أجمع المؤرخون الآثاريون أن عهد الرومان في بلاد الشام كان غنياً ببناء العديد من القلاع في حوالي عام 44 ق م ، وكان أشهرها ما توضع على الجبال الغربية بقصد تأمين مواصلاتهم عبرها من الساحل السوري إلى الداخل، وحتى لا تكون هذه الجبال موئلاً للعصاة وقطاع الطرق، وأشهر هذه القلاع وهي: "قلعة الحصن" و"قلعة عكار" و"قلعة الخوابي" و"قلعة القدموس" و"برج المرقب" و"برج يحمور" و"قلعة المينقة" وقلعة "صلاح الدين" و"قلعة مصياف" و"برج سليمان".
وهكذا كانت قلعة "مصياف" بين القلاع المبنية في العهد الروماني واستمراراً للعهد البيزنطي، ويؤكد المستشرق "فان برشم" بناءها في العهد "الروماني- البيزنطي" في كتاباته. كما يؤكد "فولفغانع ميلر-فينر" بما كتبه (أن البيزنطيين وجدوا "قلعة مصياف" قائمة من العهد الروماني الأسبق عندما ركزوا وجودهم في بلاد الشام معتمدين على مراكز عسكرية كالقلاع والحصون).
هذا ما حدثنا به الباحث والأديب "محمد عزوز" ليتابع حديثه عمّا بناه الرومان والبيزنطيون من قلعة "مصياف" قائلاً: «كما ورد في الدراسات الأثرية لقلعة "مصياف"، نتبين أن الطابقين السفليين المتوضعين على القاعدة الصخرية مباشرة هما من بناء الرومان، كما أن الأبراج الدائرية حول النتوء الصخري تعاصر هذا العهد وتستمر في تواجدها إلى العهد البيزنطي حتى عام \550م\.»
ويعتبر العهد "البيزنطي" عهد تدعيم لوجود القلاع واستمرارها نظراً للإستراتيجية التي اعتمدتها الدولة البيزنطية بعد الانفصال عن "روما" الأم باتجاهها إلى تدعيم وجودها في آسيا الصغرى (تركية) وفي "بلاد الشام" وحتى "مصر" فاهتمت بالقلاع وزاد من اهتمامها محاولة السيطرة على "البحر الأبيض المتوسط" بجزأيه الأوسط والشرقي وامتداده في البر داخل البر "الآسيوي والأفريقي والأوروبي" بمراكز دفاعية هجومية كانت القلاع مادتها الأولى.
وعن مدى اهتمام "البيزنطيين" بوجود القلاع أجاب: «نتبين مدى اهتمام "البيزنطيين" بوجود القلاع المنتشرة على سواحل "البحر الأبيض المتوسط" وامتداداً إلى الداخل، حيث المواقع الإستراتيجية العسكرية والتجارية، وتتميز نماذج البناء في هذا العهد بوجود الأقواس والعقود المنحنية والرباعية وذلك في الأبراج المحيطة بالقلاع والبوابة كما في "قلعة مصياف".
كما اهتم "البيزنطيون" بتدعيم القلاع بالصيانة والبناء مما جعل عملها هذا امتداداً للعهد الروماني الأسبق، ومن هنا نالت "قلعة مصياف" الاهتمام الزائد نظراً لموقعها المتميز وإستراتيجيتها عسكرياً وتجارياً لوقوعها على شبكة من الطرق في جميع الاتجاهات».
وعن أعمال الترميم التي طرأت على بناء القلعة في تلك العصور قال: «من الملاحظ أن ما بناه الرومان والبيزنطيون قد تداخلت فيه العديد من الترميمات التي جاءت في العهد الإسلامي نظراً لتعاقب الزلازل، وتهديم الحواشي السائبة غير المرتكزة على القاعدة الصخرية التي بنيت عليها القلعة أصلاً، وجاءت هذه الترميمات مخالفة لفن البناء الروماني، كما أن هذه الترميمات تعددت في أنواعها وأساليب بنائها حسب العصور المتعاقبة التي كان يقوم بها ساكنو القلعة للمحافظة عليها قوية يمكن الالتجاء إليها للاحتماء فيها من الأخطار الوافدة إبان العصور المتلاحقة.
ومن المؤكد أن جزأين أساسيين من قلعة "مصياف" بنيا في العهد الروماني وامتداده العهد البيزنطي وهما:
1- الأقبية السفلية المستندة على القاعدة الصخرية
2- البناء الخارجي المستند إلى حافة النتوء الصخري، والذي يحتوي على الأبراج الخارجية المتصلة بالبوابة والأقبية الشرقي والغربي والممرات وسور الشرفة الأولى الذي لم يبق منه إلا الجزء المتوضع قبالة بوابة القلعة من الجهة الجنوبية، وكذلك سور الشرفة الثانية ومن الملاحظ أن بوابة القلعة قد رممت في السبعينيات من القرن الماضي بإشراف المهندس "ربيع دهمان" الذي ثبت فيها مرامي السهام العليا وكذلك مساقط النفط المحروق والكلس المطفأ».
وعن مراحل تطور القلعة في العهد الإسلامي حدّثنا الباحث "محمد عزوز" قائلاً: «جاء العهد الإسلامي بعد
احتلال العرب المسلمين لبلاد الشام وتوسعهم إلى مناطق واسعة من "آسيا" و"إفريقية"، ولم يهتم العرب المسلمون في البدء بالقلاع ولم يولوها رعاية باعتبارهم تجاوزوها بفتوحاتهم، ولم تشكل أهمية خاصة بدولهم المتعاقبة من العهد "الراشدي" ثم "الأموي"، ولكن في العهد "العباسي" بعد الخليفة "المعتصم" في القرن الثاني للهجرة ظهرت بوادر الضعف في الدولة "العباسية" مما أدى لانسلاخ أجزاء عن جسم الدولة الأمر الذي وجه رؤساء دول الطوائف المنقطعة عن الدولة "العباسية" للعودة إلى المراكز العسكرية المحصنة، فظهرت الاهتمامات بالقلاع وتحصيناتها، وذلك ما أورده الباحث التاريخي الأستاذ "ميشيل لباد" عن قلعة "مصياف" قوله: كانت قلعة مصياف بعد الفتح العربي الإسلامي تابعة لمدينة "حمص" خلال الحكم "الأموي"، لكنها تبعت الطولونيين في "مصر" خلال حكم "أحمد بن طولون"، ومن ثم ظهرت أهميتها في عهد "الإخشيديين والحمدانيين" إذ احتدمت المنافسات من القوى الحاكمة في بلاد الشام ومصر مما أعاد لقلعة "مصياف" أهميتها الإستراتيجية».
وعن أهم من امتلك قلعة "مصياف" أجاب: «امتلكها "الحمدانيون" سنة \357هـ – 967م\ في عهد الأمير "سيف الدولة الحمداني"، ولكنها لم تستمر تحت سيطرتهم إذ لم يستطع الأمراء الحمدانيون الضعاف الاحتفاظ بها أمام مطامع البيزنطيين بالتوسع بقيادة "عقفور فوكاس" الذي عقد مع الأمير "سعد الدولة الحمداني" معاهدة نصت على نقل السلطة في قلعة "مصياف" إلى "البيزنطيين" عام \359هـ – 969م \، وأصبح "البيزنطيون" يجاورون "الفاطميين" الذين احتلوا المناطق الجنوبية من بلاد الشام، ولما توسع الفاطميون شمالاً باتجاه مدينة "حلب" زمن الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله" انتقلت "مصياف" من الحكم البيزنطي إلى الحكم الفاطمي.
ولما أنشأ "بنو مرداس" إمارتهم في "حلب" امتد سلطانهم لاحتواء "قلعة مصياف" حتى سنة\ 420هـ – 1029م\ حيث استعادها الفاطميون، ثم انتقلت تبعيتها إلى "بني منقذ" وإمارتهم الناشئة في قلعة "شيزر" سنة \474هـ – 1081م\ نتيجة توسعهم وسط بلاد الشام، فأصبحت "مصياف" إمارة تابعة لهم، وكان أهم ما خاف منه الأمراء المنقذيون حكام "شيزر" هو هجوم الصليبيين على القلعة إبان مرورهم من قربها عام \492هـ – 1098م\، ولكن أميراً قدم للصليبيين أموالاً ومؤونة وأرشدهم على الطريق التي توصلهم إلى بيت المقدس مروراً بقلعة الحصن (الأكراد) ومنها إلى طرابلس الشام.
وعندما قامت إمارة الاسماعيليين في قلاع الجبال الغربية وملكوا قلاع "الكهف" و"القدموس" و"الخوابي" في عهد الداعي الاسماعيلي "أبو محمد"، إذ اتجه لتملك "قلعة مصياف" عام \535هـ – 1140م\ مستفيداً من تجمع الاسماعيليين بعد نكبات متلاحقة في كل من مدينة "حلب" و"دمشق" إبان الحكم السلجوقي لبلاد الشام».
ـــــــــــــــــــــــ
يتبع ..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وهكذا كانت قلعة "مصياف" بين القلاع المبنية في العهد الروماني واستمراراً للعهد البيزنطي، ويؤكد المستشرق "فان برشم" بناءها في العهد "الروماني- البيزنطي" في كتاباته. كما يؤكد "فولفغانع ميلر-فينر" بما كتبه (أن البيزنطيين وجدوا "قلعة مصياف" قائمة من العهد الروماني الأسبق عندما ركزوا وجودهم في بلاد الشام معتمدين على مراكز عسكرية كالقلاع والحصون).
هذا ما حدثنا به الباحث والأديب "محمد عزوز" ليتابع حديثه عمّا بناه الرومان والبيزنطيون من قلعة "مصياف" قائلاً: «كما ورد في الدراسات الأثرية لقلعة "مصياف"، نتبين أن الطابقين السفليين المتوضعين على القاعدة الصخرية مباشرة هما من بناء الرومان، كما أن الأبراج الدائرية حول النتوء الصخري تعاصر هذا العهد وتستمر في تواجدها إلى العهد البيزنطي حتى عام \550م\.»
ويعتبر العهد "البيزنطي" عهد تدعيم لوجود القلاع واستمرارها نظراً للإستراتيجية التي اعتمدتها الدولة البيزنطية بعد الانفصال عن "روما" الأم باتجاهها إلى تدعيم وجودها في آسيا الصغرى (تركية) وفي "بلاد الشام" وحتى "مصر" فاهتمت بالقلاع وزاد من اهتمامها محاولة السيطرة على "البحر الأبيض المتوسط" بجزأيه الأوسط والشرقي وامتداده في البر داخل البر "الآسيوي والأفريقي والأوروبي" بمراكز دفاعية هجومية كانت القلاع مادتها الأولى.
وعن مدى اهتمام "البيزنطيين" بوجود القلاع أجاب: «نتبين مدى اهتمام "البيزنطيين" بوجود القلاع المنتشرة على سواحل "البحر الأبيض المتوسط" وامتداداً إلى الداخل، حيث المواقع الإستراتيجية العسكرية والتجارية، وتتميز نماذج البناء في هذا العهد بوجود الأقواس والعقود المنحنية والرباعية وذلك في الأبراج المحيطة بالقلاع والبوابة كما في "قلعة مصياف".
كما اهتم "البيزنطيون" بتدعيم القلاع بالصيانة والبناء مما جعل عملها هذا امتداداً للعهد الروماني الأسبق، ومن هنا نالت "قلعة مصياف" الاهتمام الزائد نظراً لموقعها المتميز وإستراتيجيتها عسكرياً وتجارياً لوقوعها على شبكة من الطرق في جميع الاتجاهات».
وعن أعمال الترميم التي طرأت على بناء القلعة في تلك العصور قال: «من الملاحظ أن ما بناه الرومان والبيزنطيون قد تداخلت فيه العديد من الترميمات التي جاءت في العهد الإسلامي نظراً لتعاقب الزلازل، وتهديم الحواشي السائبة غير المرتكزة على القاعدة الصخرية التي بنيت عليها القلعة أصلاً، وجاءت هذه الترميمات مخالفة لفن البناء الروماني، كما أن هذه الترميمات تعددت في أنواعها وأساليب بنائها حسب العصور المتعاقبة التي كان يقوم بها ساكنو القلعة للمحافظة عليها قوية يمكن الالتجاء إليها للاحتماء فيها من الأخطار الوافدة إبان العصور المتلاحقة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ومن المؤكد أن جزأين أساسيين من قلعة "مصياف" بنيا في العهد الروماني وامتداده العهد البيزنطي وهما:
1- الأقبية السفلية المستندة على القاعدة الصخرية
2- البناء الخارجي المستند إلى حافة النتوء الصخري، والذي يحتوي على الأبراج الخارجية المتصلة بالبوابة والأقبية الشرقي والغربي والممرات وسور الشرفة الأولى الذي لم يبق منه إلا الجزء المتوضع قبالة بوابة القلعة من الجهة الجنوبية، وكذلك سور الشرفة الثانية ومن الملاحظ أن بوابة القلعة قد رممت في السبعينيات من القرن الماضي بإشراف المهندس "ربيع دهمان" الذي ثبت فيها مرامي السهام العليا وكذلك مساقط النفط المحروق والكلس المطفأ».
وعن مراحل تطور القلعة في العهد الإسلامي حدّثنا الباحث "محمد عزوز" قائلاً: «جاء العهد الإسلامي بعد
احتلال العرب المسلمين لبلاد الشام وتوسعهم إلى مناطق واسعة من "آسيا" و"إفريقية"، ولم يهتم العرب المسلمون في البدء بالقلاع ولم يولوها رعاية باعتبارهم تجاوزوها بفتوحاتهم، ولم تشكل أهمية خاصة بدولهم المتعاقبة من العهد "الراشدي" ثم "الأموي"، ولكن في العهد "العباسي" بعد الخليفة "المعتصم" في القرن الثاني للهجرة ظهرت بوادر الضعف في الدولة "العباسية" مما أدى لانسلاخ أجزاء عن جسم الدولة الأمر الذي وجه رؤساء دول الطوائف المنقطعة عن الدولة "العباسية" للعودة إلى المراكز العسكرية المحصنة، فظهرت الاهتمامات بالقلاع وتحصيناتها، وذلك ما أورده الباحث التاريخي الأستاذ "ميشيل لباد" عن قلعة "مصياف" قوله: كانت قلعة مصياف بعد الفتح العربي الإسلامي تابعة لمدينة "حمص" خلال الحكم "الأموي"، لكنها تبعت الطولونيين في "مصر" خلال حكم "أحمد بن طولون"، ومن ثم ظهرت أهميتها في عهد "الإخشيديين والحمدانيين" إذ احتدمت المنافسات من القوى الحاكمة في بلاد الشام ومصر مما أعاد لقلعة "مصياف" أهميتها الإستراتيجية».
وعن أهم من امتلك قلعة "مصياف" أجاب: «امتلكها "الحمدانيون" سنة \357هـ – 967م\ في عهد الأمير "سيف الدولة الحمداني"، ولكنها لم تستمر تحت سيطرتهم إذ لم يستطع الأمراء الحمدانيون الضعاف الاحتفاظ بها أمام مطامع البيزنطيين بالتوسع بقيادة "عقفور فوكاس" الذي عقد مع الأمير "سعد الدولة الحمداني" معاهدة نصت على نقل السلطة في قلعة "مصياف" إلى "البيزنطيين" عام \359هـ – 969م \، وأصبح "البيزنطيون" يجاورون "الفاطميين" الذين احتلوا المناطق الجنوبية من بلاد الشام، ولما توسع الفاطميون شمالاً باتجاه مدينة "حلب" زمن الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله" انتقلت "مصياف" من الحكم البيزنطي إلى الحكم الفاطمي.
ولما أنشأ "بنو مرداس" إمارتهم في "حلب" امتد سلطانهم لاحتواء "قلعة مصياف" حتى سنة\ 420هـ – 1029م\ حيث استعادها الفاطميون، ثم انتقلت تبعيتها إلى "بني منقذ" وإمارتهم الناشئة في قلعة "شيزر" سنة \474هـ – 1081م\ نتيجة توسعهم وسط بلاد الشام، فأصبحت "مصياف" إمارة تابعة لهم، وكان أهم ما خاف منه الأمراء المنقذيون حكام "شيزر" هو هجوم الصليبيين على القلعة إبان مرورهم من قربها عام \492هـ – 1098م\، ولكن أميراً قدم للصليبيين أموالاً ومؤونة وأرشدهم على الطريق التي توصلهم إلى بيت المقدس مروراً بقلعة الحصن (الأكراد) ومنها إلى طرابلس الشام.
وعندما قامت إمارة الاسماعيليين في قلاع الجبال الغربية وملكوا قلاع "الكهف" و"القدموس" و"الخوابي" في عهد الداعي الاسماعيلي "أبو محمد"، إذ اتجه لتملك "قلعة مصياف" عام \535هـ – 1140م\ مستفيداً من تجمع الاسماعيليين بعد نكبات متلاحقة في كل من مدينة "حلب" و"دمشق" إبان الحكم السلجوقي لبلاد الشام».
ـــــــــــــــــــــــ
يتبع ..