لمحة عن حياة اهم الشخصيات التي مرت على مدينة مصياف
سنان راشد الدين ( شيخ الجبل )
سنان راشد الدين ( شيخ الجبل )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كانت سوريا من المراكز الهامة في تاريخ الدعوة الأسماعيليةترتبط أرتباط وثيقا" بمقر الأمام الأسماعيلي في ((آلموت)) وكان الأئمة في فارس يرسلون ممثلا لهم وحجج لهم ليتولى الأشراف على شؤون الأسماعيليةولمى انتزعالاسماعليون مصياف من بني منقذ سنة 535 هجرية جعلوها مقرا لممثل الأمام ومركز لنشرالدعوةوتدريب الفدائيةووضع الخطط الحربية للدفاع والهجوم وكانت مصياف تتلقى موجات متواصلة من الاسماعليين المضطهدين الوافدين من الشرق والغرب هربا من السلاجقة والصليبين والمذابح المحلية لذلك قرر مجلس القيادة في آلموت أن يوفد إلى سوريا قائد حكيما يتمكن من السيطرة على الأتباع ووضع حد للخلافات بين الاسماعليين فكان ذلك القائد الفز والحكيم صاحب العلم والحكمة((ســــنان راشـــــــد الديــــن))
ولد سنان بن سليمان بن محمد ويكنى ب(أبي الحسن ) في آلموت سنة 582هجرية وقيل في البصرة في قرية عقر السعدان ،نشأ وتثقف في مدارس آلموت فاظهر نبوغا عجيبا ويذكر أن الأمام حسن (القاهر بقوة الله )كان يرعاه ويعطف عليه كأولاده ولما أكمل دراسته أوفده الأمام إلى العراق سنة 555 هجرية
حيث اختير لتمثيل الأمام الحسن الصباح (على ذكره الســــــــلام)في سورية ،فتوجه إلى حلب وتمكن من أعادة التنظيم إلى صفوف الاسماعيلية وشرع الناس يتوافدون إليه لسماع أحاديثه وحججه القوية فادهش العلماء والفقهاء بما أظهره من مقدرة علمية فائقة
نقل مقره إلى مصياف فوصل متخفيا بزي الصوفية الدراوييش واقام في قرية (بسطريون) دون أن يعرفه أحد يعلم الصبيان القرأة والكتابة ويلقي الدروس لعدة ساعات وكان يعالج المرضى ويوزع الادوية وأشتهر بين سكان المنطقة بالشيخ العراقي الطيب
ولما شاعت اخباره قرر كبير دعاة الاسماعيلية (أبي محمد)الذي كان يقيم في الكهف ،فقرر أن يجتمع معه وبالفعل أجتمع معه وعرض عليه الأقامة في الكهف فوافق سنان على ذلك وظل يعمل على مساعدة الشيخ (ابي محمد) سبع سنوات دون أن يطلعه على المهمة التي أوكلت له وذلك خشية من وقوع أنشقاقات ولكي يتفرغ لدراسة أحوال الأسماعيلية حتى يتمكن من معالجة الاوضاع في المستقبل
اصيب ( ابي محمد) بمرض شديد بعد ان بلغ الثمانين او التسعين من العمر فدخل عليه سنان وأعلن له بقرب وفاته وقدم له كتاب الأمام في آلموت والتي يطلب بها الامام من (ابي محمد) أن يطيع ممثل الامام الجديد (سنان بن محمد) الملقب (راشد الدين) فتاثر (أبي محمد) على مافات وبكى ولكن سنان أخبره أنه فعل ذلك لما فيه خير الجماعة ووحدة الصف فابتسم ومات مرتاح الضمير بعد أن أعلن لاتباعه أن الأمام قد عين (سنان راشد الدين) خلفا له
احتفل بهذه المناسبة احتفال كبير ،وتسلم سنان القيادة ونقل مركزه إلى مصياف (حيث أقام في قلعة مصياف) ووجه اهتمامه إلى أيجاد المدارس التعليمية لتخريج الدعاة ،وشرع بتدريب الشبان على أعمال الفدائية والاعمال العسكرية وعكف على بناء حياة الاسماعيليين على اسس منظمة ،وعمم المدارس ورمم القلاع وحث اتباعه على زراعة الارض وفلاحتها ونشط التجارة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وكان سنان يقضي أيامه متنقلا بين الحصون والقلاع وقد خصص يومين للأقامة في جبل مشهد حيث ينقطع للتأليف ومراقبة النجوم والتأويل ،وكان كل يوم جمعة يخطب بالناس داعيا التمسك باصول المذهب والعمل لما فيه مرضاة الأمام
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يذكر التاريخ أن سنان راشد الدين لعب دورا رئيسا في السياسةالمصرية السورية وكان حجر الثقل في العالم الاسلامي وقف سدا" منيعا" في وجه الصليبيين الذين تسللوا الى الاراضي السورية ،وكانت قوة فدائيته تهدد جميع الملوك والحكام ،وتمكن بواسطتهم من ارغام المسلمين والصلييبيين على مهادنته والعمل على كسب وده
وكان أول نزاع ينشب . بين (سنان) و(نور الدين الزنكي) الذي استولى على شيراز وهاجم بقية القلاع الأسماعيلية دون جدوى فأرسل سنان أحد فداءيته فتمكن من وضع خنجر مسموم ورسالة تهديد عند رأس (نور الدين) تنذره بالموت اذا لم يقلع عن مهاجمة القلاع الأسماعيلية فانصرفت جيوشه في اليوم التالي من الانذار
وبعد وفاة (نور الدين زنكي) تزعم الجبهة الأسلامية (صلاح الدين الأيوبي) الذي اذاق الاسماعليين العذاب في مصر وأحرق المكتبة الأسماعيلية الموجودة في دار الحكمة
تآلم سنان من تلك الأعمال فأوفد الفدائي المخلص (حسن الأكرمي)وأمره بتهديد صلاح الدين في القاهرة فتمكن الفدائي من دخول القصر الملكي و الوصول إلى حجرة صلاح الدين فوجده غارقا" في النوم فترك له خنجرا مسلولا ملطخا بالدم كما ترك بطاقة كتب عليها:
((( اعلم ايها السلطان المغتصب العاتي .....انك وان أقفلت الأبواب ووضعت الحرس لا تستطيع أن تنجوا من القصاص ومن انتقام الأسماعيلية أراك قد بالغتب القحة واستبديت وقتلت وظلمت وسلبت دون أن تحسب حساب لشيخ الجبل الأسماعيلي الذي يقف لك بالمرصاد ولو أردنا قتلك الليلة لفعلنا ولكننا عفونا عنك لعلك تقدر هذا وتعيد الحق إلى أهله وتصلح من سيرتك ولا تحاول أن تعرف من أنا فذلك صعب عليك وبعيد عنك بعد السماء عن الأرض اذ قد أكون أخاك أو خادمك أو حارسك أو زوجك وأنت لا تدري والسلام )))))))
ولما وصلت جحافل صلاح الدين إلى سوريا أغار سنة 571 هجرية على بعض القرى الأسماعيلية في جهات حلب فخرب أعزاز و بزاغة فوثب عليه فدائي وطعنه بسكين في رأسه فجرحه جرحا عميق فتمكن جنود صلاح من القبض عليه وتقطيعه أربا وهجم عليه فدائي أخر وضربه بخنجره فالقي القبض عليه وأعدم فورا .عاد صلاح الدين إلى خيمته مذعورا خشية الأغتيال وصمم على الثأر من زعيم الأسماعيلية في مصياف
فقصد معقل سنان راشد الدين في مدينة مصياف سنة 572هجرية في جيش عظيم ونصب عليها المنجنيقات وعسكر بضواحيها بينما اخذ سنان راشد الدين يتجول في القرى يتفقد امرها ويعدها لليوم الفاصل والمعركة الحاسمة ،وصعد الى قمة جبل مشهد ليرقب الجيش وليستقبل الوفد الذي سيره اليه صلاح الدين لمفاوضته على التسليم برئاسة (محمد الكردي) الذي سلم كتاب صلاح الدين الى سنان فرد عليه سنان برسالة مع الوفد المفاوض قال فيها
(((وقفنا على تفصيله وجمله في اللعجب من ذبابة تطن في اذن فيل ولقد قالها قبلك قوم اخرون فدمرناهم وما كان لهم ناصرون وما صدر من قولك في ضرن العنق فالليل وما وسق لتركبن طبقا على طبق كالباحث عن حتفه بظلفه )))
وتوالت بعد ذلك المفاوضات و التهديدات والوعيد فرد عليه سنان قائلا :
ياذا الذي بقراع السيف هددنا ----- لا قام مصرع جنبي حين تصرعــــه
قام الحمام إلى البازي يروعه ----- واستيقظت لأسودالبر أضبعــــــه
أضحى يسد فم الأفعى باصبعه ----- يكفيه ماقد تلاقي منه اصبعــــه
لو أن عمرك حبلا أنت ماسكه ----- فسوف تعلم يوما"كيف نقطعـــــه
قام الحمام إلى البازي يروعه ----- واستيقظت لأسودالبر أضبعــــــه
أضحى يسد فم الأفعى باصبعه ----- يكفيه ماقد تلاقي منه اصبعــــه
لو أن عمرك حبلا أنت ماسكه ----- فسوف تعلم يوما"كيف نقطعـــــه
ولما شعر سنان ان الرسائل لا تجدي نفعا عمد الى إرسال أحد الفدائية ليلا فدخل خيمة صلاح الدين بالرغم من حيطته والحراسة المشددة فبدل موضع المصابيح التي كانت تنير الخيمة ووضع خنجرا مسموما غرسه في رغيف حار قرب رأس صلاح الدين وبجانبه قطعة من الورق كتب عليها عدة أبيات من شعر سنان :
انا منحناك ثوبا للحياة فـــإن----- كنت الشكور و الا سوف نخلعه
قد قام قف إلى قاف يزعزعه----- كضفدع تحت صخر رام يقلعه
مايسـتحي ثعلب صغر همتـه----- يرســـل إللى أسد الغابة يفزعه
قد قام قف إلى قاف يزعزعه----- كضفدع تحت صخر رام يقلعه
مايسـتحي ثعلب صغر همتـه----- يرســـل إللى أسد الغابة يفزعه
نهض صلاح الدين مبكرا حسب عادته ورأى الخنجر و الكتاب فادرك أن سنان من أشرف وأنبل الرجال اذ لو أراد قتله لما تاخر ،وعلى الفور استدعى صلاح الدين خاله أمير حماة (شهاب الدين) فتوسط بينهم بالصلح شريطة أن تشترك فدائية الأسماعيلية في الحروب الصليبية وبالفعل اسهم الأسماعيلي من بالآف الجنود والفدائية في معركة حطين ،واغتيال القادة الفرنجة في صور وغيرها.
ومن جهة أخرى سعى الصليبييون للتفاوض مع سنان والتحالف معه ضد صلاح الدين لكن سنان رفض ذلك مما أدى إلى حدوث منازعات مستمرة بين الأفرنج وسنان.
ففي عام 588 هجرية هاجم (كونراد مونتفرات) أمير صور على سفينة أسماعيلية في البحر فأرسل إليه سنان فدائييين فقتلاه وقدما رأسه لصلاح الدين فكافأهما وأحسن اليهما ومنحهما دقيقا وأعطى سنان عشر قرى ألحقها بمصياف.
ظل سنان محافظ على نصوص المعاهدة والوعود التي قطعها لصلاح الدين فتوثقت عرى الصداقة بينهما في عهد خلفاء سنان وصلاح الدين .
وفي سنة 588 هـجرية أعلنت وفاة سنان راشد الدين و دفن في احتفال مهيب في قمة جبل المشهد بعد أن خدم الإسماعيلية أكثر من ثلاثين عاما استطاع خلالها أن يقودها عبر الدروب الشاقة و الظروف القاسية إلى أفاق جديدة من الاستقرار و الحياة السعيدة المنظمة وأقام جسرا ثابت الأركان بينها و بين بقية الفرق و الطوائف فعاشت بكنفه شامخة الرأس عزيزة الجانب موفورة الكرامة
ترك سنان العديد من المؤلفات من بينها ديوان شعر و لكنها فقدت بمرور الزمن و لم يبقى منها إلا أقوال و حكم متفرقة في أغلب المخطوطات الإسماعيلية السورية تحت عنوان ( من اللفظ الشريف ) بالإضافة إلى (مناقب سنان راشد الدين)
ومن قصيدة له في الفلسفة الإسماعيلية :
نهاية أعــقـــــال الــعـــقـــول عــقـــال----- و أكـثر سـعــي العـــالمين ضلال
و أرواحهم في وحشة من جســـومهم-----و أكــثـر دنـــيـــاهم عــنا و وبـال
و ما حصلوا من علمهم طول عمرهم-----و أكثر قولهم في الكتب قيل و قال
فـكـم قـد رأيـنـا مـن رجــال و دولـــة ----- فحــالـوا جميعا مسرعين و زالوا
و كــم من جـبـال قـد عـلـتـها ضبابـة----- فزالـت سـريـعا و الـجـبــال جـبـال
و أرواحهم في وحشة من جســـومهم-----و أكــثـر دنـــيـــاهم عــنا و وبـال
و ما حصلوا من علمهم طول عمرهم-----و أكثر قولهم في الكتب قيل و قال
فـكـم قـد رأيـنـا مـن رجــال و دولـــة ----- فحــالـوا جميعا مسرعين و زالوا
و كــم من جـبـال قـد عـلـتـها ضبابـة----- فزالـت سـريـعا و الـجـبــال جـبـال
وهكذا نرى الدور المتميز الذي قام به سنان راشد الدين شيخ الجبل الثالث الذي تتلمذ على يد الإمام القاهر وعلى يد شيخ الجبل الثاني الحسن الصباح الذين كان لهم دور كبير في تأسيس دولة القلاع الإسماعيلية و إنشاء الفدائية التي أبقت الإسماعيلية مرهوبة الجانب من كافة الأعداء الذين حاولوا أن يسيئوا لها أو لأهلها .
ارجو ان اكون وفقت في ايصال المعلومة رغم الاختصار بالشرح
مع تحيات كانونيست ، منتدى مصياف للجميع