محطات ثقافية وبيئية واجتماعية وتاريخية....
في رحلة الأصدقاء(جمعية أصدقاء سلمية)
إلى الموقع الأثري في قرية(جعدة المغارة)....
التي تضطجع على نهر الفرات،حيث أشيد سدّ تشرين عليه،والواقعة في منطقة عين عرب، شمال منطقة منبج وكلتاهما تابعتان لمحافظة حلب الشهباء.
في يوم الجمعة،وبتاريخ /16/10/2009 وفي الساعة السادسة صباحاً،انطلقت بنا الحافلة من مقر جمعية أصدقاء سلمية،في سلمية نحو المحطة الأولى في رحلتنا
وهي بلدة(إثرية) أو (ثريانا)كما كان يطلق عليها قديماً.
المحطة الأولى في رحلتنا واحة(إثرية):
الطريق المعبد من سلمية إلى إثرية نسميه طريق(الرقة)أو طريق (الموت).
طريق الرقة،لأنه يصل سلمية بالرقة،أو دمشق بالرقة مروراً بسلمية،مختصراً المسافة البعيدة تصل العاصمة بالمحافظات الشمالية(الرقة،دير الزور،الحسكة)
ولقب بطريق الموت ،نظراً لكثرة الحوادث التي تحدث على هذا الطريق،والذي يذهب من جرائها مواطنون أبرياء،فيهم فجيعة لذويهم،وخسارة للوطن.
وكان آخر هذه الحوادث،الحادثة المؤلمة بل الفاجعة التي حدثت لثلاثة شباب من شباب سلمية،بلحظة واحدة خطفتهم يد القدر من بين أيدي ذويهم وأصدقائهم،اثنان منهم كانا موجهين تربويين،والثالث كان مديراً للأفران حماه.رحمهم الله جميعاً.
وقد تحدثت عن مخاطر هذا الطريق وعن سبب كثرة الحوادث عليه،في مقالي الذي كتبته بعنوان(من وحي المسير إلى قرية المبعوجة).
وأولها:عدم وجود عبارات نظامية عند نقاط العبور الكثيرة التي تصل القرى والبلدان المنتشرة على جانبي هذا الطريق به.
وثانيها:السرعة الزائدة التي يمارسها السائقون هواة سباق السيارات على هذا الطريق،دون الأخذ بعين الاعتبار المداخل والمخارج من وإلى القرى المنتشرة على جانبيه في المنطقة،ورغم وجود مخافر شرطة سير على هذا الطريق،ولكنهم يبدو أنهم لايتخلون إلا عند وقوع الحوادث(مصائب قوم عند قوم فوائد)،نتمنى من أولي الأمر والنهي أن يزودوا هذه المخافر بأجهزة مراقبة السرعات على الطرق العامة،وأن يعملوا على حجز كلّ سيارة تخالف أنظمة المرور.كما أرجو أن توضع إشارات ضوئية عند مفارق الطرق لكي تشير بوضوح إلى مدخل ومخرج كلّ طريق فرعي،وما أكثر ها.
سلامة وأمن المواطنين في سفرياتهم وتنقلاتهم مهمة شاقة وصعبة يجب أن تتضافر بتأمينها كلّ الجهات المعنية(وزارة الداخلية،وزارة المواصلات،وزارة البلديات،وزارة السياحة.المديرية العامة للآثار والمتاحف)كلّ يعمل في مجال دوائر اختصاصه،لتأمين سبيل آمن ينقل المواطنين إلى برّ الأمان.بوركت كلّ الجهود التي تصبّ في هذا الاتجاه.
وعلى طول هذا الطريق الذي لايعتبر بنظري أكثر من طريق زراعي تسرح وترتع على جانبيه قطعان الماشية،والتي نراها من زجاج الحافلة التي تحملنا مغذة في سيرها،تتجه في الصباح الباكر إلى المرعى وقد تركت وراءها سحابة من الغبار،وكأنها جيوش الضباب المهزومة في صباح يوم شتوي دافىء.
وبالرغم من مشاعر الخوف في السير على هذا الطريق الخطر،إلا أننا بعد التوكل على الله‘ تابعنا رحلتنا قاصدين بلدة إثرية،مروراً بالشيخ هلال القرية التي كان لجمعية أصدقاء سلمية بصمات واضحة،وفضل تحويلها من قرية مهجورة ومنفية في خارطة العالم الحديث،إلى قرية وضعت على خارطة البلدان والمدن السياحية في قطرنا العربي السوري،وعلى الخرائط التي يحملها السيّاح الأجانب الذين يحلو
لهم السياحة في قطرنا،فتحولت هذه القرية المبعدة والمنسيّة من سجل المدن والبلدان إلى قرية معروفة ويشار إليها بالبنان،تحولت بإرادة وتصميم إلى مشروع سياحة بيئية وثقافية،وأصبحت محجاً لكلّ سائح أجنبي يهرب من ضجيج الحضارة الحديثة إلى أحضان قباب الشيخ هلال ناشداً الراحة والهدوء،ومفترشاً بساط البادية السورية،والتي تعتبر الشيخ هلال البوابة الأولى للولوج إلى سهوبها وسهولها الواسعة والشاسعة والممتدة إلى( إثرية) وجبل البلعاس شرقاً، والمفتوحة على كلّ الاتجاهات عند نقطة الالتقاء المتوسطة فيها،والتي تتوزع منها شبكة الطرق،إلى تدمر شرقاً،وحلب شمالاً،وعلى كاسوم غرباً،ومنها كان يمرّ طريق الحرير حيث تعبر القوافل التجارية من الصين شرقاً،إلى أوربا غرباً،ونظراً لموقع إثرية التجاري فقد كانت حاضرة من الحواضر التي اشتهرت بأوابدها وآثارها وما سلسلة التلال المحيطة بها إلا شاهد يؤكد كم كان لهذا الموقع من مكانة حضارية وثقافية في غابر الأيام،ولدى زيارتنا لأطلال معبد يوناني قديم رابض فوق ربوة من روابيها،تمّ العثور فيه على تمثال الإله (أبولو)موجود في متحف دمشق،ثم حوّل إلى معبد (جوبيتر) بعد دخول الرومان سورية عام (64ـ 65).
والذي يعود تاريخياً إلى القرن الثاني قبل الميلاد.والامتداد التضاريسي من أثرية إلى البادية يمثل الخط الفاصل بينها وبين الداخل. ووجود عدد من القصور في هذه البادية،منها قصر إثرية،وقصر ابن وردان،وقصر الحير الشرقي والغربي،
ونتيجة للاكتشافات الأثرية الأولى، التي أجريت في المنطقة ،تأكد وجود قصر إلى جانب المعبد، قد يكون شغله أحد المشايخ هو (ثريان) ، حسب رواية ابن شداد لياقوت الحموي،وعرف هذا القصر باسمه قصر (ثريان).وذكر أبو الفداء الحموي أنّ ثريان هذا، هو أحد مشايخ البدو الذين قطنوا هذه المنطقة وإليه تعود تسمية (إثرية) المشتقة من اسمه.
ولدى عمليات المسح والاستكشاف التي قامت بها المديرية العامة للآثار والمتاحف
في سورية،وبالتعاون مع المعهد الفرنسي للدراسات الشرقية،تم تسجيل أكثر من (500) تل أثري،في المنطقة الممتدة من سلمية وعلى امتداد جبال البلعاس شرقاً،ومن جنوب عقيربات، وحتى إثرية شمالاً.وغرباً حتى خناصر باتجاه المنطقة الغربية والجنوبية.مما يدلّ على الاستيطان فيها في الفترة البيزنطية،مشكلة فيما بعد سلسلة القرى المجاورة لهذه التلال ،والمأهولة حتى يومنا هذا.
ونظراً لأهمية المنطقة الإستراتجية ووقوعها كما ذكرنا على مفترق شبكة طرق تصل مابين تدمر والفرات الأوسط ،ومابين بلدة خناصر وحلب الطريق الممتد شمال غرب حتى يصل شرقاً إلى شرقي الفرات،حيث كان للمنطقة أهميتها الإستراتيجية والحيوية في مواجهة الجيوش الرومانية الغازية،طيلة سيطرتها على سورية.
ومن خلال التيجان ،ونمط العمارة المبيّن في عتبة المعبد، وما عليها من نقوش وزخارف رومانية وبيزنطية،ما يؤكد وجود عهد بيزنطي مسيحي يعود للقرون
الميلادية الأولى،وربما ازدهرت خلال القرنين الرابع والخامس الميلادي.
ونظراً لكثرة التلال المحيطة في المعبد،يعتقد بوجود نشاط سكاني وعمراني قديم،
وفي المنطقة أيضاً يوجد مجاري مياه سيليه،من المؤكد أنها استخدمت على شكل قنوات لإيصال المياه لري الأراضي الزراعية في المنطقة السهلية الشاسعة المحيطة بالمنطقة، وصولاً إلى ناحية السعن.حيث دلّت الزخارف الموجودة على زراعة الكرمة في هذه السهول.
وبيوت الشعر المتناثرة حول هذا المكان، تذكرك بمضارب البدو التي كانت تعمّر هذا المكان.وكما ذكرت آنفاً،فإنّ سلسلة التلال المحيطة بهذا الموقع الأثري،تذكر كم كان لهذا الموقع من عراقة وأصالة عبر التاريخ.وكما ذكر أحد الأصدقاء المهتمين بالدراسات التاريخية والأثرية وهو الصديق(جابر الساروت)قال:في الزمن الغابر ،ربما كانت هذه المنطقة غرقى بالمياه أيام الدولة الرومانية،لأنّه عندما كانت الطرق الرئيسة تنهار،كانت العربات الرومانية تعبر من إثرية إلى كافة الجهات.
إثرية اليوم والتي كان يطلق عليها قديماً برأيي(ثريا) نظراً لارتفاع موقعها عن بقية تضاريس المنطقة. ولغوياً فإنّ الاسم العلم (إثرية) اشتق من (ثرو)
الثَّراء، ممدود: الغِنى. قال حاتم:
أماوِيَّ ما يُغْني الثَّراءُ عن الفتى ==إذا حشْرَجَتْ يوماً وضاق بها الصدرُ
وجمع الثَّراء أثرية، إن كانوا تكلّموا به. والإثراء: مصدر، أثرَى يُثري إثراءً، إذا استغنى.وثرى الأرض: مقصور، والجمع أثراء، وهو التراب النَّديّ. وأرض ثَرْياءُ: كثيرة الثرى، وقالوا:أرض ثَرِيَة، في وزن فَعِلَة. وتقول العرب: إذا التقى الثَّرَيانِ فهما الحَيا، يريدون ثرى المطر وثرى باطن الأرض.وربما اشتق اسمها من ثرى أرضها وغناها.وهي اليوم غنيّة ـ حقيقة ـ بآثارها وأوابدها.
إثرية اليوم مركز اقتصادي هام،فيها مركز صحي وخدمات مختلفة من هاتف وكهرباء،وفيها مخفر للشرطة،ومستودعات تخزين للأعلاف،وكما كانت تعج قديماً بقوافل التجار والمسافرين من الشرق إلى الغرب،فهي اليوم محطة للمسافرين تعبر منها أرتال البولمانات والسيارات السياحية المتجهة من دمشق وتدمر إلى المحافظات الشمالية مروراً بالرقة،وكذلك أرتال الشاحنات المتجهة إلى حلب غرباً.
وقبل أن نودع واحة إثرية لايسعناإلا أن نزجي لها التحيّة من كلّ الأصدقاء في جمعيّة أصدقاء سلمية،ولايسعنا أيضا إلا أن ننشد مع هذا الشاعر العربي ابن ميادة الذي يعود في نسبه إلى (ابن ثريان)ولا ندري إن كان في نسبه يعود إلى هذه الآبدة التي قضينا فيها أوقاتاً بهيجة وممتعة.
يقول الشاعر العربي(ابن ميادة)( ابن ميّادة هو الرمّاح بن أبرد بن (ثريان) بن سراقة من بني مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان)وهو أحد شعراء غطفان في الإسلام:
كم هي معان رقيقة،كرقة رفيف نسيم إثرية وبواديها.
سلمية في/5/11/2009
وإلى أن ألتقيكم في المحطة الثانية من المحطات الثقافية والبيئيّة والاجتماعيّة والتاريخيّة ، في رحلة الأصدقاء إلى(جعدة المغارة) أتمنى للجميع المحبّة والسعادة.
الكاتب الصديق:حيدر حيدر
السيّد المشرف:تحيّة وبعد
إن نافذة الألوان غير مفعلة،وكذلك الخط لايكبر،أرجو تدارك ذلك.
ملاحظة:الصورة عن ارحلة موجودة ولكنني لااعرف طريقة إرسالهاالكترونياً.
وشكراً للجميع لإعلامي بطريقة إرسالها.
في رحلة الأصدقاء(جمعية أصدقاء سلمية)
إلى الموقع الأثري في قرية(جعدة المغارة)....
التي تضطجع على نهر الفرات،حيث أشيد سدّ تشرين عليه،والواقعة في منطقة عين عرب، شمال منطقة منبج وكلتاهما تابعتان لمحافظة حلب الشهباء.
في يوم الجمعة،وبتاريخ /16/10/2009 وفي الساعة السادسة صباحاً،انطلقت بنا الحافلة من مقر جمعية أصدقاء سلمية،في سلمية نحو المحطة الأولى في رحلتنا
وهي بلدة(إثرية) أو (ثريانا)كما كان يطلق عليها قديماً.
المحطة الأولى في رحلتنا واحة(إثرية):
الطريق المعبد من سلمية إلى إثرية نسميه طريق(الرقة)أو طريق (الموت).
طريق الرقة،لأنه يصل سلمية بالرقة،أو دمشق بالرقة مروراً بسلمية،مختصراً المسافة البعيدة تصل العاصمة بالمحافظات الشمالية(الرقة،دير الزور،الحسكة)
ولقب بطريق الموت ،نظراً لكثرة الحوادث التي تحدث على هذا الطريق،والذي يذهب من جرائها مواطنون أبرياء،فيهم فجيعة لذويهم،وخسارة للوطن.
وكان آخر هذه الحوادث،الحادثة المؤلمة بل الفاجعة التي حدثت لثلاثة شباب من شباب سلمية،بلحظة واحدة خطفتهم يد القدر من بين أيدي ذويهم وأصدقائهم،اثنان منهم كانا موجهين تربويين،والثالث كان مديراً للأفران حماه.رحمهم الله جميعاً.
وقد تحدثت عن مخاطر هذا الطريق وعن سبب كثرة الحوادث عليه،في مقالي الذي كتبته بعنوان(من وحي المسير إلى قرية المبعوجة).
وأولها:عدم وجود عبارات نظامية عند نقاط العبور الكثيرة التي تصل القرى والبلدان المنتشرة على جانبي هذا الطريق به.
وثانيها:السرعة الزائدة التي يمارسها السائقون هواة سباق السيارات على هذا الطريق،دون الأخذ بعين الاعتبار المداخل والمخارج من وإلى القرى المنتشرة على جانبيه في المنطقة،ورغم وجود مخافر شرطة سير على هذا الطريق،ولكنهم يبدو أنهم لايتخلون إلا عند وقوع الحوادث(مصائب قوم عند قوم فوائد)،نتمنى من أولي الأمر والنهي أن يزودوا هذه المخافر بأجهزة مراقبة السرعات على الطرق العامة،وأن يعملوا على حجز كلّ سيارة تخالف أنظمة المرور.كما أرجو أن توضع إشارات ضوئية عند مفارق الطرق لكي تشير بوضوح إلى مدخل ومخرج كلّ طريق فرعي،وما أكثر ها.
سلامة وأمن المواطنين في سفرياتهم وتنقلاتهم مهمة شاقة وصعبة يجب أن تتضافر بتأمينها كلّ الجهات المعنية(وزارة الداخلية،وزارة المواصلات،وزارة البلديات،وزارة السياحة.المديرية العامة للآثار والمتاحف)كلّ يعمل في مجال دوائر اختصاصه،لتأمين سبيل آمن ينقل المواطنين إلى برّ الأمان.بوركت كلّ الجهود التي تصبّ في هذا الاتجاه.
وعلى طول هذا الطريق الذي لايعتبر بنظري أكثر من طريق زراعي تسرح وترتع على جانبيه قطعان الماشية،والتي نراها من زجاج الحافلة التي تحملنا مغذة في سيرها،تتجه في الصباح الباكر إلى المرعى وقد تركت وراءها سحابة من الغبار،وكأنها جيوش الضباب المهزومة في صباح يوم شتوي دافىء.
وبالرغم من مشاعر الخوف في السير على هذا الطريق الخطر،إلا أننا بعد التوكل على الله‘ تابعنا رحلتنا قاصدين بلدة إثرية،مروراً بالشيخ هلال القرية التي كان لجمعية أصدقاء سلمية بصمات واضحة،وفضل تحويلها من قرية مهجورة ومنفية في خارطة العالم الحديث،إلى قرية وضعت على خارطة البلدان والمدن السياحية في قطرنا العربي السوري،وعلى الخرائط التي يحملها السيّاح الأجانب الذين يحلو
لهم السياحة في قطرنا،فتحولت هذه القرية المبعدة والمنسيّة من سجل المدن والبلدان إلى قرية معروفة ويشار إليها بالبنان،تحولت بإرادة وتصميم إلى مشروع سياحة بيئية وثقافية،وأصبحت محجاً لكلّ سائح أجنبي يهرب من ضجيج الحضارة الحديثة إلى أحضان قباب الشيخ هلال ناشداً الراحة والهدوء،ومفترشاً بساط البادية السورية،والتي تعتبر الشيخ هلال البوابة الأولى للولوج إلى سهوبها وسهولها الواسعة والشاسعة والممتدة إلى( إثرية) وجبل البلعاس شرقاً، والمفتوحة على كلّ الاتجاهات عند نقطة الالتقاء المتوسطة فيها،والتي تتوزع منها شبكة الطرق،إلى تدمر شرقاً،وحلب شمالاً،وعلى كاسوم غرباً،ومنها كان يمرّ طريق الحرير حيث تعبر القوافل التجارية من الصين شرقاً،إلى أوربا غرباً،ونظراً لموقع إثرية التجاري فقد كانت حاضرة من الحواضر التي اشتهرت بأوابدها وآثارها وما سلسلة التلال المحيطة بها إلا شاهد يؤكد كم كان لهذا الموقع من مكانة حضارية وثقافية في غابر الأيام،ولدى زيارتنا لأطلال معبد يوناني قديم رابض فوق ربوة من روابيها،تمّ العثور فيه على تمثال الإله (أبولو)موجود في متحف دمشق،ثم حوّل إلى معبد (جوبيتر) بعد دخول الرومان سورية عام (64ـ 65).
والذي يعود تاريخياً إلى القرن الثاني قبل الميلاد.والامتداد التضاريسي من أثرية إلى البادية يمثل الخط الفاصل بينها وبين الداخل. ووجود عدد من القصور في هذه البادية،منها قصر إثرية،وقصر ابن وردان،وقصر الحير الشرقي والغربي،
ونتيجة للاكتشافات الأثرية الأولى، التي أجريت في المنطقة ،تأكد وجود قصر إلى جانب المعبد، قد يكون شغله أحد المشايخ هو (ثريان) ، حسب رواية ابن شداد لياقوت الحموي،وعرف هذا القصر باسمه قصر (ثريان).وذكر أبو الفداء الحموي أنّ ثريان هذا، هو أحد مشايخ البدو الذين قطنوا هذه المنطقة وإليه تعود تسمية (إثرية) المشتقة من اسمه.
ولدى عمليات المسح والاستكشاف التي قامت بها المديرية العامة للآثار والمتاحف
في سورية،وبالتعاون مع المعهد الفرنسي للدراسات الشرقية،تم تسجيل أكثر من (500) تل أثري،في المنطقة الممتدة من سلمية وعلى امتداد جبال البلعاس شرقاً،ومن جنوب عقيربات، وحتى إثرية شمالاً.وغرباً حتى خناصر باتجاه المنطقة الغربية والجنوبية.مما يدلّ على الاستيطان فيها في الفترة البيزنطية،مشكلة فيما بعد سلسلة القرى المجاورة لهذه التلال ،والمأهولة حتى يومنا هذا.
ونظراً لأهمية المنطقة الإستراتجية ووقوعها كما ذكرنا على مفترق شبكة طرق تصل مابين تدمر والفرات الأوسط ،ومابين بلدة خناصر وحلب الطريق الممتد شمال غرب حتى يصل شرقاً إلى شرقي الفرات،حيث كان للمنطقة أهميتها الإستراتيجية والحيوية في مواجهة الجيوش الرومانية الغازية،طيلة سيطرتها على سورية.
ومن خلال التيجان ،ونمط العمارة المبيّن في عتبة المعبد، وما عليها من نقوش وزخارف رومانية وبيزنطية،ما يؤكد وجود عهد بيزنطي مسيحي يعود للقرون
الميلادية الأولى،وربما ازدهرت خلال القرنين الرابع والخامس الميلادي.
ونظراً لكثرة التلال المحيطة في المعبد،يعتقد بوجود نشاط سكاني وعمراني قديم،
وفي المنطقة أيضاً يوجد مجاري مياه سيليه،من المؤكد أنها استخدمت على شكل قنوات لإيصال المياه لري الأراضي الزراعية في المنطقة السهلية الشاسعة المحيطة بالمنطقة، وصولاً إلى ناحية السعن.حيث دلّت الزخارف الموجودة على زراعة الكرمة في هذه السهول.
وبيوت الشعر المتناثرة حول هذا المكان، تذكرك بمضارب البدو التي كانت تعمّر هذا المكان.وكما ذكرت آنفاً،فإنّ سلسلة التلال المحيطة بهذا الموقع الأثري،تذكر كم كان لهذا الموقع من عراقة وأصالة عبر التاريخ.وكما ذكر أحد الأصدقاء المهتمين بالدراسات التاريخية والأثرية وهو الصديق(جابر الساروت)قال:في الزمن الغابر ،ربما كانت هذه المنطقة غرقى بالمياه أيام الدولة الرومانية،لأنّه عندما كانت الطرق الرئيسة تنهار،كانت العربات الرومانية تعبر من إثرية إلى كافة الجهات.
إثرية اليوم والتي كان يطلق عليها قديماً برأيي(ثريا) نظراً لارتفاع موقعها عن بقية تضاريس المنطقة. ولغوياً فإنّ الاسم العلم (إثرية) اشتق من (ثرو)
الثَّراء، ممدود: الغِنى. قال حاتم:
أماوِيَّ ما يُغْني الثَّراءُ عن الفتى ==إذا حشْرَجَتْ يوماً وضاق بها الصدرُ
وجمع الثَّراء أثرية، إن كانوا تكلّموا به. والإثراء: مصدر، أثرَى يُثري إثراءً، إذا استغنى.وثرى الأرض: مقصور، والجمع أثراء، وهو التراب النَّديّ. وأرض ثَرْياءُ: كثيرة الثرى، وقالوا:أرض ثَرِيَة، في وزن فَعِلَة. وتقول العرب: إذا التقى الثَّرَيانِ فهما الحَيا، يريدون ثرى المطر وثرى باطن الأرض.وربما اشتق اسمها من ثرى أرضها وغناها.وهي اليوم غنيّة ـ حقيقة ـ بآثارها وأوابدها.
إثرية اليوم مركز اقتصادي هام،فيها مركز صحي وخدمات مختلفة من هاتف وكهرباء،وفيها مخفر للشرطة،ومستودعات تخزين للأعلاف،وكما كانت تعج قديماً بقوافل التجار والمسافرين من الشرق إلى الغرب،فهي اليوم محطة للمسافرين تعبر منها أرتال البولمانات والسيارات السياحية المتجهة من دمشق وتدمر إلى المحافظات الشمالية مروراً بالرقة،وكذلك أرتال الشاحنات المتجهة إلى حلب غرباً.
وقبل أن نودع واحة إثرية لايسعناإلا أن نزجي لها التحيّة من كلّ الأصدقاء في جمعيّة أصدقاء سلمية،ولايسعنا أيضا إلا أن ننشد مع هذا الشاعر العربي ابن ميادة الذي يعود في نسبه إلى (ابن ثريان)ولا ندري إن كان في نسبه يعود إلى هذه الآبدة التي قضينا فيها أوقاتاً بهيجة وممتعة.
يقول الشاعر العربي(ابن ميادة)( ابن ميّادة هو الرمّاح بن أبرد بن (ثريان) بن سراقة من بني مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان)وهو أحد شعراء غطفان في الإسلام:
سلِ اللهَ صبراً واعترفْ بفراقِ == عسى بعدَ بينٍ أن يكونَ تلاقي
ألا ليتني قبلَ الفراقِ وبعدهُ == سقاني بكأسٍ للمنيَّةِ ساقي
ألا ليتني قبلَ الفراقِ وبعدهُ == سقاني بكأسٍ للمنيَّةِ ساقي
كم هي معان رقيقة،كرقة رفيف نسيم إثرية وبواديها.
سلمية في/5/11/2009
وإلى أن ألتقيكم في المحطة الثانية من المحطات الثقافية والبيئيّة والاجتماعيّة والتاريخيّة ، في رحلة الأصدقاء إلى(جعدة المغارة) أتمنى للجميع المحبّة والسعادة.
الكاتب الصديق:حيدر حيدر
السيّد المشرف:تحيّة وبعد
إن نافذة الألوان غير مفعلة،وكذلك الخط لايكبر،أرجو تدارك ذلك.
ملاحظة:الصورة عن ارحلة موجودة ولكنني لااعرف طريقة إرسالهاالكترونياً.
وشكراً للجميع لإعلامي بطريقة إرسالها.