نحتاج نحن المغتربين أن نستعيد بعض من ذكريات الطفولة في مصياف الغالية ولربما استطاع ابننا عمر أن يقربنا من تلك الذكريات بعدما كتب بعفوية وواقعية عن رحلته البسيطة مع والدتي أطال الله بعمرها وهذه القصة فازت على مستوى دولة الامارات وهناك الكثير من قصصه الواقعية نتمنى أن تنال اعجابكم
قصة بستان جدتي
استيقظت مبكرا على صوت جدتي الذي ينبعث بحنان وهي تدعو لأولادها بعد صلاة الفجر
خرجت من الغرفة واقتربت منها لأجدها مستغرقة في دعائها
نظرت إلي باستغراب وقالت:
-صباح الخير يا عمر ما الذي أيقظك في هذا الوقت المبكر؟
- لم استطع النوم يا جدتي ربما لأنني نمت في غير المكان المعتاد عليه في بيتنا.
- وما لفرق يا حبيبي؟ فهنا بيتك أيضا فقد اضطررت للنوم عندي لأنك أسرفت في السهر أمس مع أولاد خالاتك ومن شدة تعبكم نمتم جميعا في بيتي .
- نعم لقد تذكرت كانت سهرة جميلة جدا فأنا افتقد هذه الألفة والروح العائلية في بلاد الغربة يا جدتي.
-معك حق يا عمر هوّن الله عليك وعلى والديك ،غربتكم ،أتمنى أن أراكم مجتمعين معنا قبل أن أموت.
- لا سمح الله يا جدتي! أتمنى أن أراك بخير في كل إجازة صيفية فالبيت بوجودك بركة.
- شكرا يا عمر أراك تتحدث كالكبار فلتبق ذخرا لوالديك، ألا تستطيع العودة للنوم مجددا؟
- لاياجدتي
- حسنا سوف اذهب إلى بستاننا القريب من المنزل.
- آه !! مشوارك الصباحي المعتاد حسنا أتمنى مرافقتك.
الحقيقة كنت سعيدا جدا بموافقة جدتي على اصطحابي لها في ذلك الوقت خاصة مع عدم وجود والديّ اللذين كانا سيعترضان على التوقيت خوفا عليّ من الهواء الصباحي البارد ،
غيرت ملابسي بسرعة دون الاهتمام بترتيب ما سألبسه وركضت إلى جدتي لأساعدها على حمل حقيبتها المزركشة المعلقة بإحدى زوايا المطبخ والتي تمتلئ بمستلزمات نزهتها الصباحية اليومية.
- مابك متحمس يا بني؟
- إنا متشوق جدا لهذه النزهة .
خرجنا من المنزل بهدوء لكي لا نزعج الباقي من أفراد الأسرة المستغرقين في النوم.واستقبلنا الشارع المؤدي إلى البستان.
وأثناء سيرنا قمت بتوجيه الأسئلة لجدتي عما أراه أمامي على أطراف الطريق. وقبل أن تجيبني كان صوتها الناعم ينطلق بلهفة
- انتبه يا عمر السيارات !
- امش على الرصيف
- تريث عند عبور الشارع
وكأن جدتي الآن أصبحت شرطي مرور تنظم السير.
- آه ما أجمل هذه الحياة !
العفوية البراءة تنطلق من حناجر أولئك الباعة الذين جاؤوا من القرى المجاورة لكي يبيعوا ما جنوه من محصولهم.
وكلما مشينا قليلا كانت جدتي تسلم على تلك وهذه ممن تجدهن أمامها .
-من أين تعرف جدتي كل أولئك الناس؟
آه إنهن جاراتها وقريباتها ممن ذهبن صباحا لنفس النزهة أو ليبتعن خضرة اليوم أو ممن ينتظرن سيارات الأجرة ليذهبن إلى وظائفهن
منظر جميل وحركة الناس المتواصلة شدتني لكتابة قصة فيما بعد.
هاهي رائحة الخضرة تزداد أكثر فأكثر كلما اقتربنا من بستان جدتي الذي وجدته مساحة من الأرض مسورة بجدار عشوائي وذلك فقط لإثبات ملكيتها كما قالت لي جدتي لها باب اسود قديم أغلق ببعض الحجارة الصغيرة قمت بمساعدة جدتي بإزالة بعضها ليتسنى لنا فتح الباب.
دخلت مندهشا لما رايته مساحة الأرض تلك لاتتجاوز الأربعمائة مترا مقسمة على عشرين مربع صغير متساو كل مربع مزروع بصنف يختلف عن المربع المجاور فهناك قسم للطماطم وآخر للخيار وهنا البقدونس وتلك شجرة التين الشامخة . وهاهو الزيتون يتدلى بحباته التي تبشر بموسم الخير والعطاء.
أردت إن أركض بينها ولكن جدتي استوفتني قائلة :
- مهلا ياعمر سوف تساعدني أليس كذلك؟
- بالتأكيد يا جدتي.
- حسنا اذهب إلى تلك الزاوية من البستان ستجد كيسا فيه أدوات مرتبة هي ما سنحتاجها في عملنا.
-حاضر يا جدتي
وبسرعة متناهية خاطبتها تفضلي يا جدتي هاهو طلبك.
- حسنا امسك هذا الفأس الصغير والبس ذلك الحذاء البلاستيك الذي سيحميك من أية حشرة قد تضرك أثناء العمل وأنا سأذهب لاستخراج الماء من البئر الموجودة في البستان لكي نبدأ السقاية أولا ثم نقوم بتشعيب المربعات المزروعة وبعدها ستقوم بزراعة شتلتين من الدوالي باسمك لكي تأكل منهما العنب في إجازة الصيف القادمة حيث سينضجان .
-يا الله سنبدأ!
- انتبه بعدها سنقوم بجمع بعض حبات التين الناضجة لكي نأخذها معنا إلى البيت.
وبينما أنا أفكر بتنفيذ ماخططته جدتي لي وجدت نفسي قد أمسكت الفأس لأبدا ولكن جدتي سبقتني وأمسكت يدي بقوة وقالت:
هكذا نمسك الفأس يا عمر وهكذا نغرسه في التراب هيا ابدا بالحفر لكي تغرس شتلات الدوالي.
لم أكن أتصور بأنني بهذا الحماس الذي جعلني أحفر وأزرع وأنظف المزروعات من الأعشاب الضارة وأجمعها بالقرب من جدتي المنهمكة في السقاية لتثني علي قائلة:
- نحن نحب الأرض يا عمر منذ ولادتنا تعودنا العمل فيها وهي تعطينا كما نعطيها. انظر إلى تلك الخضرة إنها تزهو فرحة بقدومي كل صباح وكأنها تطلب مني عدم الغياب أو التأخير.
- الأرض يا بني كالطفل تحتاج إلى رعاية واهتمام.
ولكن للآسف لقد ابتعد جيل والديك عن الأرض بسبب الدراسة أو الغربة ولكن أنا متأكدة بأن الأرض تبقى في قلوبهم ودليل ذلك فرحتك هذه.
-شكرا يا جدتي أنا أيضا أحب الأرض هل أستطيع أن أصعد تلك الشجرة؟
- بالتأكيد انظر هنا حبات التين الناضجة هيا أحضرها ولكن كن حذرا لئلا تقع.
صعدت الشجرة بحذر شديد أنقل رجلي ويدي من غصن إلى آخر حتى وصلت إلى الثمرات الناضجة و شرعت أقطفها وارميها لجدتي التي تنظر إلى بفرح وفخر لما أنجزته معي اليوم.
و أخذت تجمع حبات التين وتضعها في السلة وتخصص كل حبة منها باسم شخص ينتظرنا في البيت فهذه لفادي وهذه لهادي وتلك لفرح الخ وكأن كل ثمرة منها هدية قيمة .
بعد الانتهاء من القطف نزلت حيث استقبلتني جدتي بمسك يدي لأقفز بعدها على الأرض كالبهلوان.
- آه يا عمر انظر إلى الساعة لقد أخذنا الوقت لقد انتهت النزهة فهناك من ينتظرني في المنزل لإعداد الفطور وترتيب المنزل.
قمنا بترتيب الأغراض وقامت جدتي بإعادة ما استخدمناه من أدوات إلى مكانها المخصص.
وعدنا إلى البيت بعدما أغلقنا باب البستان.
وعرفت وقتها لماذا تتمتع جدتي بهذه الحيوية والنشاط منذ الصباح الباكر وحتى المساء
إنها تلك النزهة الصباحية.
وصلنا البيت فوجدنا بان القلق والتوتر ظاهرين على ملامح والديّ اللذين سرعان ماتبددت الى أسارير البهجة عند رؤيتهما لي مع جدتي الغالية .
قامت جدتي بتوزيع حبات التين اللذيذة ليتذوقها الجميع بضحكات وتعليقات ملأت المكان.
أطال الله في عمرك يا والدتي وأدام الخير عليك وعلينا وسبحان الخالق
هاأنا اليوم بعيد عنك يا جدتي وعن مزرعتك الخيرة ولكنني أشم رائحة ترابها الذي يضم بعض الشجيرات التي زرعتها بيدي مع أحفادك الآخرين وتقومين أنت برعايتها وما زلت تنتظرينني لأقطف ثمارها الناضجة في الصيف المقبل .
قصة بستان جدتي
استيقظت مبكرا على صوت جدتي الذي ينبعث بحنان وهي تدعو لأولادها بعد صلاة الفجر
خرجت من الغرفة واقتربت منها لأجدها مستغرقة في دعائها
نظرت إلي باستغراب وقالت:
-صباح الخير يا عمر ما الذي أيقظك في هذا الوقت المبكر؟
- لم استطع النوم يا جدتي ربما لأنني نمت في غير المكان المعتاد عليه في بيتنا.
- وما لفرق يا حبيبي؟ فهنا بيتك أيضا فقد اضطررت للنوم عندي لأنك أسرفت في السهر أمس مع أولاد خالاتك ومن شدة تعبكم نمتم جميعا في بيتي .
- نعم لقد تذكرت كانت سهرة جميلة جدا فأنا افتقد هذه الألفة والروح العائلية في بلاد الغربة يا جدتي.
-معك حق يا عمر هوّن الله عليك وعلى والديك ،غربتكم ،أتمنى أن أراكم مجتمعين معنا قبل أن أموت.
- لا سمح الله يا جدتي! أتمنى أن أراك بخير في كل إجازة صيفية فالبيت بوجودك بركة.
- شكرا يا عمر أراك تتحدث كالكبار فلتبق ذخرا لوالديك، ألا تستطيع العودة للنوم مجددا؟
- لاياجدتي
- حسنا سوف اذهب إلى بستاننا القريب من المنزل.
- آه !! مشوارك الصباحي المعتاد حسنا أتمنى مرافقتك.
الحقيقة كنت سعيدا جدا بموافقة جدتي على اصطحابي لها في ذلك الوقت خاصة مع عدم وجود والديّ اللذين كانا سيعترضان على التوقيت خوفا عليّ من الهواء الصباحي البارد ،
غيرت ملابسي بسرعة دون الاهتمام بترتيب ما سألبسه وركضت إلى جدتي لأساعدها على حمل حقيبتها المزركشة المعلقة بإحدى زوايا المطبخ والتي تمتلئ بمستلزمات نزهتها الصباحية اليومية.
- مابك متحمس يا بني؟
- إنا متشوق جدا لهذه النزهة .
خرجنا من المنزل بهدوء لكي لا نزعج الباقي من أفراد الأسرة المستغرقين في النوم.واستقبلنا الشارع المؤدي إلى البستان.
وأثناء سيرنا قمت بتوجيه الأسئلة لجدتي عما أراه أمامي على أطراف الطريق. وقبل أن تجيبني كان صوتها الناعم ينطلق بلهفة
- انتبه يا عمر السيارات !
- امش على الرصيف
- تريث عند عبور الشارع
وكأن جدتي الآن أصبحت شرطي مرور تنظم السير.
- آه ما أجمل هذه الحياة !
العفوية البراءة تنطلق من حناجر أولئك الباعة الذين جاؤوا من القرى المجاورة لكي يبيعوا ما جنوه من محصولهم.
وكلما مشينا قليلا كانت جدتي تسلم على تلك وهذه ممن تجدهن أمامها .
-من أين تعرف جدتي كل أولئك الناس؟
آه إنهن جاراتها وقريباتها ممن ذهبن صباحا لنفس النزهة أو ليبتعن خضرة اليوم أو ممن ينتظرن سيارات الأجرة ليذهبن إلى وظائفهن
منظر جميل وحركة الناس المتواصلة شدتني لكتابة قصة فيما بعد.
هاهي رائحة الخضرة تزداد أكثر فأكثر كلما اقتربنا من بستان جدتي الذي وجدته مساحة من الأرض مسورة بجدار عشوائي وذلك فقط لإثبات ملكيتها كما قالت لي جدتي لها باب اسود قديم أغلق ببعض الحجارة الصغيرة قمت بمساعدة جدتي بإزالة بعضها ليتسنى لنا فتح الباب.
دخلت مندهشا لما رايته مساحة الأرض تلك لاتتجاوز الأربعمائة مترا مقسمة على عشرين مربع صغير متساو كل مربع مزروع بصنف يختلف عن المربع المجاور فهناك قسم للطماطم وآخر للخيار وهنا البقدونس وتلك شجرة التين الشامخة . وهاهو الزيتون يتدلى بحباته التي تبشر بموسم الخير والعطاء.
أردت إن أركض بينها ولكن جدتي استوفتني قائلة :
- مهلا ياعمر سوف تساعدني أليس كذلك؟
- بالتأكيد يا جدتي.
- حسنا اذهب إلى تلك الزاوية من البستان ستجد كيسا فيه أدوات مرتبة هي ما سنحتاجها في عملنا.
-حاضر يا جدتي
وبسرعة متناهية خاطبتها تفضلي يا جدتي هاهو طلبك.
- حسنا امسك هذا الفأس الصغير والبس ذلك الحذاء البلاستيك الذي سيحميك من أية حشرة قد تضرك أثناء العمل وأنا سأذهب لاستخراج الماء من البئر الموجودة في البستان لكي نبدأ السقاية أولا ثم نقوم بتشعيب المربعات المزروعة وبعدها ستقوم بزراعة شتلتين من الدوالي باسمك لكي تأكل منهما العنب في إجازة الصيف القادمة حيث سينضجان .
-يا الله سنبدأ!
- انتبه بعدها سنقوم بجمع بعض حبات التين الناضجة لكي نأخذها معنا إلى البيت.
وبينما أنا أفكر بتنفيذ ماخططته جدتي لي وجدت نفسي قد أمسكت الفأس لأبدا ولكن جدتي سبقتني وأمسكت يدي بقوة وقالت:
هكذا نمسك الفأس يا عمر وهكذا نغرسه في التراب هيا ابدا بالحفر لكي تغرس شتلات الدوالي.
لم أكن أتصور بأنني بهذا الحماس الذي جعلني أحفر وأزرع وأنظف المزروعات من الأعشاب الضارة وأجمعها بالقرب من جدتي المنهمكة في السقاية لتثني علي قائلة:
- نحن نحب الأرض يا عمر منذ ولادتنا تعودنا العمل فيها وهي تعطينا كما نعطيها. انظر إلى تلك الخضرة إنها تزهو فرحة بقدومي كل صباح وكأنها تطلب مني عدم الغياب أو التأخير.
- الأرض يا بني كالطفل تحتاج إلى رعاية واهتمام.
ولكن للآسف لقد ابتعد جيل والديك عن الأرض بسبب الدراسة أو الغربة ولكن أنا متأكدة بأن الأرض تبقى في قلوبهم ودليل ذلك فرحتك هذه.
-شكرا يا جدتي أنا أيضا أحب الأرض هل أستطيع أن أصعد تلك الشجرة؟
- بالتأكيد انظر هنا حبات التين الناضجة هيا أحضرها ولكن كن حذرا لئلا تقع.
صعدت الشجرة بحذر شديد أنقل رجلي ويدي من غصن إلى آخر حتى وصلت إلى الثمرات الناضجة و شرعت أقطفها وارميها لجدتي التي تنظر إلى بفرح وفخر لما أنجزته معي اليوم.
و أخذت تجمع حبات التين وتضعها في السلة وتخصص كل حبة منها باسم شخص ينتظرنا في البيت فهذه لفادي وهذه لهادي وتلك لفرح الخ وكأن كل ثمرة منها هدية قيمة .
بعد الانتهاء من القطف نزلت حيث استقبلتني جدتي بمسك يدي لأقفز بعدها على الأرض كالبهلوان.
- آه يا عمر انظر إلى الساعة لقد أخذنا الوقت لقد انتهت النزهة فهناك من ينتظرني في المنزل لإعداد الفطور وترتيب المنزل.
قمنا بترتيب الأغراض وقامت جدتي بإعادة ما استخدمناه من أدوات إلى مكانها المخصص.
وعدنا إلى البيت بعدما أغلقنا باب البستان.
وعرفت وقتها لماذا تتمتع جدتي بهذه الحيوية والنشاط منذ الصباح الباكر وحتى المساء
إنها تلك النزهة الصباحية.
وصلنا البيت فوجدنا بان القلق والتوتر ظاهرين على ملامح والديّ اللذين سرعان ماتبددت الى أسارير البهجة عند رؤيتهما لي مع جدتي الغالية .
قامت جدتي بتوزيع حبات التين اللذيذة ليتذوقها الجميع بضحكات وتعليقات ملأت المكان.
أطال الله في عمرك يا والدتي وأدام الخير عليك وعلينا وسبحان الخالق
هاأنا اليوم بعيد عنك يا جدتي وعن مزرعتك الخيرة ولكنني أشم رائحة ترابها الذي يضم بعض الشجيرات التي زرعتها بيدي مع أحفادك الآخرين وتقومين أنت برعايتها وما زلت تنتظرينني لأقطف ثمارها الناضجة في الصيف المقبل .
الطالب عمر احمد الجرعتلي
الصف السابع مدرسة أم القرى
الصف السابع مدرسة أم القرى
عدل سابقا من قبل Ramis في 30/4/2010, 9:35 am عدل 3 مرات (السبب : وضع القصه بموضوع مستقل ليحظى كل الأعضاء بفرصه قراءة القصه)