طبيب الإنسانية الدكتور الفنان أحمد شحادة
في زمن فقدان الطبيب الناجح وغياب الدواء الشافي فقدنا الدكتور أحمد شحادة
في زمن غياب الموسيقا الراقية واللحن الجميل ... فقدنا الفنان أحمد شحادة
.في زمن عز علينا وجود الإنسان الصادق العصامي المتواضع الحكيم فقدنا أحمد الإنسان
رحل الطبيب الإنسان والفنان يوم الأحــد 28/3/2010
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كان الدكتور احمد يشعر بالفقراء وغالبا ما يعطي الدواء المجاني لهم
وهمس لنا احد المقربين انه كان لا يثق بمعظم الأطباء في هذا الزمن حيث أن المادة صبغت كل مناحي الحياة
( الأطباء..... والمهندسين والمعلمين والمجتمع بأسره )
كان الطبيب قديما يقال له حكيم لأنه كان طبيب الروح والجسد أما الآن فهو طبيب الجسد فقط
وهدفه ليس صحة الجسد وإنما المبالغ التي سيحصل عليها فيما بعد
كان لا يحب المشافي الخاصة وللأسف وقع ضحية إحدى هذه المشافي حيث أجريت له عملية جراحية ( قلب مفتوح )
وتوفي بعد معاناة دامت قرابة شهرين في المشفى وكان يقول الأطباء العملية ناجحة وان وضعه جيد وسيتحسن
وكان الدكتور يعلم انه ليس بخير وانه لا يتحسن بل وضعه يسوء فقال أنها ( مشفى غوانتانامو التخصصي )
وليست مشفى السلام.
ورغم انه طبيب عام فقد كان يهتم بالمريض ويبحث في المراجع حول وضعه من اجل التشخيص الدقيق
وكثيرا ما شخص حالات مرضية بشكل اصح من أطباء اختصاصيين وهذه شهادة كثير من المرضى في منطقة مصياف
وشهادة كثير من زملاؤه في العمل .
وقد قال احد زملائه انه متوازن مع نفسه ومتواضع بالمعلومة الطبية وتتوفر فيه شروطا الطبيب الناجح
( العلم والخبرة والإنسانية ) .
قال الأستاذ محمد أبو حمود عن صديقه الحميمي الدكتور أحمد شحادة :
كان (حالة خاصة) من صفاء أخلاقي....وإبداع مهني ... وزهد مادي.
أين ثمة من يتسم بهذه الصفات في هذا الزمن الموحش والمتوحش؟
كثر من سيفتقدونه بحنين ضار. كثر من سيبحثون عن حالة موازية.
لكنهم سيحتاجون لــ(مجهر) لتقع أعينهم على حالة شبيهة.
ان الدكتور احمد ليس طبيبا إنسانيا ناجحا فقط بل هو فنان
فلقد أسس فرقة مصياف للتراث والموسيقا منذ حوالي ثلاثون عاما وهذه الفرقة تقدم الفن الجميل الأصيل
من موشحات وادوار ومقطوعات موسيقية متنوعة بل انه ألف العديد من المقطوعات مثل
سماعي شت عربان أحمد شحادة ولونغا شهناز ومقطوعات أخرى لم ينشرها .
لقد تعلم الموسيقا في معهد منزله وكان هاويا للموسيقا وليس محترفا
وبالتالي عدم الاحتراف لا يعني عدم الهيام بالموسيقا كان يكتب النوط للفرقة
ويدربهم عليها ويجمع المشاركين في منزله .
فعنده رسالة الفن الجميل وعليه ان يؤدي هذه الرسالة ويكتشف القديم الجديد في الموسيقا .
وهذه الفرقة بقيادة الدكتور احمد شحادة قدمت حفلات كثيرة ناجحة في منطقة مصياف وخارجها
وشاركت في مهرجانات متعددة مثل مهرجان ربيع حماه لعشر دورات واحتفالات يوم السياحة العالمي
ومهرجان السياحة بتدمر والسلمية ومهرجان البادية ومهرجان التراث والثقافة الشعبية في تل ابيض
وحصلت فيه على درع المهرجان وآخر مهرجان كان بالرقة وقد لاقي استحسان كبير
وقد منحت الفرقة بقيادة الدكتور احمد درع المهرجان الفني الثالث عشر في حمص عام 2001 .
وكانت كثيرا من الفرق تشارك في مهرجانات مصياف مثل فرقة حمص وفرقة ( حلب اساطين الفن ) –
فرقة نادي الخيام من حمص وفرقة منتدى الاثنين من حماه مما خلق تواصلا كاملا مع فرقة مصياف .
وكان من الضيوف السيد سعد الله آغا القلعة وزير السياحة الذي حضر وعزف على القانون
وكان هناك ندوات تكريم قدمتها الفرقة بقيادته حيث قدمت أغاني من الحان محمد محسن
الذي يعد من أهم الفنانين المنشدين السوريين والذي لحن أغاني عديدة للسيدة فيروز منها
( جاءت معذبتي – أحب من الأسماء – هل تعلمين – سيد الهوى)
وكرمت فنانين آخرين مثل صبري المدلل وابراهيم جودت وعدنان ابو الشامات وهادي بقدونس
قال صديقه السيد منذر عطفة مدير المركز الثقافي في مصياف :
إن د. احمد رجل متفاني في عمله كطبيب وفنان لقد فتح بيته لتدريبات الفرقة
وأوصى ان تستمر بعد وفاته وهذه من مكرماته الكبيرة التي تدل على روح جماعية عالية المستوى
لقد ترك في قلبي غصة لا تنسى.
كمال قال السيد رفعت عطفة رئيس المركز الثقافي السابق:
الذي كانت تربطه علاقة صداقة واحترام متبادل مع الدكتور أحمد لقد مر على مدينة مصياف من حيث الطب
الدكتور يوسف العبد الله طبيب الفقراء وها هو الدكتور أحمد شحادة يعيد ذكرى الدكتور يوسف
الذي كان يوظف مهنته الإنسانية الراقية لخدمة الفقراء والمساكين والمحتاجين وصدق ما قيل في كل منهما
( انه طبيب الفقراء ) .
وعن شخصيته قال : يتميز الدكتور احمد شحادة بأنه شخصية عصامية .
ان موقفه من الفساد كان واضحاً فهو صاحب مبدأ فقد قدم استقالته من عمله في الصحة المدرسية وهو في ريعان شبابه
لعدم موافقته على منح التقارير الطبية الوهمية لمن لا يستحقها حتى اقرب المقربين له
حيث لم يكن لديه إلا موقف واحد واضح للجميع بشهادة إحدى قريباته التي قالت :
لقد احتجت للتغيب عن دوامي كمدرسة عدة أيام فرفض إعطائي تقريراً طبياً وقالي لي
أن الطلاب في المدرسة بحاجة إليك أمانة الطلاب في عنقك إنهم جيل المستقبل .
أما المغنية في الفرقة السيدة ريم عادلة والتي كانت تربطها مع الدكتور احمد علاقة قوية
والذي كان يهتم بصوتها الجميل وحضورها المميز حتى لقبها بجوهرة الفرقة وكانت تؤدي الغناء الفردي قالت :
أني ساهدي كل الأغاني التي أغنيها إلى روحه الطاهرة .
الاستاذ محمد طيبا عازف على العود قال :
إن الدكتور احمد كان صديقا لنا يحب الجميع وكان هاجسه أن تبقى الفرقة يدا واحدة وكان يقول:
إن الموسيقا تحصيل حاصل والاهم أن تتمسك الفرقة بوحدتها وتترفع عن كل الحساسيات ،
لقد كان يحبنا ويبذل الجهد المادي والمعنوي في سبيل نجاح الفرقة يقدم كل ما بوسعه لكي يسعدنا
ويستضيف الموجودين بتواضع وحب وتسامح.
افتقدناه كثيرا وسنبقى نشتاق له ما حيينا فالمحبة التي غمرنا بها ستكفينا مدى الحياة عرفانا بجميله.
أما زوجة الدكتور أحمد فقد سبقت دموعها كلماتها وهي تقول:
لقد رافقت الأوجاع والآلام زوجي منذ كان طالباً في الجامعة ورغم ذلك فقد تحدى الآلام .
لقد كان يقول الشعر ولكنه لم يدونه ومما قاله قبل خضوعه لأول عملية جراحة قلب مفتوح منذ 35 عاماً حيث كتب :
غني يا أزهار الزنبق واحتضني قلباً يتمزق
لم يهزمني بل ثبت في نفسي احساساً أعمق
إني سأكون أنا الأقوى لن يهدأ صوتي لن يخنق
سأعيش سألهو سأغني سأحرر صوتي وسأعشق
لم يهزمني بل ثبت في نفسي احساساً أعمق
إني سأكون أنا الأقوى لن يهدأ صوتي لن يخنق
سأعيش سألهو سأغني سأحرر صوتي وسأعشق
وقد بقي من الذاكرة ما قاله:
لكن قلبي فاق كل علومهم ببساطة وبدقة وأناة
نسخ الحبيب مخبأً في عمقه مستغرقاً في أروع اللحظات
يصغي لهمسة نبضه مترنماً لهفاً ليبدع أعذب النغمات
نسخ الحبيب مخبأً في عمقه مستغرقاً في أروع اللحظات
يصغي لهمسة نبضه مترنماً لهفاً ليبدع أعذب النغمات
نسخ الحبيب مخبأً في عنقه مستغرقاً في أروع اللحظات يصغي لهمسة نبضه مترنماً لهفاً ليبدع أعذب النغمات .
قالت زوجته :
انه كان يرى كثيرا من الامراض نتيجة سوء التربية لذلك كان يتعامل مع المرضى بإحساس شفاف وتربوي
ومع أولاده بثقة كبيرة بالحوار والنقاش ويعطيهم كثيرا من المعنويات حتى في اختيار دراستهم الجامعية
وعملهم واختيار أصدقائهم .
قالت سوسن ابنته :
إن أبي ديمقراطي يتركنا نتخذ قراراتنا ونتحمل مسؤوليتها لم يفرض علينا شئ في حياتنا حتى الدراسة والعمل
وكان يحترم ذوقنا في كل شيء حتى في سماع الأغاني فلم يفرض علينا الأغاني التراثية التي كان يعشقها ويحبها.
فمثلا أخي اختار دراسة هندسة البترول وعندا تخرج همس والدي في أذنه انه كان يفضل له فرعاً آخر
لكنه لم يخبره بذلك حتى لا يؤثر ذلك على قراره .
إن هذه الأشياء أثرت على أن تكون شخصياتنا مستقلة ومتوازنة وهذه مسؤوليتنا ان نسير على نهجه
ونتمثل به فهو قدوتنا في الحياة ونحن سنسعى للنجاح والتفوق والتميز والابداع .
كان أبي ينصت إلى كل من حوله يستمع بقلبه وروحه هادئا متأملا يفكر في صمت ومثقفاً يقرأ كثيرا
ويتابع الأخبار الثقافية والطبية والأدبية.
قال ابنه انس :
ان ابي كان مجتهداً في كل شئ وكان يقدر الوقت ويستثمره في المفيد ، وكان يقول لنا دائماً لكل مجتهد نصيب .
والتقيت أخته سعاد قالت:
اخي كان محبا للعائلة يراعي الكبير والصغير ويستمع الى همومنا ومشاكلنا
لقد كان اخاً وأباً بآن واحد مسالما متسامحا مع الجميع كتوما للاسرار
لا اصدق انه غاب عنا فهو المرجع والملاذ ومستودع الاسرار والهموم والمتاعب ،
لم يكن يبحث عن الشهرة والمديح بل كانت الشهرة هي التي تبحث عنه .
وبعد وفاته أنصفته الناس فقالت عنه الطبيب الانسان .
لقد ودعنا بعد أن أدى رسالته في الحياة وترك بصمة رائعة في حياتنا لا ننساها
بأنامله كان يعزف على العود ويقود الفرقة الموسيقية ويسمع الناس أجمل الألحان
وبنفس تلك الأنامل كان يداوي المرضى ويخفف عنهم آلامهم .
خسرناك جميعا يا طبيب الانسانية ونتمنى أن تكون قدوة للأطباء يحتذون بك ،
فأنت فعلا طبيب الفقراء الحكيم
نحن أوفياء ومخلصين لك يا دكتور أحمد فأنت فعلاً إنسان وطبيب ناجح وفنان .
ختام شهير الزير