[color=brown]
[size=24]
من وحي المسير الرّياضي (الثاني) إلى مصياف...
[/size]*********************************************************************************************************************
شقّ مسيرنا الرياضي لهذا الأسبوع دروبه الجبليّة الوعرة في منطقة مصياف..
ومنذ الصباح الباكر، من يوم الجمعة الموافق لـ /23/4/2010،انطلقت بنا الحافلات من سلمية قاصدين رياض مصياف وجنّاتها الغنّاء،والحافلة تطوي بنا السّهول والبيد طيّا،حضرتني هذه الأبيات للشاعر(مزيد الحلّي) من أمراء أهل الحلّة المزيدية بالعراق، الذي عشق مصياف ،وأقام بها حتى توفي فيها عام1188م يقول الحلّي معبّراً عن سروره لقدومه إلى مصياف، وأنا بدوري أعبّر وأصدقاء المسير عن ذات الشعور، نحو مدينتنا الثانية،الحبيبة مصياف.
blue]
فرحت وقلبي للتذكر واعيا == إلى من دعا للحقّ يا خير داعيا
فلا أرتجي إلاَّه كوني صاحيا == وسرنا إلى مصياف سعياً وساعيا
إلى البيت قوم من قريشٍ وجرهم
ونحن بدورنا لانرتجي إلا الخير، من رؤيةأصدقائنا وأحبّتنا في مصياف،و عندما كان أصدقاء المسير الرّياضي،في جمعيّة أصدقاء سلمية، يغذّون السّير نحوها،كانوا يحلمون بلقاء المدينة التي أحبّوها،وانطلقوا لينفذوا مسيراّ رياضياً، وبيئيّاً في ربوعها العامرة،وكم كانت لهفتهم عارمة، ليكحلوا ناظريهم برؤية مدينة الظلال الوارفة، والجبال الشامخة، مدينة عطر رياحين الربيع: من زعتر برّي، ونارنج،وأزهار الليمون، وياسمين،وحواشات حبق تدّلت على بوابات منازل قراها المعلّقة بين السماء والأرض، والتي تسبح مع الغيوم البيضاء، وهي تتناثر كحبّات العقيق الأخضر فوق ذرا جبالها، ووهادها في مثل هذا اليوم الرّبيعي الدافىء، الذي تفتحت أزهاره المزركشة بألف لون ولون..
وعندما وصل موكب حافلات المسير في الساعة الثامنة صباحاً إلى مصياف،كانت المدينة الغافية على كتف الجبال الساحلية،تستيقظ من رقادهاالعميق،كفتاة غيداء عاشقة،سهرت مع حبيبها، الليل بطوله،وهاهي الآن تنفض عن أجفانها آثار السّهر الطويل، وتفتح عينيها على إشراقة ضوء النهار، وهي ترسم على ثغرها ابتسامة فرح ،وتفتح ذراعيها، لتحضن وترحّب بأصدقاء سلمية،أصدقاء المسير الرّياضي الذين وصلوا إليها في هذا الوقت المبّكر من هذا الصباح المشرق بإشراقة وجهها المنّور مع سطوع شمس الصباح ،وطلوع النّهار,بينماكانت قلعة مصياف الرّابضة على بوابتهاالشرقيّة، والتي عبر الأصدقاء أطلالها، ومرّوا من جانبها، تلّوح بكلتا يديها،مستقبلة أصدقاء المسير ،أصدقاء سلمية،الذي جاؤوا اليوم ليلقوا على أطلالها تحيّة الصباح ، كما يلقي الشاعر التحيّة على حبيبته،وهذه القصيدة مما غنّي في كتاب الأغاني من تحيّة لأطلال المحبوبة لابراهيم الموصلي حين أنشد:
قف العنس ننظر نظرةً في ديارها == وهل ذاك من داء الصبابة نافع!
فقال: أما تغشى لمية منزلاً == من الأرض إلا قلت: هل أنا رابع!
وقل لأطلالٍ لمي تحيةٌ == تحيا بها أو أن ترش المدامع
العنس: الناقة. والرابع: المقيم. وقل لأطلال، أي ما أقل لهذه الأطلال مما أفعله. وترش المدامع، أي تكثر نضحها الدموع. ونحن بدورنا ننشد ونغنّي:
قل لأطلال مصياف تحيّة == تحيا بها،او أن ترش المدامع
*************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قلعة مصياف>>>> تلّوح بكلتا يديها،مستقبلة أصدقاء المسير...
*********************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قلعة شميميس ،وقلعة مصياف، صنوان في التاريخ والحضارة..
*************************************************************************************************************
و جاء الأصدقاء أيضاً،ليستأذنوا بالدخول إلى ربوع حماها،لكي ينفذوا
مسيراًرياضيّاً وبيئيّاً شاقاً ،برفقة دليل من أبنائها هو الصديق(بسام..) أحد شباب مصياف الرّياضيين النشيطين الأوفياء،والذي رافق المسير(مشكوراً) منذ أن وطئت خطواته الأولى بلاط الساحة العامة في مصياف،ومن ثمّ انطلق ركبه، يخترق القرىالرّيفيةالخضراء، والمعلّقة كالنجوم فوق ذرا جبالها الشماء،
******************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أصدقاء المسير الرياضي يشقون دروبهم في شعاب جبال مصياف،عبر طبيعة ساحرة،وغابات مورفة الظلال..
******************************************************************************************************************
ويتواصل ركوباً بالحافلات، بدءاً من محور طريق(مصياف القدموس)مروراً بقرى(حيلين وحيالين)،ووصولاً إلى مفرق قرية(عين قضيب) ومن هذهالنقطة،أي من هذا المفرق ،المعلّق كالرّاية فوق قمم الجبال،بدأ الأصدقاء مسيرهم سيراً على الأقدام يتقدمّهم الدّليل الصديق(بسام)وليواصلوا تقدّمهم مخترقين ومارين بعدة قرى هي على التوالي:(قرية عين قصب ـ الشيحة ـ وصولاً إلى طريق مصياف وادي العيون عند بلدة(الرّصافة)ومن ثمّ الانعطاف يميناً لمتابعة المسير إلى شلالات (البيضا) عبر طريق ملتف ومتعرّج بين الغابات الكثيفة بأشجار السنديان والدلب والصنوبر، والتي بدت مثقلة بحشرة جادوب الصنوبر التي عشّشت حشرته فوق أوراقها وأغصانها،كما تعشش أوكار الدبابير في كروم العنب،وعلى امتداد دروب المسير الأفعوانية الملتّفة من مفرق قرية (عين القصب) وصولاً إلى شلالات البيضا،كان الأصدقاء ينفذون مسيرهم الرّياضي وسط أجواء طبيعية، ومناخية، وبيئية، وجمالية رائعة،ولأنّ أصدقاء المسير هم أصدقاء البيئة،لذلك نحبّ أن نشيرإلى بعض الشوائب البيئيّة القذرة الغير مقبولة،التي رأيناها في طريقنا،والمنتشرة في فضاء تللك الطبيعة الساحرة،كمكب النّفايات الذي رأيناه قبل بلدة(الرّصافة) على ما أعتقد، إننا نتمنى من مسؤولي هذه البلدة أن لايتركوه مكشوفاً بالعراء،وهذا بحدّ ذاته يعتبر مخالفةبيئيّة،يخالف عليها القانون،كما أنّ كشف قاذوراته يتسبّب في تكاثر الحشرات والذباب الذي بدوره ينقل شتى الأمراض من الجسم المريض، إلى الجسم الصحيح والمعافى،
ومنظره القبيح لاينسحم مع إطار جمال الطبيعةالمحيطة به،بالإضافةإلى الروائح الكريهة المنبعثة من قمامته،فهي تطغى على روائح نباتات وورود ورياحين البيئة المحيطه،كما يحيط السوار بالمعصم.ومنظر هذا المكب،أشبه بندبة تحولّت إلى دملة في وجه فتاة حسناء،فما أقبحه من منظر،وماأكرهها من رائحة تصدر عنها.****************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ربيع أزهار الطبيعة السّاحرة فوق روابي مصياف..
***************************************************************************************************************
وعلى امتداد هذا الشريط من الخضرة والتلوين الطبيعي، لما في ذرا الجبال،وسفوح الهضاب،وغور الوديان،من مشاهد تسحر الناظر لها،بفتنتها وجمالها،ولاشك أنّها قبس من جنّة الله على الأرض.ومن المشاهد التي تسحرك تلك الكتل الصخرية،التي شكلت أريافاً على جافتي طريق المسير،أو على جانبي الأودية...وسفوح الهضاب...**********************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]=brown]مشهد من الكتل الصخرية التي تدلّ على عظمة تلك القمم الجبليّة الشماء..
**************************************************************************************************************************
هذا وقد رصّع صدر الطبيعة بطوق من الزمرّد الأخضر،وتناثرت بعض حباته على شكل قرى توضعت فوق ذرا الجبال،أو على سفوح الهضاب،أو بين ثنيّات المنعطفات،وكانت أسطح منازلها القرميدية،تتزيّن بعرائش العنب،وأشجار الزينة،وعلى طول جانبي هذا الطريق الجبلي الصاعد إلى القمم الشماء...
*******************************************************************************************************************
[url=http://www.0zz0.com][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أصدقاء المسير يرتقون سلالم جبال مصياف ورواسيهاالشامخة..
**************************************************************************************************************************
والهابط إلى الأودية ومجاري السّيول، والذي قطعه أصدقاء المسير،خلال ثماني ساعات من الزمن،ومسافة تقدر بعشرين كيلو متراً،تخلله استراحة قصيرة،افترش فيها الأصدقاء بساط الطبيعة الأخضر الجميل،وتناولوا طعام الإفطار،ومشروباتهم الساخنة من(متة،شاي، قهوة) وغنّ صبايا المسير وشبابه أغانيهم الحلوة العذبة، ولعبوابكرة القدم وسط هذا المرج الأخضر، وبين أزهار الربيع المنوّرة بألف لون ولون،ثم تابعواالمسير،وعلى امتداد دروبه المتعرجة،كنت ترى سياجاً يسيّج حافاته من أشجارالسنديان ،والدلب، والزعرور،وغيرها من الأشجار والنباتات الحراجية التي لاأعرف أسماءها ،وسوراً من الخضرة يسوّر حواكيره،المترامية كجزر خضراء على الجانبين، والتي زرعت بغراس الدّخان السّوري الجبلي المشهور بجودته في بلدان العالم كافة....
********************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الحواكير التي زرعت بشتلات الدخان السوري الشهير..وترى في خلفية الصورة الغيوم الربيعية البيضاء ولقد تناثرت كالملاحف البيضاء في قبّة السماء..
*****************************************************************************************************************
وكذلك بغلال القمح الخضراء،والتي سقيت من غيث وبركة السماء، قبل أيام،ونضارة هذ المساحات على ضيقها وندرتها،تيشر بموسم خيّر ومعطاء للكادحين من أبناء هذه المنطقة،إن شاء الله.وبين أضلع الصخور والانفرجات السّهلية الضيقة زرعت بكثافة ملحوظة البيوت البلاستكيّة،التي يزرع فيها أبناء هذه المنطقة الخضار،كما ذكر لنا،وهي تدرّ عليهم جزءاً من موارد عيشهم القليلة وسط هذه البيئة الجبلية القليلة السهول،قياساً إلى منطقة سلمية وغيرها من المدن الداخلية. والذي تخيّم فوق أسوارها وبكثافة فوق الذي بدا القرى والبلدان الجبيلية المعلّقة على صدر الطبيعة الخضراء كعقد من الزمرد الأخضر.
وفي هذا المسير،وعلى غير العادة حدث فصل بين مجموعاته وحشوده،فقسم من أصدقاء المسير طابت لهم الاستراحة في مقام الشيخ اليماني،وهو مقام يقع على دروب المسير بين الشيحة والرّصافة،وقسم آخر، ولعدم تقيده بخطة المسير، تابع مسيره بعد بلدة الرّصافة متجهاً إلى شلالات البيضا،وعند مفترق طرق جلسنا محتارين أيّ منعطف نسلك لكي نصل إلى شلالات البيضا،وفي هذه اللحظة وصل شرطي على دراجة نارية،سألناه عن الاتجاه الصحيح الذي يجب أن تسلكه قواتنا في الوصول إلى هدفها المنشود لتدمره وتقضي على عدده وعتاده،فأرشدنا مشكوراً،وعندما سألناه عن المسافة المتبقية للوصول إلى شلالات عين البيضا،ضحك..وكأنه كان يقرأ بنات أفكارنا،ويقرأ على قسمات وجوهنا التعب والاعياء،وقال وهو يبتسم:بضعة كيلومترات،قلنا ونحن نكرّر سؤالنا،كم من الزمن بقي؟؟ضحك مرة ثانية،وقال أردت أن أهوّن عليكم بقيّة المشوار ،بقي حوالي نصف ساعة،وقبل أن يغادرنا ضحك وقال:أنتم ضيوفنا فإذا كنتم تحتاجون إلى أي شيء فأنا مستعد لتلبيته،إن استطعت،فشكرناه على حسن جوابه ولباقته،وكان لابدّ من وضع إشارة أو علامة تشير إلى وجهتنا،وترشد الفصيل الآخر،إلى أيّ مفترق سلكنا،وهنا تبّرع الأصدقاء وجمعوا أكواماً من الحجارة وصنعوا منها سهماَ، يشير إلى وجهتنا التي سلكناها عند تقاطع الطرق هذا.ثم تابع فصيلنا تقدمه بين أشجار الصنوبر التي عششت حشرة جادوب الصنوبر فوق جذوعهاوأغصانها بكثافة،وكما هو واضح بالعين المجردة إليها وإلى بعض فروعها التي بدت يابسة وكأنك حرقتها، أوسكبت عليهاقليلاً من المحروقات. وكنت من جموع هذا الفصيل المنشقّ عن جسم المسير،وعندما تباعدت قوى المسيرعن بعضها البعض،وانقسمت أرتاله إلى قسمين،كان لابدّمن حدوث اتصال بين قواته خوفاً من حدوث طارىء،كالضياع مثلاً ،كما حدث في مسير الغاب،ولما كانت التغطية الجوالية، الموبالية غير متوفرة في هذه المنطقة الحراجية ذات الغابات الكثيفة،التي تذكرني بأدغال إفريقيا التي نراها على شاشة الرائي،كان لابدّ من وجود وسيلة اتصال سريعة بأصدقائنا الذين انسلخنا عنهم كما ينلسخ قشرفاكهة ناضجةعن لبّها،وجاءنا الفرج من الصديق الودود(عاطف)وهومن أهالي البيضا الكرام،وكان أحد أصدقاء المسير،وهو الصديق(معتز)قد اتصل به،وأخبره بقدومنا،فما كان من هذا الصديق الكريم،إلا أن ركب ـ وعلى جناح السرعة ـ ركب سيارة صديق له،وحضر إلينا حاملاً طرداً من المشروبات الباردة(الكولا)،وكأنّه كان على علم بحاجتنا إلى شراب بارد يطفىء ظمأنا ،أولامن قيظ شمس المسير،وثانياً:من حملة البحث، ومحاولة الاتصال بالفريق الآخر من أصدقاء المسير الذي انشطرنا عنه،وتبّرع الصديق(عاطف)مشكوراً،وقام بمهمة الجمع والاتصال بين الطرفين،وهنا حدث مايثير الضحك والارتباك معنا،بعد أن جاءنا جواب الفصيل الأول من أصدقاء المسير،طالباً نحن الجماعة المنشقة عنه،العودة إلى قواعدنا سالمين،أي العودة من جديد والالتحام بجسم المسير،وكان هذا مستحيلاً،لأنّ الإعياء والتعب من السير الطويل والشاق على دروب هذا المسير الجبلي الذي يصعد أدراجاً، ويهبط سلالماً، قد نال منّا، وجعلنا نأخذ من جوانب الطريق مسنداً، ومتكأ،نلقي بأجسادنا المتهاوية عليه،وكأننا من عمال التراحيل،الذين جلسوا على قارعة الطريق، ينتظرون ربّ عمل يأتي لاختيار عمال من أجل أن يعملوافي إحدى مزارعه أو منشآته الاقتصادية،وكان لابدّ من جديد الاتصال بالفريق الآخر وإخباره بهذه الحقيقة المرّة،وهي:أنّ الفصيل المنشق أعياه المسير،ومن المستحيل أن يستطيع العودة إليكم،فما عليكم ـ وبعد الرجاء طبعاًـ إلا أن تكملوا مسيركم،وتتقدموا إلينا وتنجدوننا ليكتمل شملنا وتتوحد قوانا المشتتة، وهنا كان لابدّ من إخبار شطرنا بهذه الحقيقةالمرّة،ولكن كيف؟؟وسيارة صديق، صديقنا (عاطف)قد رحلت،فاقترح أحد الأصدقاء،أن تكون وسيلة الاتصال عن طريق (الحمام الزاجل)
فضحكنا من هذه الطرفة الساخرة،فمن أين نأتي بالحمام الزاجل،ونحن وسط غابة
كلّ ما فيها طيور جارحة،وحيوانات مفترسة كواسر..!!
شيء مضحك ومسلَ على الرغم من التّعب والاعياء،الذي قد كانت هدأت حدته،وخفّف من وطأته ،وخاصة بعد أن استرحنا قليلاً، وبعد أن شربنا الكولا الباردة التي أنعشت ونشطت قوانا المتهالكة،وبعثت فينا شيئاً من الحيوية والنشاط من جديد،ونحن في هذه الحيرة والارتباك من أمرنا،مرّ شباب يمتطون صهوة دراجة نارية،فرجوناهم ،أن يخبروا من يرونه من أصدقائنا في طريقهم من الفصيل الآخر،بأنّ أصدقاءكم في الشطر الآخر من جزيرة المسير، لم... ولن يستطيعوا العودة إليلكم لأنّ قواربهم المطاطية الإنقاذية قد فرغت من الهواء وليس لديهم وسيلة ما.. لملئها بالهواء، والابحار على متنها، لكي ينقذوا بها أنفسهم، ويعودواسالمين غانمين إلى الشطر الآخر من جزيرة المسير، التي باعدت عواصفه الهوجاء ، ورياحه الغير منتظمة في توجهها ووجهتها،بيننا وبين المجموعة الثانية من الأصدقاء والتي ترسو على الشاطىء الثاني من جزيرته التي انقسمت وانشطرت إلى شطوط وسبخات،كما ينشطر مسير نهر الفرات في سهول الرقة ودير الزور،ويحوّل مجراه ،تاركاً وراءه بحيرات وسبخات من المياه،تتكاثرعليها طيور البط،وتشرب من مياهها طيور وحيوانات البيئة،ويصطاد هواة الصيد مالذّ لهم وطاب منها.وكلّ هذا التشتّت والانقسام حدث في مثل هذه الأنواء الربيعية الدافئة والجميلة،فكيف لو كانت أنواء المسير شتوية ومثلجة وعاصفة..فماذا حدث..؟؟بالله عليكم أجيبونني..!!ولكن ومع الأسف الشديد،وفي هذه المرّة أيضاً،لم نتلق جواباً على رسالتنا البريدية المستعجلة،والتي حملتها الدراجة الهوائية السريعة،وما أسرع شباب اليوم وهم يسابقون الرّيح على درّاجاتهم ولا يحسبون حساباً لهول المخاطر التي قد تواجههم نتيجة لطيش البعض وسرعتهم القصوى،والتي لاحظناها من شباب هذه المنطقة والذين كانوا يزرعون طريق مسيرنا جيئة وذهاباً،وكأنهم يتباهون بمهارتهم في قيادة دراجاتهم النّارية،والتي نتمنى من الجهات الرسميّة أن تحدد سرعتها على مثل هذه الطرقات الجبلية،وأن تفرض على هواة ركوبها ارتداء الخوذة الواقية،حفاظاً على سلامتهم عند وقوع حادث مفاجىء لاسمح الله.
وتشاور الأصدقاء فيما بينهم..وبعد أن تنفسوا الصعداء...قال بعضهم:الحقّ علينا:كان يجب أن نخبرهم بمتابعتنا للمسير.وبعد التداول والتشاور..اتخذ الأصدقاء القرار التالي:بعد عرض حيثيات القرار،والأسباب الموجبة له:قررنا مايلي:علينا بالعودة أدراجنا،والالتحاق بالمجموعة الثانية من حشود المسير، على الشطر الثاني من الجزيرة الواقعة على تخوم النجوم ولوسباحة وسط يمّ تتطلاطم أمواجه،وتتقاذفه الحسرة والنّدم على مافات،ولاسبيل للنجاة إلا بحزم الأمتعة،والرّجوع إلى الوراء رغم المشقات والصعوبات،وفعلاً باشر بعضنا يحرك ذراعيه وقدميه ويطوي مسافات الطريق،وفي هذه اللحظات ومن وراء منعطف تخبّأ وراء ضلوع غابة،ظهرت أرتال جيوش المسير وهي تزخف بكلّ عتادها وعددها نحونا،وعمّت الفرحة الجميع، وانطلقت الزغاريد والأهازيج لالتئام الشمل،وتوّحد قوى المسير من جديد،لقد كانت مغامرة مسيرية رياضية لاتنتسى،جبلية في ظروفها وطبيعتها،كوميدية في فحواها،درامية في نسيج وترابط مجريات أحداثها، شخصياتها وأبطالها ليست من نسج الخيال،بل هم أحياء يرزقون،من فريق أصدقاء مسيرنا الرياضي.. وكان لابدّ من خاتمة سعيدة لهذا العرس المسيري، بزواج بطل المسلسل من حبيبته،علىطريقة الأفلام والمسلسلات العربيّة، وكان من المتوقع أن يتحقق ذلك عند شلالات البيضا،وفي شعاب ذلك الوادي السحيق، وتحت دوح أشجاره الكثيف، وكأنه شعب بوان الذي وصفه الشاعر المتنبي بقوله:
مَغاني الشِّعب طِيباً في المَغاني == بمنزلة الربيع من الزمانِ
ولكنّ الفتى العَربيَّ فيها == غرِيبُ الوجه واليدِ واللسانِ
مَلاعِبُ جِنَةٍ لو سار فيها == سليمانٌ لسارَ بِتُرْجُمان
ونظير قول أبي الطيب في هذه الأبيات التي تصف شِعب بَوّان،يقول أبو العباس المبرد: كنت مع الحسن بن رجاء بفارس؛فخرجتُ إلى شِعب بَوّان، فنظرت إلى تُرْبة كأنها الكافور، ورياض كأنها الثوب الموشَّى وماء ينحدر كأنه سَلاسِلُ الفضة، على حصباء كأنها حَصَى الدرّ؛ فجعلت أطوف في جَنباتها، وأدور في عَرَصاتها، فإذا في بعض جدرانها مكتوب::
إذا أشرفَ المكروب من رَأسِ تَلْعَةٍ = على شِعْبِ بوّانٍ أفاق من الكَرْب
وأَلهاه بَطْنٌ كالحرير لطافَةً == ومطَّرِد يَجْرِي من البارد العَذْبِ
وطيبُ رِياض في بلادٍ مَرِيعَةٍ == وأغصانُ أشجارٍ جَناها على قُرْبِ
فبالله يا ريحَ الشمال تحمَّلي == إلى شِعْب بوّان سلامَ فتًى صَبِّ
ونحن بدورنا نقول:
فبالله يا ريحَ الغرب تحمَّلي == إلى( شلاشات البيضاء)سلامَ فتًى صَبِّ
ولكن الخاتمة السعيدة والعرس المسيري لهذالمسلسل لم يتحقق على مدرجات ذلك الوادي، بل تحقق فوق رابية تطل على مصياف من الجهة الشرقية،وتشرف على سهل الغاب من الجهتين الشرقية والشمالية،لقد كانت الخاتمة السعيدة لمسيرنا في بيت صديقنا الأستاذ(أحمد...) الذي رافق المسير من سلمية،وكان منسقاً له في جميع مراحله، والذي استضافه ـ مشكوراً ـ في نهايته،في بيته الطابقي ذو الإطلالة الرائعة على كروم العنب والزيتون في منطقة (عين الصحن) شرق مصياف...وفي باحة منزله المنفتحة على كلّ الاتجاهات، استراح أصدقاء المسير ،وتناولوا طعامهم وشربوا مشروباتهم الساخنة وغير الساخنة،وعلى أنغام مسجل السيارة،وعلى صوت إيقاع(الدربكة)رقص شباب المسير وصباياه، ودبكواوهزجوا وصخبوا ولعبوا ألعابهم ومسابقاتهم الرياضية الممتعة، وفي أجواء من الفرح والبهجةفرحوا ومرحوا، حتى حانت لحظة وداعنا بأصدقائنا من البيضا، ومصياف، وفي مقدمتهم دليلنا الصديق:(بسام) وصديقنا(عاطف)الذي ظلّ واقفا بمحاذاة الطريق، حتى مرّ رتل حافلاتنا بجانبه،وكان يصعد إلى كلّ حافلة ليودّع الجميع،فكل الشكر إلى هؤلاء الأصدقاء ،الذين هم بكلّ صدق، يشكلون قطافاً يانعاًلحصاد المسير، ويحققون أهدافه في التعرف على أصدقاء جدد من محيط آخر ، وبلدان أخرى،ومع كلّ شكرنا وتقديرنا لتعب القائمين على مسير اليوم وكلّ مسير،وبذلهم قصارى جهدهم، ليكون مسيراً ناجحاً، نتمنّى عليهم أن يخطّطواوينفذوالمسيرنا بشكل أفضل حتى لايقع الأصدقاء في خطأ ما وقعوا فيه اليوم،ولو أنّه خطأ قادنا لكتابة نادرة وطرفة من طرف المسير الممتعة،والتي برأيي تبقى ذكرى نتندّر بها حتى بعد مضي وقت طويل،ولاننساها إلا بعد حدوث عارض جديد،أقدم من أعماق قلبي لمنظمي المسير والمشاركين فيه،والمقدمين له،اية معونة أو مساعدة الشكر كلّ الشكر، والتقدير كلّ التقدير على مايبذلونه من أجل بلوغه الأهداف الرياضية والبئية والاجتماعية والثقافية المرجوة منه وأدعوهم لمواصلة جهودهم حتى يصبح مسيرنا،ناجحاً في رسم خططه،ومثمراًفي قطاف غلاله وخيراته.
وأخيراًوقبل أن أودعكم ،ومن وحي مسير اليوم، أتوجه بالرسالة التالية التي كتبتها بمداد محبّة طبيعة سهوب وشعاب وجبال مصياف،وقلت فيها:
أيّها العاشق أينما كنت، وأيّة أرض وطئت، إذا كنت تبغي إهداء حبيبتك عطراّثميناً في قيمته ،زكيّاً في رائحته،فما عليك إلا أن تقصد سفوح تلك الجبال،أو تسير في دروبها الجبلية،وتقطف من على جانبي الطريق الأفعواني،ومن كلّ زاوية ومنعطف زهرة لعطر متميز ورائحة زكيّة تفوق بعبقها ورائحها، أيّ عطر فرنسي عالي الجودة وغالي الثمن،أيّها الشاعر إذا كنت ترغب بالحريّة والانعتاق،وترغب بعد لأي، ووحشة، وغربة، أن تسبح في ملكوت الطبيعة الخلابة،فم عليك إلا أن تحط رحالك في إحدى قمم جبال مصياف العاشقة الحريّة،المشرعة دوماً بذراها الشامخة نحو العلا والسؤدد والمجد،وهي كما هي أسطورة الجنة على الأرض،وموطن وحي للشعراء والمبدعين،كذلك هي أمّ حنون ،تفيض بخيرات قمحها،المنثورة في كلّ حواكير قراها،والمسيجة بسياج من الصخور البركانية المتفجرة بالثورة والصلابة..حيّوا معي أبناء جبال مصياف الأشداء بقوتهم وعزيمتهم،والأوفياء لقممها الغرّاء،وأشجارها ونباتاتها الورقاء،
وبالنيابة عنّي وعن أصدقاء المسير الرياضي في جمعيّة أصدقاء سلمية،شدّوا على يدي كلّ امرأة وشيخ معمرين،لقيناهم أمام منازلهم وحييناهم،مباركين لهم صلابتهم، وبأسهم، وقوة جلدهم وصبرهم على مغالبة صروف الدهر،وقسوة الطبيعة،ومن ثمّ الانتصارعلى كلّ تلك النوائب،وبقائهم أشداء واقفين صامدين أمام كلّ العواصف الطبيعيّة والإنسانية التي عصفت بهم،وختاماً نقول:
من وحي مسيرنا الرياضي في مصياف لهذا الأسبوع،نريد لشباب الوطن أن يكونوا أشداء،أقوياء،قاددرين على مغالبة صروف الدهر ونوائبه،كهؤلاء الرّجال الذين ينتصبون طوداً أشماً في أعالي قمم جبال مصياف الغرّاء..والذي لايسعنا أن نصفهم إلا كما قال الشاعر ابن الرّومي:
بنوا في الجبال جبال العلا == فتلك الجبال لها تختشع
وما امتنعوا من عدوٍّ بها == ولكنها بهمُ تمتنع
سمت بجدودهم رتبةٌ == جدودُ الملوك لها تصطرع
هم المبدعون بديع العلا == إذا كان غيرهم المتَّبِع
أيّها الأصدقاء..وداعاً وإلى أن نلقاكم في مسير قادم..نتمنّى للجميع الصّحة والسّعادة،كما نتمنّى أن يستمتعوا ويسعدوا معنا في مسير مصياف، كما سررنا وسعدنافي كلّ لحظة مرّت علينا فيه.
سلمية في /30/4/2010
الصديق: حيدر محمود حيدر
[size=24]
من وحي المسير الرّياضي (الثاني) إلى مصياف...
[/size]*********************************************************************************************************************
شقّ مسيرنا الرياضي لهذا الأسبوع دروبه الجبليّة الوعرة في منطقة مصياف..
ومنذ الصباح الباكر، من يوم الجمعة الموافق لـ /23/4/2010،انطلقت بنا الحافلات من سلمية قاصدين رياض مصياف وجنّاتها الغنّاء،والحافلة تطوي بنا السّهول والبيد طيّا،حضرتني هذه الأبيات للشاعر(مزيد الحلّي) من أمراء أهل الحلّة المزيدية بالعراق، الذي عشق مصياف ،وأقام بها حتى توفي فيها عام1188م يقول الحلّي معبّراً عن سروره لقدومه إلى مصياف، وأنا بدوري أعبّر وأصدقاء المسير عن ذات الشعور، نحو مدينتنا الثانية،الحبيبة مصياف.
blue]
فرحت وقلبي للتذكر واعيا == إلى من دعا للحقّ يا خير داعيا
فلا أرتجي إلاَّه كوني صاحيا == وسرنا إلى مصياف سعياً وساعيا
إلى البيت قوم من قريشٍ وجرهم
ونحن بدورنا لانرتجي إلا الخير، من رؤيةأصدقائنا وأحبّتنا في مصياف،و عندما كان أصدقاء المسير الرّياضي،في جمعيّة أصدقاء سلمية، يغذّون السّير نحوها،كانوا يحلمون بلقاء المدينة التي أحبّوها،وانطلقوا لينفذوا مسيراّ رياضياً، وبيئيّاً في ربوعها العامرة،وكم كانت لهفتهم عارمة، ليكحلوا ناظريهم برؤية مدينة الظلال الوارفة، والجبال الشامخة، مدينة عطر رياحين الربيع: من زعتر برّي، ونارنج،وأزهار الليمون، وياسمين،وحواشات حبق تدّلت على بوابات منازل قراها المعلّقة بين السماء والأرض، والتي تسبح مع الغيوم البيضاء، وهي تتناثر كحبّات العقيق الأخضر فوق ذرا جبالها، ووهادها في مثل هذا اليوم الرّبيعي الدافىء، الذي تفتحت أزهاره المزركشة بألف لون ولون..
وعندما وصل موكب حافلات المسير في الساعة الثامنة صباحاً إلى مصياف،كانت المدينة الغافية على كتف الجبال الساحلية،تستيقظ من رقادهاالعميق،كفتاة غيداء عاشقة،سهرت مع حبيبها، الليل بطوله،وهاهي الآن تنفض عن أجفانها آثار السّهر الطويل، وتفتح عينيها على إشراقة ضوء النهار، وهي ترسم على ثغرها ابتسامة فرح ،وتفتح ذراعيها، لتحضن وترحّب بأصدقاء سلمية،أصدقاء المسير الرّياضي الذين وصلوا إليها في هذا الوقت المبّكر من هذا الصباح المشرق بإشراقة وجهها المنّور مع سطوع شمس الصباح ،وطلوع النّهار,بينماكانت قلعة مصياف الرّابضة على بوابتهاالشرقيّة، والتي عبر الأصدقاء أطلالها، ومرّوا من جانبها، تلّوح بكلتا يديها،مستقبلة أصدقاء المسير ،أصدقاء سلمية،الذي جاؤوا اليوم ليلقوا على أطلالها تحيّة الصباح ، كما يلقي الشاعر التحيّة على حبيبته،وهذه القصيدة مما غنّي في كتاب الأغاني من تحيّة لأطلال المحبوبة لابراهيم الموصلي حين أنشد:
قف العنس ننظر نظرةً في ديارها == وهل ذاك من داء الصبابة نافع!
فقال: أما تغشى لمية منزلاً == من الأرض إلا قلت: هل أنا رابع!
وقل لأطلالٍ لمي تحيةٌ == تحيا بها أو أن ترش المدامع
العنس: الناقة. والرابع: المقيم. وقل لأطلال، أي ما أقل لهذه الأطلال مما أفعله. وترش المدامع، أي تكثر نضحها الدموع. ونحن بدورنا ننشد ونغنّي:
قل لأطلال مصياف تحيّة == تحيا بها،او أن ترش المدامع
*************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قلعة مصياف>>>> تلّوح بكلتا يديها،مستقبلة أصدقاء المسير...
*********************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قلعة شميميس ،وقلعة مصياف، صنوان في التاريخ والحضارة..
*************************************************************************************************************
و جاء الأصدقاء أيضاً،ليستأذنوا بالدخول إلى ربوع حماها،لكي ينفذوا
مسيراًرياضيّاً وبيئيّاً شاقاً ،برفقة دليل من أبنائها هو الصديق(بسام..) أحد شباب مصياف الرّياضيين النشيطين الأوفياء،والذي رافق المسير(مشكوراً) منذ أن وطئت خطواته الأولى بلاط الساحة العامة في مصياف،ومن ثمّ انطلق ركبه، يخترق القرىالرّيفيةالخضراء، والمعلّقة كالنجوم فوق ذرا جبالها الشماء،
******************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أصدقاء المسير الرياضي يشقون دروبهم في شعاب جبال مصياف،عبر طبيعة ساحرة،وغابات مورفة الظلال..
******************************************************************************************************************
ويتواصل ركوباً بالحافلات، بدءاً من محور طريق(مصياف القدموس)مروراً بقرى(حيلين وحيالين)،ووصولاً إلى مفرق قرية(عين قضيب) ومن هذهالنقطة،أي من هذا المفرق ،المعلّق كالرّاية فوق قمم الجبال،بدأ الأصدقاء مسيرهم سيراً على الأقدام يتقدمّهم الدّليل الصديق(بسام)وليواصلوا تقدّمهم مخترقين ومارين بعدة قرى هي على التوالي:(قرية عين قصب ـ الشيحة ـ وصولاً إلى طريق مصياف وادي العيون عند بلدة(الرّصافة)ومن ثمّ الانعطاف يميناً لمتابعة المسير إلى شلالات (البيضا) عبر طريق ملتف ومتعرّج بين الغابات الكثيفة بأشجار السنديان والدلب والصنوبر، والتي بدت مثقلة بحشرة جادوب الصنوبر التي عشّشت حشرته فوق أوراقها وأغصانها،كما تعشش أوكار الدبابير في كروم العنب،وعلى امتداد دروب المسير الأفعوانية الملتّفة من مفرق قرية (عين القصب) وصولاً إلى شلالات البيضا،كان الأصدقاء ينفذون مسيرهم الرّياضي وسط أجواء طبيعية، ومناخية، وبيئية، وجمالية رائعة،ولأنّ أصدقاء المسير هم أصدقاء البيئة،لذلك نحبّ أن نشيرإلى بعض الشوائب البيئيّة القذرة الغير مقبولة،التي رأيناها في طريقنا،والمنتشرة في فضاء تللك الطبيعة الساحرة،كمكب النّفايات الذي رأيناه قبل بلدة(الرّصافة) على ما أعتقد، إننا نتمنى من مسؤولي هذه البلدة أن لايتركوه مكشوفاً بالعراء،وهذا بحدّ ذاته يعتبر مخالفةبيئيّة،يخالف عليها القانون،كما أنّ كشف قاذوراته يتسبّب في تكاثر الحشرات والذباب الذي بدوره ينقل شتى الأمراض من الجسم المريض، إلى الجسم الصحيح والمعافى،
ومنظره القبيح لاينسحم مع إطار جمال الطبيعةالمحيطة به،بالإضافةإلى الروائح الكريهة المنبعثة من قمامته،فهي تطغى على روائح نباتات وورود ورياحين البيئة المحيطه،كما يحيط السوار بالمعصم.ومنظر هذا المكب،أشبه بندبة تحولّت إلى دملة في وجه فتاة حسناء،فما أقبحه من منظر،وماأكرهها من رائحة تصدر عنها.****************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ربيع أزهار الطبيعة السّاحرة فوق روابي مصياف..
***************************************************************************************************************
وعلى امتداد هذا الشريط من الخضرة والتلوين الطبيعي، لما في ذرا الجبال،وسفوح الهضاب،وغور الوديان،من مشاهد تسحر الناظر لها،بفتنتها وجمالها،ولاشك أنّها قبس من جنّة الله على الأرض.ومن المشاهد التي تسحرك تلك الكتل الصخرية،التي شكلت أريافاً على جافتي طريق المسير،أو على جانبي الأودية...وسفوح الهضاب...**********************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]=brown]مشهد من الكتل الصخرية التي تدلّ على عظمة تلك القمم الجبليّة الشماء..
**************************************************************************************************************************
هذا وقد رصّع صدر الطبيعة بطوق من الزمرّد الأخضر،وتناثرت بعض حباته على شكل قرى توضعت فوق ذرا الجبال،أو على سفوح الهضاب،أو بين ثنيّات المنعطفات،وكانت أسطح منازلها القرميدية،تتزيّن بعرائش العنب،وأشجار الزينة،وعلى طول جانبي هذا الطريق الجبلي الصاعد إلى القمم الشماء...
*******************************************************************************************************************
[url=http://www.0zz0.com][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أصدقاء المسير يرتقون سلالم جبال مصياف ورواسيهاالشامخة..
**************************************************************************************************************************
والهابط إلى الأودية ومجاري السّيول، والذي قطعه أصدقاء المسير،خلال ثماني ساعات من الزمن،ومسافة تقدر بعشرين كيلو متراً،تخلله استراحة قصيرة،افترش فيها الأصدقاء بساط الطبيعة الأخضر الجميل،وتناولوا طعام الإفطار،ومشروباتهم الساخنة من(متة،شاي، قهوة) وغنّ صبايا المسير وشبابه أغانيهم الحلوة العذبة، ولعبوابكرة القدم وسط هذا المرج الأخضر، وبين أزهار الربيع المنوّرة بألف لون ولون،ثم تابعواالمسير،وعلى امتداد دروبه المتعرجة،كنت ترى سياجاً يسيّج حافاته من أشجارالسنديان ،والدلب، والزعرور،وغيرها من الأشجار والنباتات الحراجية التي لاأعرف أسماءها ،وسوراً من الخضرة يسوّر حواكيره،المترامية كجزر خضراء على الجانبين، والتي زرعت بغراس الدّخان السّوري الجبلي المشهور بجودته في بلدان العالم كافة....
********************************************************************************************************************
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الحواكير التي زرعت بشتلات الدخان السوري الشهير..وترى في خلفية الصورة الغيوم الربيعية البيضاء ولقد تناثرت كالملاحف البيضاء في قبّة السماء..
*****************************************************************************************************************
وكذلك بغلال القمح الخضراء،والتي سقيت من غيث وبركة السماء، قبل أيام،ونضارة هذ المساحات على ضيقها وندرتها،تيشر بموسم خيّر ومعطاء للكادحين من أبناء هذه المنطقة،إن شاء الله.وبين أضلع الصخور والانفرجات السّهلية الضيقة زرعت بكثافة ملحوظة البيوت البلاستكيّة،التي يزرع فيها أبناء هذه المنطقة الخضار،كما ذكر لنا،وهي تدرّ عليهم جزءاً من موارد عيشهم القليلة وسط هذه البيئة الجبلية القليلة السهول،قياساً إلى منطقة سلمية وغيرها من المدن الداخلية. والذي تخيّم فوق أسوارها وبكثافة فوق الذي بدا القرى والبلدان الجبيلية المعلّقة على صدر الطبيعة الخضراء كعقد من الزمرد الأخضر.
وفي هذا المسير،وعلى غير العادة حدث فصل بين مجموعاته وحشوده،فقسم من أصدقاء المسير طابت لهم الاستراحة في مقام الشيخ اليماني،وهو مقام يقع على دروب المسير بين الشيحة والرّصافة،وقسم آخر، ولعدم تقيده بخطة المسير، تابع مسيره بعد بلدة الرّصافة متجهاً إلى شلالات البيضا،وعند مفترق طرق جلسنا محتارين أيّ منعطف نسلك لكي نصل إلى شلالات البيضا،وفي هذه اللحظة وصل شرطي على دراجة نارية،سألناه عن الاتجاه الصحيح الذي يجب أن تسلكه قواتنا في الوصول إلى هدفها المنشود لتدمره وتقضي على عدده وعتاده،فأرشدنا مشكوراً،وعندما سألناه عن المسافة المتبقية للوصول إلى شلالات عين البيضا،ضحك..وكأنه كان يقرأ بنات أفكارنا،ويقرأ على قسمات وجوهنا التعب والاعياء،وقال وهو يبتسم:بضعة كيلومترات،قلنا ونحن نكرّر سؤالنا،كم من الزمن بقي؟؟ضحك مرة ثانية،وقال أردت أن أهوّن عليكم بقيّة المشوار ،بقي حوالي نصف ساعة،وقبل أن يغادرنا ضحك وقال:أنتم ضيوفنا فإذا كنتم تحتاجون إلى أي شيء فأنا مستعد لتلبيته،إن استطعت،فشكرناه على حسن جوابه ولباقته،وكان لابدّ من وضع إشارة أو علامة تشير إلى وجهتنا،وترشد الفصيل الآخر،إلى أيّ مفترق سلكنا،وهنا تبّرع الأصدقاء وجمعوا أكواماً من الحجارة وصنعوا منها سهماَ، يشير إلى وجهتنا التي سلكناها عند تقاطع الطرق هذا.ثم تابع فصيلنا تقدمه بين أشجار الصنوبر التي عششت حشرة جادوب الصنوبر فوق جذوعهاوأغصانها بكثافة،وكما هو واضح بالعين المجردة إليها وإلى بعض فروعها التي بدت يابسة وكأنك حرقتها، أوسكبت عليهاقليلاً من المحروقات. وكنت من جموع هذا الفصيل المنشقّ عن جسم المسير،وعندما تباعدت قوى المسيرعن بعضها البعض،وانقسمت أرتاله إلى قسمين،كان لابدّمن حدوث اتصال بين قواته خوفاً من حدوث طارىء،كالضياع مثلاً ،كما حدث في مسير الغاب،ولما كانت التغطية الجوالية، الموبالية غير متوفرة في هذه المنطقة الحراجية ذات الغابات الكثيفة،التي تذكرني بأدغال إفريقيا التي نراها على شاشة الرائي،كان لابدّ من وجود وسيلة اتصال سريعة بأصدقائنا الذين انسلخنا عنهم كما ينلسخ قشرفاكهة ناضجةعن لبّها،وجاءنا الفرج من الصديق الودود(عاطف)وهومن أهالي البيضا الكرام،وكان أحد أصدقاء المسير،وهو الصديق(معتز)قد اتصل به،وأخبره بقدومنا،فما كان من هذا الصديق الكريم،إلا أن ركب ـ وعلى جناح السرعة ـ ركب سيارة صديق له،وحضر إلينا حاملاً طرداً من المشروبات الباردة(الكولا)،وكأنّه كان على علم بحاجتنا إلى شراب بارد يطفىء ظمأنا ،أولامن قيظ شمس المسير،وثانياً:من حملة البحث، ومحاولة الاتصال بالفريق الآخر من أصدقاء المسير الذي انشطرنا عنه،وتبّرع الصديق(عاطف)مشكوراً،وقام بمهمة الجمع والاتصال بين الطرفين،وهنا حدث مايثير الضحك والارتباك معنا،بعد أن جاءنا جواب الفصيل الأول من أصدقاء المسير،طالباً نحن الجماعة المنشقة عنه،العودة إلى قواعدنا سالمين،أي العودة من جديد والالتحام بجسم المسير،وكان هذا مستحيلاً،لأنّ الإعياء والتعب من السير الطويل والشاق على دروب هذا المسير الجبلي الذي يصعد أدراجاً، ويهبط سلالماً، قد نال منّا، وجعلنا نأخذ من جوانب الطريق مسنداً، ومتكأ،نلقي بأجسادنا المتهاوية عليه،وكأننا من عمال التراحيل،الذين جلسوا على قارعة الطريق، ينتظرون ربّ عمل يأتي لاختيار عمال من أجل أن يعملوافي إحدى مزارعه أو منشآته الاقتصادية،وكان لابدّ من جديد الاتصال بالفريق الآخر وإخباره بهذه الحقيقة المرّة،وهي:أنّ الفصيل المنشق أعياه المسير،ومن المستحيل أن يستطيع العودة إليكم،فما عليكم ـ وبعد الرجاء طبعاًـ إلا أن تكملوا مسيركم،وتتقدموا إلينا وتنجدوننا ليكتمل شملنا وتتوحد قوانا المشتتة، وهنا كان لابدّ من إخبار شطرنا بهذه الحقيقةالمرّة،ولكن كيف؟؟وسيارة صديق، صديقنا (عاطف)قد رحلت،فاقترح أحد الأصدقاء،أن تكون وسيلة الاتصال عن طريق (الحمام الزاجل)
فضحكنا من هذه الطرفة الساخرة،فمن أين نأتي بالحمام الزاجل،ونحن وسط غابة
كلّ ما فيها طيور جارحة،وحيوانات مفترسة كواسر..!!
شيء مضحك ومسلَ على الرغم من التّعب والاعياء،الذي قد كانت هدأت حدته،وخفّف من وطأته ،وخاصة بعد أن استرحنا قليلاً، وبعد أن شربنا الكولا الباردة التي أنعشت ونشطت قوانا المتهالكة،وبعثت فينا شيئاً من الحيوية والنشاط من جديد،ونحن في هذه الحيرة والارتباك من أمرنا،مرّ شباب يمتطون صهوة دراجة نارية،فرجوناهم ،أن يخبروا من يرونه من أصدقائنا في طريقهم من الفصيل الآخر،بأنّ أصدقاءكم في الشطر الآخر من جزيرة المسير، لم... ولن يستطيعوا العودة إليلكم لأنّ قواربهم المطاطية الإنقاذية قد فرغت من الهواء وليس لديهم وسيلة ما.. لملئها بالهواء، والابحار على متنها، لكي ينقذوا بها أنفسهم، ويعودواسالمين غانمين إلى الشطر الآخر من جزيرة المسير، التي باعدت عواصفه الهوجاء ، ورياحه الغير منتظمة في توجهها ووجهتها،بيننا وبين المجموعة الثانية من الأصدقاء والتي ترسو على الشاطىء الثاني من جزيرته التي انقسمت وانشطرت إلى شطوط وسبخات،كما ينشطر مسير نهر الفرات في سهول الرقة ودير الزور،ويحوّل مجراه ،تاركاً وراءه بحيرات وسبخات من المياه،تتكاثرعليها طيور البط،وتشرب من مياهها طيور وحيوانات البيئة،ويصطاد هواة الصيد مالذّ لهم وطاب منها.وكلّ هذا التشتّت والانقسام حدث في مثل هذه الأنواء الربيعية الدافئة والجميلة،فكيف لو كانت أنواء المسير شتوية ومثلجة وعاصفة..فماذا حدث..؟؟بالله عليكم أجيبونني..!!ولكن ومع الأسف الشديد،وفي هذه المرّة أيضاً،لم نتلق جواباً على رسالتنا البريدية المستعجلة،والتي حملتها الدراجة الهوائية السريعة،وما أسرع شباب اليوم وهم يسابقون الرّيح على درّاجاتهم ولا يحسبون حساباً لهول المخاطر التي قد تواجههم نتيجة لطيش البعض وسرعتهم القصوى،والتي لاحظناها من شباب هذه المنطقة والذين كانوا يزرعون طريق مسيرنا جيئة وذهاباً،وكأنهم يتباهون بمهارتهم في قيادة دراجاتهم النّارية،والتي نتمنى من الجهات الرسميّة أن تحدد سرعتها على مثل هذه الطرقات الجبلية،وأن تفرض على هواة ركوبها ارتداء الخوذة الواقية،حفاظاً على سلامتهم عند وقوع حادث مفاجىء لاسمح الله.
وتشاور الأصدقاء فيما بينهم..وبعد أن تنفسوا الصعداء...قال بعضهم:الحقّ علينا:كان يجب أن نخبرهم بمتابعتنا للمسير.وبعد التداول والتشاور..اتخذ الأصدقاء القرار التالي:بعد عرض حيثيات القرار،والأسباب الموجبة له:قررنا مايلي:علينا بالعودة أدراجنا،والالتحاق بالمجموعة الثانية من حشود المسير، على الشطر الثاني من الجزيرة الواقعة على تخوم النجوم ولوسباحة وسط يمّ تتطلاطم أمواجه،وتتقاذفه الحسرة والنّدم على مافات،ولاسبيل للنجاة إلا بحزم الأمتعة،والرّجوع إلى الوراء رغم المشقات والصعوبات،وفعلاً باشر بعضنا يحرك ذراعيه وقدميه ويطوي مسافات الطريق،وفي هذه اللحظات ومن وراء منعطف تخبّأ وراء ضلوع غابة،ظهرت أرتال جيوش المسير وهي تزخف بكلّ عتادها وعددها نحونا،وعمّت الفرحة الجميع، وانطلقت الزغاريد والأهازيج لالتئام الشمل،وتوّحد قوى المسير من جديد،لقد كانت مغامرة مسيرية رياضية لاتنتسى،جبلية في ظروفها وطبيعتها،كوميدية في فحواها،درامية في نسيج وترابط مجريات أحداثها، شخصياتها وأبطالها ليست من نسج الخيال،بل هم أحياء يرزقون،من فريق أصدقاء مسيرنا الرياضي.. وكان لابدّ من خاتمة سعيدة لهذا العرس المسيري، بزواج بطل المسلسل من حبيبته،علىطريقة الأفلام والمسلسلات العربيّة، وكان من المتوقع أن يتحقق ذلك عند شلالات البيضا،وفي شعاب ذلك الوادي السحيق، وتحت دوح أشجاره الكثيف، وكأنه شعب بوان الذي وصفه الشاعر المتنبي بقوله:
مَغاني الشِّعب طِيباً في المَغاني == بمنزلة الربيع من الزمانِ
ولكنّ الفتى العَربيَّ فيها == غرِيبُ الوجه واليدِ واللسانِ
مَلاعِبُ جِنَةٍ لو سار فيها == سليمانٌ لسارَ بِتُرْجُمان
ونظير قول أبي الطيب في هذه الأبيات التي تصف شِعب بَوّان،يقول أبو العباس المبرد: كنت مع الحسن بن رجاء بفارس؛فخرجتُ إلى شِعب بَوّان، فنظرت إلى تُرْبة كأنها الكافور، ورياض كأنها الثوب الموشَّى وماء ينحدر كأنه سَلاسِلُ الفضة، على حصباء كأنها حَصَى الدرّ؛ فجعلت أطوف في جَنباتها، وأدور في عَرَصاتها، فإذا في بعض جدرانها مكتوب::
إذا أشرفَ المكروب من رَأسِ تَلْعَةٍ = على شِعْبِ بوّانٍ أفاق من الكَرْب
وأَلهاه بَطْنٌ كالحرير لطافَةً == ومطَّرِد يَجْرِي من البارد العَذْبِ
وطيبُ رِياض في بلادٍ مَرِيعَةٍ == وأغصانُ أشجارٍ جَناها على قُرْبِ
فبالله يا ريحَ الشمال تحمَّلي == إلى شِعْب بوّان سلامَ فتًى صَبِّ
ونحن بدورنا نقول:
فبالله يا ريحَ الغرب تحمَّلي == إلى( شلاشات البيضاء)سلامَ فتًى صَبِّ
ولكن الخاتمة السعيدة والعرس المسيري لهذالمسلسل لم يتحقق على مدرجات ذلك الوادي، بل تحقق فوق رابية تطل على مصياف من الجهة الشرقية،وتشرف على سهل الغاب من الجهتين الشرقية والشمالية،لقد كانت الخاتمة السعيدة لمسيرنا في بيت صديقنا الأستاذ(أحمد...) الذي رافق المسير من سلمية،وكان منسقاً له في جميع مراحله، والذي استضافه ـ مشكوراً ـ في نهايته،في بيته الطابقي ذو الإطلالة الرائعة على كروم العنب والزيتون في منطقة (عين الصحن) شرق مصياف...وفي باحة منزله المنفتحة على كلّ الاتجاهات، استراح أصدقاء المسير ،وتناولوا طعامهم وشربوا مشروباتهم الساخنة وغير الساخنة،وعلى أنغام مسجل السيارة،وعلى صوت إيقاع(الدربكة)رقص شباب المسير وصباياه، ودبكواوهزجوا وصخبوا ولعبوا ألعابهم ومسابقاتهم الرياضية الممتعة، وفي أجواء من الفرح والبهجةفرحوا ومرحوا، حتى حانت لحظة وداعنا بأصدقائنا من البيضا، ومصياف، وفي مقدمتهم دليلنا الصديق:(بسام) وصديقنا(عاطف)الذي ظلّ واقفا بمحاذاة الطريق، حتى مرّ رتل حافلاتنا بجانبه،وكان يصعد إلى كلّ حافلة ليودّع الجميع،فكل الشكر إلى هؤلاء الأصدقاء ،الذين هم بكلّ صدق، يشكلون قطافاً يانعاًلحصاد المسير، ويحققون أهدافه في التعرف على أصدقاء جدد من محيط آخر ، وبلدان أخرى،ومع كلّ شكرنا وتقديرنا لتعب القائمين على مسير اليوم وكلّ مسير،وبذلهم قصارى جهدهم، ليكون مسيراً ناجحاً، نتمنّى عليهم أن يخطّطواوينفذوالمسيرنا بشكل أفضل حتى لايقع الأصدقاء في خطأ ما وقعوا فيه اليوم،ولو أنّه خطأ قادنا لكتابة نادرة وطرفة من طرف المسير الممتعة،والتي برأيي تبقى ذكرى نتندّر بها حتى بعد مضي وقت طويل،ولاننساها إلا بعد حدوث عارض جديد،أقدم من أعماق قلبي لمنظمي المسير والمشاركين فيه،والمقدمين له،اية معونة أو مساعدة الشكر كلّ الشكر، والتقدير كلّ التقدير على مايبذلونه من أجل بلوغه الأهداف الرياضية والبئية والاجتماعية والثقافية المرجوة منه وأدعوهم لمواصلة جهودهم حتى يصبح مسيرنا،ناجحاً في رسم خططه،ومثمراًفي قطاف غلاله وخيراته.
وأخيراًوقبل أن أودعكم ،ومن وحي مسير اليوم، أتوجه بالرسالة التالية التي كتبتها بمداد محبّة طبيعة سهوب وشعاب وجبال مصياف،وقلت فيها:
أيّها العاشق أينما كنت، وأيّة أرض وطئت، إذا كنت تبغي إهداء حبيبتك عطراّثميناً في قيمته ،زكيّاً في رائحته،فما عليك إلا أن تقصد سفوح تلك الجبال،أو تسير في دروبها الجبلية،وتقطف من على جانبي الطريق الأفعواني،ومن كلّ زاوية ومنعطف زهرة لعطر متميز ورائحة زكيّة تفوق بعبقها ورائحها، أيّ عطر فرنسي عالي الجودة وغالي الثمن،أيّها الشاعر إذا كنت ترغب بالحريّة والانعتاق،وترغب بعد لأي، ووحشة، وغربة، أن تسبح في ملكوت الطبيعة الخلابة،فم عليك إلا أن تحط رحالك في إحدى قمم جبال مصياف العاشقة الحريّة،المشرعة دوماً بذراها الشامخة نحو العلا والسؤدد والمجد،وهي كما هي أسطورة الجنة على الأرض،وموطن وحي للشعراء والمبدعين،كذلك هي أمّ حنون ،تفيض بخيرات قمحها،المنثورة في كلّ حواكير قراها،والمسيجة بسياج من الصخور البركانية المتفجرة بالثورة والصلابة..حيّوا معي أبناء جبال مصياف الأشداء بقوتهم وعزيمتهم،والأوفياء لقممها الغرّاء،وأشجارها ونباتاتها الورقاء،
وبالنيابة عنّي وعن أصدقاء المسير الرياضي في جمعيّة أصدقاء سلمية،شدّوا على يدي كلّ امرأة وشيخ معمرين،لقيناهم أمام منازلهم وحييناهم،مباركين لهم صلابتهم، وبأسهم، وقوة جلدهم وصبرهم على مغالبة صروف الدهر،وقسوة الطبيعة،ومن ثمّ الانتصارعلى كلّ تلك النوائب،وبقائهم أشداء واقفين صامدين أمام كلّ العواصف الطبيعيّة والإنسانية التي عصفت بهم،وختاماً نقول:
من وحي مسيرنا الرياضي في مصياف لهذا الأسبوع،نريد لشباب الوطن أن يكونوا أشداء،أقوياء،قاددرين على مغالبة صروف الدهر ونوائبه،كهؤلاء الرّجال الذين ينتصبون طوداً أشماً في أعالي قمم جبال مصياف الغرّاء..والذي لايسعنا أن نصفهم إلا كما قال الشاعر ابن الرّومي:
بنوا في الجبال جبال العلا == فتلك الجبال لها تختشع
وما امتنعوا من عدوٍّ بها == ولكنها بهمُ تمتنع
سمت بجدودهم رتبةٌ == جدودُ الملوك لها تصطرع
هم المبدعون بديع العلا == إذا كان غيرهم المتَّبِع
أيّها الأصدقاء..وداعاً وإلى أن نلقاكم في مسير قادم..نتمنّى للجميع الصّحة والسّعادة،كما نتمنّى أن يستمتعوا ويسعدوا معنا في مسير مصياف، كما سررنا وسعدنافي كلّ لحظة مرّت علينا فيه.
سلمية في /30/4/2010
الصديق: حيدر محمود حيدر