يقولون: «قلب الأم دليلها. وقلب "جولييت" ما انفك يقول لها أن ولدها البكر لم يمت، ولكن ما قدّمه الطبيب من شرح لحالة الطفل حديث الولادة، جعل الأب يقول وهو غير مقتنع: الموت أريح إلو وإلنا. وانطلت الحيلة على الأهل ثلاثة عقود ونيّف، ليناط اللثام عن خفايا مؤامرة حيكت ضدهم،
وليسوا هم المقصودين بالذات، لكنها جريمة المتاجرة ببيع الأطفال حديثي الولادة، لزوجين فقدا الأمل في الإنجاب.
اسمه "جورج هيثم شاهين".. الرقم الوطني: /05050025311/ تاريخ واقعة الولادة: /13821/ .. تاريخ القيد: 26/8/1975، مكان الولادة: مشفى الجامعة في "دمشق".
تم اللقاء بالسيدة "جولييت سليمان داؤد" يوم الثلاثاء 24/3/2009، لنسمع، وندخل في تفاصيل ما جرى، وما سيجري لاحقاً.
القصة من البداية:
تقول السيدة "جولييت": «في يوم السبت 19/7/1975 نقلت إلى مشفى الجامعة في البرامكة وأنا في وضع الولادة، وبين الساعة /4/ والـ /4,15 / دقيقة من فجر يوم الأحد 20/7/1975 تمت الولادة، وأنجبت طفلاً هو ولدي الأول».
وتتابع والدمعة بدأت تلمع في عينيها: «لم أره، قيل لنا أنه في حاجة لوضعه في الحاضنة، لأن الجنين لم يكمل شهره التاسع، وظهر معه نقص أوكسجين، وطلبوا منا استلامه بعد أسبوع».
أسماه الطبيب "جورج" رغماً عنّا؟
تقول "جولييت" والتي رحل عنها زوجها منذ سنوات: «كان زوجي رحمه الله يتمنى أن يرزق بولد كي يسميه "إسماعيل" على اسم والده، جاء الطفل، وتحققت أمنية زوجي، ولكن بقدوم الولد، ولم يحقق رغبته بإطلاق اسم والده على ولده الأول. لقد أطلق الطبيب اسم "جورج" على ولدي، وعندما اعترضنا، قال لنا: (فكرت إنو انتو مسيحية.. الأم "جولييت" والأب "هيثم" والعائلة "شاهين" وبعدين سجلناه "جورج" في سجل ولادات المشفى، فرضينا بـ "جورج" اسماً لولدنا».
مات الطفل الله يرحمه!!
وهنا سألنا السيد "سهيل شاهين" شقيق الوالد والذي كان في زيارة أخيه في منطقة "القابون" في "دمشق" عما يعرفه عن مراجعة شقيقه للمشفى للاطمئنان على الطفل، حيث قال: «كان عمري /15/ عاماً،
اسمه في البطاقة العائلية
وفي كل عام أزور أخي في فترة الصيف، ذهبت مع أخي "هيثم" إلى المشفى، لم يدعونا نشاهده، ولكنهم قالوا لنا يوم الأحد سنسلمكم الطفل، وكان أخي يزور المشفى كل يوم».
وجاء يوم الأحد.. يتابع السيد "سهيل": «راجعنا المشفى يوم الأحد لنستلم الطفل، ففاجأنا الطبيب أن حالته جيدة وبإمكاننا أن نستلمه غداً أي يوم الاثنين، عدنا في اليوم التالي، وكلنا في شوق لرؤيته، ونحن حتى الآن لم نره، سألنا إحدى الممرضات، فاستدعت لنا الطبيب، سألناه عن "جورج" فقال لنا: (العوض بسلامتكن، الطفل مات، ودفناه بمعرفتنا) سأله أخي: (امبارحة ما كان فيه شي!!) فرد الطبيب: (تطورت حالته فجأة، ونقص الأوكسجين أدى إلى التهاب ذات الرئة، ما أدى للوفاة.. برأيي أفضل له ولكم، لأنه سيعيش معاقاً، أو ربما مجنوناً) أذكر أن أخي ضحك متألماً وقال: (بيجوز.. لأنو عليتنا كلها مجانين يا دكتور)».
قبضوا منه ثمن وفاة ابنه؟
ويتابع "سهيل" قائلاً: «طلب أخي أوراق الطفل لكي يسجل واقعة الوفاة، فرد الطبيب: (نحنا منقوم بالإجراءات اللازمة.. بس لازم تدفع /147/ ليرة سورية، لزوم الأوراق المطلوبة)، دفع أخي المبلغ، وعدنا بمحفظة فيها ملابس "جورج" البيضاء».
وسألنا "سهيل" عن ملامح الطبيب الذي قابلوه، فقال متذكراً: «أذكر أنه طويل القامة، نحيف، وهو شاب».
بينما تصف السيدة "جولييت" الطبيب الذي أشرف على ولادتها فقالت: «هو متوسط الطول، أبيض البشرة، يضع نظارة على وجهه، شعره (خرنوبي) مائل إلى اللون (الأشقر)».
"جورج".. مدعو لخدمة العلم؟؟
يبدو أن خيوط اللعبة بدأت تتكشف، ولكن لم ينتبه الأهل لما جرى، ومر الأمر مرور الكرام. فتقول السيدة "جولييت": «في عام /1992/ وكنا وقتها ما
زلنا في منطقة "القابون" دق بابنا شرطي، وسألني عن ولدي "جورج" فقلت له: (ما عندي ولد اسمه "جورج") فقال لي الشرطي: (يا أختي ابنك "جورج" مدعو لخدمة العلم). وأرسلت برقية إلى "سلمية" لدعوة "جورج" للخدمة، وقيل لوالد زوجي، أن يسلم ولده للخدمة، وإلا سيعرض نفسه لعقوبة السجن لثلاثة أشهر».
"جورج" يموت من جديد!!
تتابع السيدة "جولييت": «هنا ذهب زوجي إلى المشفى، وأخذ واقعة الولادة، وكتاب يثبت أنه توفي بعد تسعة أيام من ولاته، وثبتت واقعة الوفاة في يوم 5/1/1993، وهذا مثبت في البطاقة العائلية».
"جورج" في برنامج "خبرني يا طير"؟
تقول السيدة "جولييت": «جاء عدد من الجوار ليقولوا لنا أنهم سمعوا نداءً من شاب يقول أن اسمه "جورج هيثم شاهين" سوري الأصل، وأنه يبحث عن عائلته الحقيقية، وأنه ليس بحاجة إلى مال، أو أي شيء آخر سوى أنه فقط يريد أن يلتقي بأمه الحقيقية، ومما قيل أيضاً أنه يعيش مع عائلة لبنانية الأصل، وهو اليوم في كندا، وأن عائلته اللبنانية كاشفته بحقيقة أصله، وهي ذمة في رقابهم قبل موتهم».
وسألناهم لماذا لم يتواصلوا مع ما سمعوه، فقالت: «لم نأخذ الأمر على محمل الجدية».
يجب أن تأخذ العدالة مجراها.
وسألنا الأم المكلومة من جديد بولدها الذي لم تكحل عينيها برؤيته، ما هو شعورك لو التقيت بولدك؟ فأجابت: «لا أستطيع أن أصف شعوري، ولكن ليس هناك أجمل من لقاء الأم بابنها، أشعر أن رفضي لوفاته كان من قلب أم تشعر بولدها إن أصابه مكروه أو لا».
وتقول "ناديا" شقيقة "جورج" التي لم تكن قد ولدت حينها: «لا أصدق ما يجري، أشعر
أنني أعيش قصة فيلم هندي، نشاهد المسلسلات، نستغرب بعض الشيء ونقول هل من الممكن أن يحدث هذا، بالفعل هناك أشياء تحدث، وحدث بشكل غريب، ومفجع. أنا في غاية السعادة، سيصبح لي أخ ثانٍ، ونحن سبع فتيات، وشاب واحد اسمه "إسماعيل"».
"جولييت" ستأخذ حقها بيدها؟
وعن المجرم الذي خطط لحرمانها من ولدها تقول: «أشكيه إلى الله، وعلى العدالة أن تأخذ مجراها، ولكن أتوقع أن لا يسبقني أحد إلى القصاص من المجرمين السفاحين، الذين انتهكوا كل القيم الإنسانية لقاء مبالغ لا تغني عن يوم الحساب الأعظم».
ويبقى السؤال، هل سيعود "جورج" إلى حضن أمه البارد، ليدفئه بعد غياب امتد من الرحم حتى الرابعة والثلاثين من عمره؟.. نتمنى ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
eSyria
وليسوا هم المقصودين بالذات، لكنها جريمة المتاجرة ببيع الأطفال حديثي الولادة، لزوجين فقدا الأمل في الإنجاب.
اسمه "جورج هيثم شاهين".. الرقم الوطني: /05050025311/ تاريخ واقعة الولادة: /13821/ .. تاريخ القيد: 26/8/1975، مكان الولادة: مشفى الجامعة في "دمشق".
تم اللقاء بالسيدة "جولييت سليمان داؤد" يوم الثلاثاء 24/3/2009، لنسمع، وندخل في تفاصيل ما جرى، وما سيجري لاحقاً.
القصة من البداية:
تقول السيدة "جولييت": «في يوم السبت 19/7/1975 نقلت إلى مشفى الجامعة في البرامكة وأنا في وضع الولادة، وبين الساعة /4/ والـ /4,15 / دقيقة من فجر يوم الأحد 20/7/1975 تمت الولادة، وأنجبت طفلاً هو ولدي الأول».
وتتابع والدمعة بدأت تلمع في عينيها: «لم أره، قيل لنا أنه في حاجة لوضعه في الحاضنة، لأن الجنين لم يكمل شهره التاسع، وظهر معه نقص أوكسجين، وطلبوا منا استلامه بعد أسبوع».
أسماه الطبيب "جورج" رغماً عنّا؟
تقول "جولييت" والتي رحل عنها زوجها منذ سنوات: «كان زوجي رحمه الله يتمنى أن يرزق بولد كي يسميه "إسماعيل" على اسم والده، جاء الطفل، وتحققت أمنية زوجي، ولكن بقدوم الولد، ولم يحقق رغبته بإطلاق اسم والده على ولده الأول. لقد أطلق الطبيب اسم "جورج" على ولدي، وعندما اعترضنا، قال لنا: (فكرت إنو انتو مسيحية.. الأم "جولييت" والأب "هيثم" والعائلة "شاهين" وبعدين سجلناه "جورج" في سجل ولادات المشفى، فرضينا بـ "جورج" اسماً لولدنا».
مات الطفل الله يرحمه!!
وهنا سألنا السيد "سهيل شاهين" شقيق الوالد والذي كان في زيارة أخيه في منطقة "القابون" في "دمشق" عما يعرفه عن مراجعة شقيقه للمشفى للاطمئنان على الطفل، حيث قال: «كان عمري /15/ عاماً،
اسمه في البطاقة العائلية
وفي كل عام أزور أخي في فترة الصيف، ذهبت مع أخي "هيثم" إلى المشفى، لم يدعونا نشاهده، ولكنهم قالوا لنا يوم الأحد سنسلمكم الطفل، وكان أخي يزور المشفى كل يوم».
وجاء يوم الأحد.. يتابع السيد "سهيل": «راجعنا المشفى يوم الأحد لنستلم الطفل، ففاجأنا الطبيب أن حالته جيدة وبإمكاننا أن نستلمه غداً أي يوم الاثنين، عدنا في اليوم التالي، وكلنا في شوق لرؤيته، ونحن حتى الآن لم نره، سألنا إحدى الممرضات، فاستدعت لنا الطبيب، سألناه عن "جورج" فقال لنا: (العوض بسلامتكن، الطفل مات، ودفناه بمعرفتنا) سأله أخي: (امبارحة ما كان فيه شي!!) فرد الطبيب: (تطورت حالته فجأة، ونقص الأوكسجين أدى إلى التهاب ذات الرئة، ما أدى للوفاة.. برأيي أفضل له ولكم، لأنه سيعيش معاقاً، أو ربما مجنوناً) أذكر أن أخي ضحك متألماً وقال: (بيجوز.. لأنو عليتنا كلها مجانين يا دكتور)».
قبضوا منه ثمن وفاة ابنه؟
ويتابع "سهيل" قائلاً: «طلب أخي أوراق الطفل لكي يسجل واقعة الوفاة، فرد الطبيب: (نحنا منقوم بالإجراءات اللازمة.. بس لازم تدفع /147/ ليرة سورية، لزوم الأوراق المطلوبة)، دفع أخي المبلغ، وعدنا بمحفظة فيها ملابس "جورج" البيضاء».
وسألنا "سهيل" عن ملامح الطبيب الذي قابلوه، فقال متذكراً: «أذكر أنه طويل القامة، نحيف، وهو شاب».
بينما تصف السيدة "جولييت" الطبيب الذي أشرف على ولادتها فقالت: «هو متوسط الطول، أبيض البشرة، يضع نظارة على وجهه، شعره (خرنوبي) مائل إلى اللون (الأشقر)».
"جورج".. مدعو لخدمة العلم؟؟
يبدو أن خيوط اللعبة بدأت تتكشف، ولكن لم ينتبه الأهل لما جرى، ومر الأمر مرور الكرام. فتقول السيدة "جولييت": «في عام /1992/ وكنا وقتها ما
زلنا في منطقة "القابون" دق بابنا شرطي، وسألني عن ولدي "جورج" فقلت له: (ما عندي ولد اسمه "جورج") فقال لي الشرطي: (يا أختي ابنك "جورج" مدعو لخدمة العلم). وأرسلت برقية إلى "سلمية" لدعوة "جورج" للخدمة، وقيل لوالد زوجي، أن يسلم ولده للخدمة، وإلا سيعرض نفسه لعقوبة السجن لثلاثة أشهر».
"جورج" يموت من جديد!!
تتابع السيدة "جولييت": «هنا ذهب زوجي إلى المشفى، وأخذ واقعة الولادة، وكتاب يثبت أنه توفي بعد تسعة أيام من ولاته، وثبتت واقعة الوفاة في يوم 5/1/1993، وهذا مثبت في البطاقة العائلية».
"جورج" في برنامج "خبرني يا طير"؟
تقول السيدة "جولييت": «جاء عدد من الجوار ليقولوا لنا أنهم سمعوا نداءً من شاب يقول أن اسمه "جورج هيثم شاهين" سوري الأصل، وأنه يبحث عن عائلته الحقيقية، وأنه ليس بحاجة إلى مال، أو أي شيء آخر سوى أنه فقط يريد أن يلتقي بأمه الحقيقية، ومما قيل أيضاً أنه يعيش مع عائلة لبنانية الأصل، وهو اليوم في كندا، وأن عائلته اللبنانية كاشفته بحقيقة أصله، وهي ذمة في رقابهم قبل موتهم».
وسألناهم لماذا لم يتواصلوا مع ما سمعوه، فقالت: «لم نأخذ الأمر على محمل الجدية».
يجب أن تأخذ العدالة مجراها.
وسألنا الأم المكلومة من جديد بولدها الذي لم تكحل عينيها برؤيته، ما هو شعورك لو التقيت بولدك؟ فأجابت: «لا أستطيع أن أصف شعوري، ولكن ليس هناك أجمل من لقاء الأم بابنها، أشعر أن رفضي لوفاته كان من قلب أم تشعر بولدها إن أصابه مكروه أو لا».
وتقول "ناديا" شقيقة "جورج" التي لم تكن قد ولدت حينها: «لا أصدق ما يجري، أشعر
أنني أعيش قصة فيلم هندي، نشاهد المسلسلات، نستغرب بعض الشيء ونقول هل من الممكن أن يحدث هذا، بالفعل هناك أشياء تحدث، وحدث بشكل غريب، ومفجع. أنا في غاية السعادة، سيصبح لي أخ ثانٍ، ونحن سبع فتيات، وشاب واحد اسمه "إسماعيل"».
"جولييت" ستأخذ حقها بيدها؟
وعن المجرم الذي خطط لحرمانها من ولدها تقول: «أشكيه إلى الله، وعلى العدالة أن تأخذ مجراها، ولكن أتوقع أن لا يسبقني أحد إلى القصاص من المجرمين السفاحين، الذين انتهكوا كل القيم الإنسانية لقاء مبالغ لا تغني عن يوم الحساب الأعظم».
ويبقى السؤال، هل سيعود "جورج" إلى حضن أمه البارد، ليدفئه بعد غياب امتد من الرحم حتى الرابعة والثلاثين من عمره؟.. نتمنى ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
eSyria
