[size=24]]size=24][]]بمناسبة الصور التي أرسلتموها لي على إميلي وهي لأهلنا في مصياف وهم على المقابر في صباح يوم العيد أضع هذا الموضوع على منتداكم الكريم[/
[size=24](خواطر موجعة من وحي العيد)
*********************************************[/color]
أيّها الأصدقاء كلّ عام وأنتم بخير..
كان عليّ ـ وأنا أزجي إليكم تهنئتي بعيد الأضحى المبارك ـ كان عليّ أن أبوح لكم ببعض الخواطر والهواجس الموجعة التي راودت مخيلتي، وأنا أعبر أوّل محطة من محطّاته..
وكعادتي في صباح كلّ يوم من أوّل أيّام العيدين الفطر،، والأضحى،أستيقظ مبّكراً،لكي أذهب إلى التربة(المقبرة) ، لأقرأ الفاتحة على قبور من كانوا لنا أهلا، وصحبة، وأحبّة في يوم من الأيام،ولكنّ الموت الذي لا... لايرحم صغيراً أو كبيراً،ولاغنيّاً أو فقيراً.. غيّبهم عنّا فأصبحوا في دنيا الحقّ، ونحن في دنيا الباطل، قال ابن الطباطبائي:
هو الموت يدرك حتى العقاب == ولو قد بنت في ذرى الجو عشا
فلم يبقِ انساً ولا جنة == ولم يبقِ طيراً ولم يبق وحشا
هؤلاء الأحبّة خطفهم الموت من بين أيدينا،ورحلوا عنّا في المكان، وخلدّوافي الوجدان ، رحلوا بعد أن تركونا نواجه عاصفة مصيرنا بلا مركب أو قبطان،أمواج متلاطمة تدفعنا نحو لجّة البحر، فنكاد نغرق،وتيارت دافئة، تحمل في طياتها نسيماً عليلا، يدفعنا نحو شواطىء الأمن والأمان، والرّاحة والسّلوان،هي الدنيا هكذا ليس لهاأمان، يوم لك، ويوم عليك، فلايؤتمن جانبهايقول الشاعرعبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي، المعروف بالببغاء:
هِيَ الدُنيا تَقولُ بِمِلءِ فيها== حَذارِ حَذارِ مِن بَطشي وَفَتكي
وَلا يَغرُركُم حُسنُ اِبتِسامي فَقَولي مُضحِكٌ وَالفِعلُ مُبكي
فيوم نُعزَّى بأحبائنا،ونذهب في العيد لنقرأ بعض آيات الذكر الحكيم علىأرواحهم،ويوم نقف فيه معزِّين، بفقد الأصحاب ومن لنا معهم أجمل الذكريات،وعند رموسهم نقف وقفة خشوع وصلاة..ونقول:ياأحبتنا ارقدوا بسلام وأمان..انتم من السابقين ونحن من اللاحقين،رحمكم اله وأسكنكم فسيح جنّاته.
أيّها الراحلون من ذاكرة المكان،ولكنّكم خالدون في الوجدان لن ننساكم وسنظلّ نزوركم حتى نرحل إليكم،يقول الشاعر ابن الرّياحي:
باللّه يا راحلاً نحو الأحبّة سَلْ == عنهمْ وسَلِّمْ عليهم بعد إِذ تَصِلُ
وقل لهم إنّنا عنك أُسَارى أَسىً == وعن قريب إلي
كم نحن نرتحِلُـ
بعد هذا الإيقاع الحزين،والذي يبدأ مع الفجر ويستمرّ حتى سطوع الشمس،يمضي مشواري في أول أيام العيد إلى محطتّه الثانية،وهذه المحطة فيها مواطن ذكريات الطفولة، ومراتع الشباب،إنها قريتي التي كانت جنّة وارفة الظلال،من أشجار اللوز والجوز والكرمة والصفصاف،قريتي التي تركتها منذ تزوّجت، لاكراهية بها،وإنما بيتنا الرّيفي الذي هجرته مكرهاً، لايستوعب عائلتين،ولكن..بعد رحيلي منها، ماانقطعت عنها،وبقيت أزورها في كلّ يوم جمعة، طالما والديّ كانا على قيد الحياة،وبعد وفاتهما (رحمهما الله)أخذت زياراتي تقلّ شيئاً... فشيئاً، حتى أصبحت لاأقصدها إلا في المناسبات،والحديث عن القرية في هذا العيد يحمل في خلجات بوحه ألماً، وحسرة على الطبيعة التي لازمها الجفاف،ولازم الأسى نفوس النّاس،وأصبح حالهم ينشد مع الشاعر اللبناني الياس أبو شبكة:
وَكنتُ عَلى الجفافِ وَمن قنوطي == يَفيضُ عَلى دَمي ظِلٌّ شَقِيُّ
وتغيّرت الأنواء في القرية، واسودّ ثوبها الأخضر الزاهي،ولبس وجهه الطبيعة الكالح الأصفر المعفّر بالتراب الممزوج بعرق الفلاحين الذين نثروا البذار في الأرض وجلسوا ينتظرون رحمة السّماء،ولكن طال انتظارهم..!!.والانتظار صعب ياأصدقائي، وخاصة، إذا كان من تنتظره هو من سينقذك من موت زؤام،أيّهاالفلاحون يامن شقيتم وحرثتم، وزرعتم، استسقوا رحمة الله، لامن أجلنا، فنحن متخمون بآثامنا،ولكن من أجل أطفالنا،قولوا.. وتضرّعوا..وادعوا الله عزّ وجل:اللهم ارحم البلاد والعباد،اللهم أغثنا بغيثك، ونجّنا برحمتك،اللهم نحن الخطاؤون،وأنت رحيم كريم..في قريتي الحزينة آلام موجعة،الزرع لم ينبت، والبيادر لم تلقاك بوجهها الخريفي الأخضرالجميل ،والرّاعي في المراعي يغنّي على ناييه الحزين:
ياسامعين الصوت...ما في كلأ ،مافي قوت،
وبرحمتك يارب غيثنا ،وارحمنا...
قبل مايفتك فينا الجوع، والموت..
نشيدٌ وقعُ غنائِه وأنينِه يخترق شغاف القلب،ويوجع من ليس في قلبه وجع،اللهم لانسألك ردّ القضاء بل نسألك اللطف فيه.يقول الشاعر ابن الجياب الغرناطي:
سترك اللهم للذنب الجلل == عفوك اللهم عن قبح الزلل
عائذاً بالله أن يفضحني == جامعاً لكل زيغ وخلل
وليس لنا في هذا العيد المبارك إلا أن نبتهل من الله، ونطلب من المولى الكريم أن يفرّج كربة العباد، ويشملهم بواسع رحمته، وأن نردّد مع الشاعر حمّاد الباصوني قوله:
فَرِّجِ اللَهُمَّ عَنّا كُربَةً == وَأَعِن مَن في ذَراكَ اِعتَصَما
وَاِجعَلِ الأَعيادَ فينا قُرَّةً == وَاِهدِنا اللَهُمَّ ديناً قَيِّما
[color=blue]
أيّها الأصدقاء:إنّ الحديث عن موت الطبيعة في فصل الجفاف هذا، أشبه بالحديث عن موت من نحبّهم، كلاهما موجع ومؤلم.
وفي ختام سردي لهذا الخواطر الموجعة المؤلمة، الذي فاضت بها مشاعري، وكانت من وحي عيد الأضحى المبارك،أودّعكم وأنا أدعو لكم من كلّ قلبي ،أن لايصيبكم أذى، ولامكروه.وكلّ عام وأنتم وأحبتّكم، وصحبتكم، بألف خير وسلامة.
حيدر حيدر
سلمية في /17/11/2010/[/color][/size][/size][/size][/size]
[size=24](خواطر موجعة من وحي العيد)
*********************************************[/color]
أيّها الأصدقاء كلّ عام وأنتم بخير..
كان عليّ ـ وأنا أزجي إليكم تهنئتي بعيد الأضحى المبارك ـ كان عليّ أن أبوح لكم ببعض الخواطر والهواجس الموجعة التي راودت مخيلتي، وأنا أعبر أوّل محطة من محطّاته..
وكعادتي في صباح كلّ يوم من أوّل أيّام العيدين الفطر،، والأضحى،أستيقظ مبّكراً،لكي أذهب إلى التربة(المقبرة) ، لأقرأ الفاتحة على قبور من كانوا لنا أهلا، وصحبة، وأحبّة في يوم من الأيام،ولكنّ الموت الذي لا... لايرحم صغيراً أو كبيراً،ولاغنيّاً أو فقيراً.. غيّبهم عنّا فأصبحوا في دنيا الحقّ، ونحن في دنيا الباطل، قال ابن الطباطبائي:
هو الموت يدرك حتى العقاب == ولو قد بنت في ذرى الجو عشا
فلم يبقِ انساً ولا جنة == ولم يبقِ طيراً ولم يبق وحشا
هؤلاء الأحبّة خطفهم الموت من بين أيدينا،ورحلوا عنّا في المكان، وخلدّوافي الوجدان ، رحلوا بعد أن تركونا نواجه عاصفة مصيرنا بلا مركب أو قبطان،أمواج متلاطمة تدفعنا نحو لجّة البحر، فنكاد نغرق،وتيارت دافئة، تحمل في طياتها نسيماً عليلا، يدفعنا نحو شواطىء الأمن والأمان، والرّاحة والسّلوان،هي الدنيا هكذا ليس لهاأمان، يوم لك، ويوم عليك، فلايؤتمن جانبهايقول الشاعرعبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي، المعروف بالببغاء:
هِيَ الدُنيا تَقولُ بِمِلءِ فيها== حَذارِ حَذارِ مِن بَطشي وَفَتكي
وَلا يَغرُركُم حُسنُ اِبتِسامي فَقَولي مُضحِكٌ وَالفِعلُ مُبكي
فيوم نُعزَّى بأحبائنا،ونذهب في العيد لنقرأ بعض آيات الذكر الحكيم علىأرواحهم،ويوم نقف فيه معزِّين، بفقد الأصحاب ومن لنا معهم أجمل الذكريات،وعند رموسهم نقف وقفة خشوع وصلاة..ونقول:ياأحبتنا ارقدوا بسلام وأمان..انتم من السابقين ونحن من اللاحقين،رحمكم اله وأسكنكم فسيح جنّاته.
أيّها الراحلون من ذاكرة المكان،ولكنّكم خالدون في الوجدان لن ننساكم وسنظلّ نزوركم حتى نرحل إليكم،يقول الشاعر ابن الرّياحي:
باللّه يا راحلاً نحو الأحبّة سَلْ == عنهمْ وسَلِّمْ عليهم بعد إِذ تَصِلُ
وقل لهم إنّنا عنك أُسَارى أَسىً == وعن قريب إلي
كم نحن نرتحِلُـ
بعد هذا الإيقاع الحزين،والذي يبدأ مع الفجر ويستمرّ حتى سطوع الشمس،يمضي مشواري في أول أيام العيد إلى محطتّه الثانية،وهذه المحطة فيها مواطن ذكريات الطفولة، ومراتع الشباب،إنها قريتي التي كانت جنّة وارفة الظلال،من أشجار اللوز والجوز والكرمة والصفصاف،قريتي التي تركتها منذ تزوّجت، لاكراهية بها،وإنما بيتنا الرّيفي الذي هجرته مكرهاً، لايستوعب عائلتين،ولكن..بعد رحيلي منها، ماانقطعت عنها،وبقيت أزورها في كلّ يوم جمعة، طالما والديّ كانا على قيد الحياة،وبعد وفاتهما (رحمهما الله)أخذت زياراتي تقلّ شيئاً... فشيئاً، حتى أصبحت لاأقصدها إلا في المناسبات،والحديث عن القرية في هذا العيد يحمل في خلجات بوحه ألماً، وحسرة على الطبيعة التي لازمها الجفاف،ولازم الأسى نفوس النّاس،وأصبح حالهم ينشد مع الشاعر اللبناني الياس أبو شبكة:
وَكنتُ عَلى الجفافِ وَمن قنوطي == يَفيضُ عَلى دَمي ظِلٌّ شَقِيُّ
وتغيّرت الأنواء في القرية، واسودّ ثوبها الأخضر الزاهي،ولبس وجهه الطبيعة الكالح الأصفر المعفّر بالتراب الممزوج بعرق الفلاحين الذين نثروا البذار في الأرض وجلسوا ينتظرون رحمة السّماء،ولكن طال انتظارهم..!!.والانتظار صعب ياأصدقائي، وخاصة، إذا كان من تنتظره هو من سينقذك من موت زؤام،أيّهاالفلاحون يامن شقيتم وحرثتم، وزرعتم، استسقوا رحمة الله، لامن أجلنا، فنحن متخمون بآثامنا،ولكن من أجل أطفالنا،قولوا.. وتضرّعوا..وادعوا الله عزّ وجل:اللهم ارحم البلاد والعباد،اللهم أغثنا بغيثك، ونجّنا برحمتك،اللهم نحن الخطاؤون،وأنت رحيم كريم..في قريتي الحزينة آلام موجعة،الزرع لم ينبت، والبيادر لم تلقاك بوجهها الخريفي الأخضرالجميل ،والرّاعي في المراعي يغنّي على ناييه الحزين:
ياسامعين الصوت...ما في كلأ ،مافي قوت،
وبرحمتك يارب غيثنا ،وارحمنا...
قبل مايفتك فينا الجوع، والموت..
نشيدٌ وقعُ غنائِه وأنينِه يخترق شغاف القلب،ويوجع من ليس في قلبه وجع،اللهم لانسألك ردّ القضاء بل نسألك اللطف فيه.يقول الشاعر ابن الجياب الغرناطي:
سترك اللهم للذنب الجلل == عفوك اللهم عن قبح الزلل
عائذاً بالله أن يفضحني == جامعاً لكل زيغ وخلل
وليس لنا في هذا العيد المبارك إلا أن نبتهل من الله، ونطلب من المولى الكريم أن يفرّج كربة العباد، ويشملهم بواسع رحمته، وأن نردّد مع الشاعر حمّاد الباصوني قوله:
فَرِّجِ اللَهُمَّ عَنّا كُربَةً == وَأَعِن مَن في ذَراكَ اِعتَصَما
وَاِجعَلِ الأَعيادَ فينا قُرَّةً == وَاِهدِنا اللَهُمَّ ديناً قَيِّما
[color=blue]
أيّها الأصدقاء:إنّ الحديث عن موت الطبيعة في فصل الجفاف هذا، أشبه بالحديث عن موت من نحبّهم، كلاهما موجع ومؤلم.
وفي ختام سردي لهذا الخواطر الموجعة المؤلمة، الذي فاضت بها مشاعري، وكانت من وحي عيد الأضحى المبارك،أودّعكم وأنا أدعو لكم من كلّ قلبي ،أن لايصيبكم أذى، ولامكروه.وكلّ عام وأنتم وأحبتّكم، وصحبتكم، بألف خير وسلامة.
حيدر حيدر
سلمية في /17/11/2010/[/color][/size][/size][/size][/size]