يقول الحكيم في هذه القصة أن إبليس قرر ذات يوم أن يتوب إلى ربه وان يرجع عن إثمه ليكرس نفسه لعمل الخير والسير على الصراط المستقيم، فذهب إلى شيخ الأزهر ليتوب على يديه ويدخل بإرشاده في الدين الحنيف فدار الحوار التالي بين إبليس وشيخ الأزهر:
"
-إيمان الشيطان؟ عمل طيب ولكن...
-ماذا؟أليس من حق الناس أن يدخلوا في دين الله أفواجا؟
أليس من آيات الله في كتابه الكريم:فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا؟ هاأنذا أسبح بحمده واستغفره، وأريد أن أدخل في دينه خالصا مخلصا ، وان اسلم ويحسن إسلامي وأكون نعم القدوة للمهتدين!
تأمل شيخ الأزهر العواقب، لو اسلم الشيطان، فكيف يتلـــــــــــى القرآن؟ هل يمضي الناس في قولهم:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟!"
لو تقرر إلغاء ذلك لاستتبع الأمر إلغاء أكثر آيات القرآن..
فان لعن الشيطان والتحذير من عمله ورجسه ووسوسته لمما يشغل من كتاب الله قدرا عظيما.. كيف يستطيع شيخ الأزهر أن يقبل إسلام الشيطان دون أن يمس بذلك كيان الإسلام كله؟!
رفع شيخ الأزهر رأسه ونظر إلى إبليس قائلا: انك جئتني في أمر لا قبل لي به.. هذا شيء فوق سلطتي.. وأعلى من مقدرتي.. ليس في يدي ما تطلب.. ولست الجهة التي تتجه إليها في هذا الشأن.
-إلى من اتجه إذن؟.. ألستم رؤساء الدين؟ كيف أصل إلى الله إذن؟.. أليس يفعل ذلك كل من أراد الدنو من الله؟
اطرق شيخ الأزهر لحظة.. وهرش لحيته ثم قال:
-نية طيبة ولا ريب!.. لكن... على الرغم من ذلك أصارحك أن اختصاصي هو إعلاء كلمة الإسلام، والمحافظة على مجد الأزهر، وانه ليس من اختصاصي أن أضع يدي في يدك".
أي أدرك شيخ الأزهر ضرورة وجود إبليس لإعلاء شأن الدين والمحافظة على مؤسساته. ولو اختفى الشيطان لزال سبب وجوده وذهب مبرر استمراره وكما يقول الحكيم في ذات القصة:
"كيف يمحى إبليس من الوجود دون أن تمحى كل تلك الصور والأساطير والمعاني والمغازي التي تعمر قلوب المؤمنين وتفجر خيالهم؟.. ما معنى يوم الحساب إذا محي الشر من الأرض؟ وهل يحاسب أتباع الشيطان الذين تبعوه قبل إيمانه أم تمحى سيئاتهم مادامت توبة إبليس قد قٌبلت..".
وبعد أن يئس إبليس من شيخ الأزهر صعد إلى السماء مباشرة وتكلم مع جبريل طالبا منه أن يتوسط له عند ربه لينال المغفرة وتقبل توبته فدار الحوار التالي بين إبليس وجبريل:
"- نعم ولكن زوالك من الأرض يزيل الأركان ويزلزل الجدران، ويضيع الملامح ويخلط القسمات، ويمحو الألوان. ويهدم السمات. فلا معنى للفضيلة بغير وجود الرذيلة.. ولا للحق بغير الباطل.. ولا للطيب بغير الخبيث .. ولا للأبيض بغير الأسود.. ولا للنور بغير الظلام.. بل ولا للخير بغير الشر.. بل إن الناس لا يرون نور الله إلا من خلال ظلامك.. وجودك ضروري في الأرض ما بقيت الأرض مهبطا لتلك الصفات العليا التي أسبغها الله على بني إسرائيل!
-وجودي ضروري لوجود الخير ذاته؟! نفسي المعتمة يجب أن تظل هكذا تعكس نور الله!. سأرضى بنصيبي الممقوت من اجل بقاء الخير ومن اجل صفاء الله.. ولكن.. هل تظل النقمة لاحقة بي واللعنة لاصقة باسمي على الرغم مما يسكن قلبي من حسن النية ونبيل الطوية..
-عفوك يا ربي! لماذا احمل هذا الوقر العنيف، لماذا كتب علي هذا القدر المخيف؟ ..لماذا لا تجعل مني الآن ملاكا بسيطا من ملائكتك، يباح له حبك وحب نورك؟ ويثاب على هذا الحب بالعطف منك والحمد من الناس؟ هاأنذا احبك حبا لا مثيل له ولا شبيه .. حبا يستوجب مني هذه التضحية التي لم تدركها الملائكة ولم يعرفها البشر.. حبا يقتضي الرضا بارتداء ثوب المعصية لك، والظهور في لبوس المتمرد عليك حبا يستلزم مني احتمال لعنتك علي ولعنة الناس. حبا لا تسمح لي حتى بشرف ادعائه. ولا بفرح الانتساب إليه.. حبا إذا كتمه النساك ملأ صدروهم نورا.. وأنا اكتمه، ولكن نوره يأبى من صدري اقترابا..
وبكى إبليس.. وترك السماء مذعنا.. وهبط الأرض مستسلما.. ولكن زفرة مكتومة انطلقت من صدره وهو يخترق الفضاء.. رددت صداها النجوم والأجرام، في عين الوقت كأنها اجتمعت كلها معها لتلفظ تلك الصرخة الدامية.
إني شـهـيد ! .. إني شهــيـد !.."
"
-إيمان الشيطان؟ عمل طيب ولكن...
-ماذا؟أليس من حق الناس أن يدخلوا في دين الله أفواجا؟
أليس من آيات الله في كتابه الكريم:فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا؟ هاأنذا أسبح بحمده واستغفره، وأريد أن أدخل في دينه خالصا مخلصا ، وان اسلم ويحسن إسلامي وأكون نعم القدوة للمهتدين!
تأمل شيخ الأزهر العواقب، لو اسلم الشيطان، فكيف يتلـــــــــــى القرآن؟ هل يمضي الناس في قولهم:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟!"
لو تقرر إلغاء ذلك لاستتبع الأمر إلغاء أكثر آيات القرآن..
فان لعن الشيطان والتحذير من عمله ورجسه ووسوسته لمما يشغل من كتاب الله قدرا عظيما.. كيف يستطيع شيخ الأزهر أن يقبل إسلام الشيطان دون أن يمس بذلك كيان الإسلام كله؟!
رفع شيخ الأزهر رأسه ونظر إلى إبليس قائلا: انك جئتني في أمر لا قبل لي به.. هذا شيء فوق سلطتي.. وأعلى من مقدرتي.. ليس في يدي ما تطلب.. ولست الجهة التي تتجه إليها في هذا الشأن.
-إلى من اتجه إذن؟.. ألستم رؤساء الدين؟ كيف أصل إلى الله إذن؟.. أليس يفعل ذلك كل من أراد الدنو من الله؟
اطرق شيخ الأزهر لحظة.. وهرش لحيته ثم قال:
-نية طيبة ولا ريب!.. لكن... على الرغم من ذلك أصارحك أن اختصاصي هو إعلاء كلمة الإسلام، والمحافظة على مجد الأزهر، وانه ليس من اختصاصي أن أضع يدي في يدك".
أي أدرك شيخ الأزهر ضرورة وجود إبليس لإعلاء شأن الدين والمحافظة على مؤسساته. ولو اختفى الشيطان لزال سبب وجوده وذهب مبرر استمراره وكما يقول الحكيم في ذات القصة:
"كيف يمحى إبليس من الوجود دون أن تمحى كل تلك الصور والأساطير والمعاني والمغازي التي تعمر قلوب المؤمنين وتفجر خيالهم؟.. ما معنى يوم الحساب إذا محي الشر من الأرض؟ وهل يحاسب أتباع الشيطان الذين تبعوه قبل إيمانه أم تمحى سيئاتهم مادامت توبة إبليس قد قٌبلت..".
وبعد أن يئس إبليس من شيخ الأزهر صعد إلى السماء مباشرة وتكلم مع جبريل طالبا منه أن يتوسط له عند ربه لينال المغفرة وتقبل توبته فدار الحوار التالي بين إبليس وجبريل:
"- نعم ولكن زوالك من الأرض يزيل الأركان ويزلزل الجدران، ويضيع الملامح ويخلط القسمات، ويمحو الألوان. ويهدم السمات. فلا معنى للفضيلة بغير وجود الرذيلة.. ولا للحق بغير الباطل.. ولا للطيب بغير الخبيث .. ولا للأبيض بغير الأسود.. ولا للنور بغير الظلام.. بل ولا للخير بغير الشر.. بل إن الناس لا يرون نور الله إلا من خلال ظلامك.. وجودك ضروري في الأرض ما بقيت الأرض مهبطا لتلك الصفات العليا التي أسبغها الله على بني إسرائيل!
-وجودي ضروري لوجود الخير ذاته؟! نفسي المعتمة يجب أن تظل هكذا تعكس نور الله!. سأرضى بنصيبي الممقوت من اجل بقاء الخير ومن اجل صفاء الله.. ولكن.. هل تظل النقمة لاحقة بي واللعنة لاصقة باسمي على الرغم مما يسكن قلبي من حسن النية ونبيل الطوية..
-عفوك يا ربي! لماذا احمل هذا الوقر العنيف، لماذا كتب علي هذا القدر المخيف؟ ..لماذا لا تجعل مني الآن ملاكا بسيطا من ملائكتك، يباح له حبك وحب نورك؟ ويثاب على هذا الحب بالعطف منك والحمد من الناس؟ هاأنذا احبك حبا لا مثيل له ولا شبيه .. حبا يستوجب مني هذه التضحية التي لم تدركها الملائكة ولم يعرفها البشر.. حبا يقتضي الرضا بارتداء ثوب المعصية لك، والظهور في لبوس المتمرد عليك حبا يستلزم مني احتمال لعنتك علي ولعنة الناس. حبا لا تسمح لي حتى بشرف ادعائه. ولا بفرح الانتساب إليه.. حبا إذا كتمه النساك ملأ صدروهم نورا.. وأنا اكتمه، ولكن نوره يأبى من صدري اقترابا..
وبكى إبليس.. وترك السماء مذعنا.. وهبط الأرض مستسلما.. ولكن زفرة مكتومة انطلقت من صدره وهو يخترق الفضاء.. رددت صداها النجوم والأجرام، في عين الوقت كأنها اجتمعت كلها معها لتلفظ تلك الصرخة الدامية.
إني شـهـيد ! .. إني شهــيـد !.."