوري العذب الجميل،رقص الشباب والصبايا طويلاً،وعبر وصلات متعددة تبادلوا فيها ساحة الرقص ،عبّر الجميع عن فرحهم وسعادتهم،متناسين همومهم ومتاعبهم مرددين مع الشاعر(صالح مجدي)(من مصر):
وَنَشر رُسومه في كُل عام == جَديد في الهَنا للناس عيد
وعندما دقت الساعة الثانية عشرة تماماً،معلنة ولادة السنة الجديدة،أطفئت الأنوار،وأشعلت الشموع ،والشهب النارية،التي أنارت أرجاء القاعة، وعلى صدى الصوت الملائكي لفيروز(الليلة ليلة عيد)أنشد الناس وغنّوا معها (الليلة ليلة عيد)، وصافح الحضور بعضهم البعض ،وتبادلوا الأنخاب والتهاني بولادة العام الجديد،وكلّ منهم يقول للآخر، كم قال شاعرنا عبد المحسن الكاظمي من العراق الشقيق لممدوحه وهو يهنئه بالعام الجديد،تلك التهاني الممزوجة بكؤوس الراح:
عش محلّاً في كلّ عام جَديد == بِجَديد عذب المَذاق فراتِ
من تَهانٍ مَمزوجة بكؤوسٍ == مِن تَهانٍ شهيّة النطفاتِ
حقيقة إنها للحظةمن اللحظات الفريدة والسعيدة التي نتمنى أن يتوقف فيها الزمن،لنسرق منه السعادة والبشرى والفرح والغبطة، لنا ولمن نحبّ ،لكي نسعد ونبارك فيها بعضنا البعض، ونتبادل التهاني معلنين مع الشاعر صالح مجدي:
وَفي عيد ذا المِيلاد لازالَ باقياً == مَدى الدَهر يَحظى بِالمُنى كُلُّ وافد
وَيَنشده يَوم التَهاني مؤرّخاً == سَما بِسَعيد العزّ خَير المَوالد
ثمّ هاج وماج بحر الصالة بدوي من الهتاف والغناء، وجلجلت الصالة وزلزلت بكلّ مافيها من صخب،وزغاريد ودوي وصفير ورقص وغناء،فلم تعد إلا قامات المحتفلين ترتفع وتهبط، وأياديهم متشابكة في الأعالي،وكأنها تريد أن تتعانق،أو تعانق السماء،ومن صوت الحناجر المدوي، لم تعد تسمع إلا هتافاًواحداً،عام جديد وحظ سعيد،ولفترة تجاوزت العشر دقائق،اختلط فيها الحابل بالنابل،وتعانق فيها الصغير مع الكبير،والبعيد مع القريب،وثارت المشاعر،وتوحدّت القلوب،وصفت النفوس بكأس الشراب،وعلى امتداد صفوف الطاولات التي تزاحمت كراسيها، وضاقت بها صالة النور على وسعها، تبادل الأصدقاء التهاني وكؤوس الراح،والأفراح ورددوا مع شاعرنا( ابراهيم الأحدب)من لبنان:
في سما الأفراح بدر السعد لاح == فاجل شمس الراح واترك قول لاح
وقلت لصديقي الذي كان يشاركنني الطاولة واحتساء كأس المدامة، وكانت من عرق الريان،ما قاله الشاعر ابن الرومي:
رأيتُ كُلَّ شراب لا مَساغَ له == غير المدامةِ إلّا عِند ظمآن
كأسٌ يسوغها الريانُ لذتَها == إذا تأبَّى سواها كُلُّ رَيَّانِ
يَملُّ كلَّ شرابٍ من يُعاقِرُهُ == وشاربُ الراح مشعوفٌ بها عاني
ومضى الاحتفال بعيد رأس السنة حتى بزوغ الفجر، وعلى نفس الوتيرة من الفرح والمرح والمسرة، تخلله إجراء بعض المسابقات والتي شارك فيها بعض الأطفال..تكريماً لهم بهذه المناسبة.عيد سعيد لأطفالنا الأعزاء.
شكراً لجمعية أصدقاء سلمية...
وكلّ عام ...وجميع الأصدقاء، والضيوف الذين شاركونا الاحتفال في ميلاد ليلة رأس سنة2010بألف ألف خير..
ولمنتدى مصياف للجميع ورواده،أطيب الأمنيات والتهاني بالسنة الجديدة.
سلمية في /1/1/2010
الصديق:حيدر حيدر