2,5 مليون سوري سافروا إلى خارج القطر خلال خمسة أعوام بين 2004 و 2008، واستقروا في هذه البلدان التي وصلوا إليها، وخروجهم كان بقصد العمل بشكل أساسي، ويقال إن جزءاً من هؤلاء يقبل القيام بأعمال يرفض عملها في بلده، فهل لهذه الملاحظة أو المقولة ما يعززها ويؤكدها على أرض الواقع؟! وإذا ما تأكد وجود ثقافة العيب من بعض الأعمال لدى البعض من السوريين، فما هو تأثير هذه الثقافة على ارتفاع نسبة البطالة الإجمالية؟! وبالتالي، هل وجود هذه الثقافة يقتصر على السوريين بمفردهم أم إنها ثقافة موجودة في كل المجتمعات حتى لو اختلفت تفصيلاتها من بلد لآخر؟!..
«شيء طبيعي»
ثقافة العيب من بعض الأعمال يرتبط وجودها بثقافة مجتمع من المجتمعات، لأن الإنسان جزء من أسرة أو جماعة، وبالتالي فهو لا يريد أن يمارس أعمالاً تشعره بأنه أقل مستوىً من الآخر، أو أن هذا العمل أو ذاك سيجعل الناس ينظرون إليه نظرة دونية، وعند هذه النقطة أشار عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية د. أكرم القش إلى أن «وجود ثقافة العيب شيء طبيعي، فأي إنسان في مجتمعه يحاول البحث عن أعمال تعطيه مكانة اجتماعية أكبر، ومسألة المكانة الاجتماعية يحددها المجتمع ذاته، ففي السابق كان هناك أعمال يبتعد المجتمع عن ممارستها، أما اليوم فلا نجد هذه الظاهرة، كالأعمال المهنية العضلية، أو النظافة، أو خدمة المطاعم، فأنت تجد اليوم سائق تكسي يحمل شهادة جامعية»..
أما د. ختام تميم الأستاذة في المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية فقد رأت أن هناك ثقافة معاكسة تماماً لثقافة العيب عند السوريين، وأن هذه الثقافة الموجودة هي شيء إيجابي، وليست أمراً معيباً، وتتجسد بحسب وصفها «بقبول العديد من الجنسيات في دول الخليج العمل في مهن قد يرفض السوريون العمل فيها، فالمواطن السوري لديه ما يسمى ثقافة العيب من نوعية بعض العمل، لما لذلك من منعكسات على سمعته وعائلته، وذلك بحكم العادات، والتقاليد، والمحسوبية».
«مجرد انطباع»
تغيب الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية عن حجم ونوعية السوريين العاملين في الخارج ونوعية عملهم، وغيابها يدخل الرسميين وغير الرسميين في تكهنات حول طبيعة عمل هؤلاء في الخارج، والأعمال التي يمارسونها، وبالتالي فإن توصيف طبيعة العمالة الخارجية لا يتعدى كونه وجهة نظر لا أكثر لغياب الدراسات والمعلومات، وهذا ما أشار إليه د. القش، الذي اعتبر أن «حجم السوريين المهاجرين، وطبيعة عملهم في الخارج هي مجرد انطباعات، وليس هناك دراسات جدية في هذا المجال، لا بل إن هناك دراسات تفيد بأن نسبة قليلة من السوريين يقبلون ببعض الأعمال داخل بلدهم، لكنهم يرفضون عملها في الخارج، ونادراً ما يعمل السوريون أعمالاً غير مقبولة نفسياً في الخارج، فمعظمهم يعملون بمهن حرفية ومهنية، حتى لو ارتضوا أعمالاً في النظافة فيعملون كرؤساء طواقم، وهذا لا ينفي وجود هذه الظاهرة»..
وكان لـ د. تميم وجهة نظرها في وجود ثقافة العيب من بعض الأعمال لدى بعض السوريين، حيث اعتبرت أن «ثقافة العيب يمكن أن تكون موجودة في صفوف الحاصلين على شهادات دراسية عليا جامعية فما فوق، فهناك شريحة ترفض العمل دون مستوى الشهادة التي حصلت عليها، وبالتالي تبقى دون عمل، واستطردت بالقول: إلا أنه وفي المقابل «هناك عدد من خريجي الجامعات والدراسات العليا يعملون في مهن مختلفة كسائقي سيارات، وبائعي سندويش، إلى ما هنالك من مهن لا تحتاج إلى شهادات»..
«اختلاف بالمعنى»
معنى العيب ليس واحداً في كل المجتمعات، وهو يختلف من بلد لآخر، فالأعمال التي ترفض ممارستها أو ينبذ بسببها شخص في مجتمع ما، قد تكون ممارستها أمراً طبيعياً في مجتمعات أخرى، وهذا يوضح اختلاف ثقافة العيب من بعض الأعمال من مجتمع لآخر، وعند هذه النقطة أوضح عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية أن «ثقافة العيب موجودة في كل المجتمعات، ولكن معنى العيب يختلف من مجتمع لآخر، فلكل مجتمع قيمه التي يرفض بموجبها أشياء ويقبل أشياء أخرى، فالعمل بغسل الصحون في المجتمع الأوروبي قد يكون شيئاً عادياً وطبيعياً، ولا يتم وصم صاحبه، لذلك ليس لدى العامل في مهنة كهذه مشكلة، ولا تشكل عيباً عنده، في ألمانيا كان العمل بالحلاقة النسائية قمة المهن، أما بالنسبة لنا فله توصيفات أخرى».
ولم يختلف تحليل وتوصيف د. تميم لحجم ووجود ثقافة العيب بالمجتمعات العالمية قاطبة عن سلفها، حيث اعتبرت أن «ثقافة العيب من بعض الأعمال موجودة في كل العالم، ولكن بنسب مختلفة، فالعديد من المهن والأعمال يمارس في الدول الأجنبية بكل بساطة، بينما في الدول العربية يمكن أن يكون فيها حرج، فعلى سبيل المثال في الدول الغربية السيدة تقوم بأعمال عديدة ما زالت في الدول العربية غير لائقة وشبه مرفوضة كسائقة تكسي، أو «جرسون» في المطاعم، أو في تنظيف الشوارع، أو ميكانيكي لتصليح السيارات، أما في الدول الغربية فنجد أن من الطبيعي ممارسة هذه المهن من المرأة، ولا حرج فيها».. ولم تنفِ د. تميم في الوقت ذاته أن هذه الثقافة في تطور مستمر، مشيرةً إلى أن «ما كان عيباً في الأمس من الأعمال سيصبح مقبولاً اليوم أو غداً، لأن الحاجة للعمل وللعيش سوف تُلغي هذه الحواجز».
« ثقافة العيب ترفع البطالة»
بالتأكيد، وجود العيب من بعض الأعمال له تأثير على نسب البطالة وارتفاعها في أي مجتمع من المجتمعات، ولكن حجم هذا التأثير يختلف باختلاف حجم سطوة هذه الثقافة على الأفراد بشكل خاص، وعلى المجتمع بشكل عام، فعلى اعتبار أن ثقافة العيب موجودة في المجتمع السوري، حتى لو ضمن الحدود الدنيا، فهذا يعني أن لها تأثيراً ما على معدلات البطالة، ولكن ليس بشكل واضح وكبير، وهنا أشار د. القش إلى أن «البيئة الاجتماعية مهمة، حتى في الحد من البطالة، فهناك أعمال عديدة يمكن أن تقوم بها لكن خوفك من كلام المجتمع والنظرة الاجتماعية يجعلك تحجم عنها، وتحجم عن ممارستها، فثقافة العيب لها دور في رفع نسبة البطالة، وهي من ضمن العوامل الذاتية المؤدية لارتفاع نسبة البطالة»، وأردف د. القش بالقول: «ليس هذا السبب هو الوحيد في ارتفاع البطالة، بل إن هناك فئات كبيرة مستعدة للعمل في أعمال مختلفة، لكن هذه الأعمال غير متوفرة لها»..
لم تنفِ د. ختام تميم أن لـ «ثقافة العيب من بعض المهن دوراً مهماً في رفع نسبة البطالة ولا سيما لدى الحاصلين على شهادات جامعية فما فوق».
بكل الأحوال تبقى ثمة فضائل للأزمات المعيشية أبرزها ترسيخ أنماط جديدة من التفكير والبحث عن مصادر الرزق، كما أنها تكسر بعض المفاهيم الجوفاء التي تعتري ثقافة العمل عموماً، ومن ضمنها مفهوم العيب الذي يبدو حتى الآن حاجزاً أصم بين الفقراء وفرص الرزق التي تنتظرهم، وخصوصاً إن كانوا ممن لا يحملون مؤهلات علمية ولا مهنية، وليس لديهم مهارات تقدمهم كما يشتهون إلى سوق العمل.
وقد أكدت الدراسات أن بطالتنا في سورية ليست بطالة شهادات عالية ولا بطالة مهنيين مهرة بل بطالة طيف غير المؤهلين.
«شيء طبيعي»
ثقافة العيب من بعض الأعمال يرتبط وجودها بثقافة مجتمع من المجتمعات، لأن الإنسان جزء من أسرة أو جماعة، وبالتالي فهو لا يريد أن يمارس أعمالاً تشعره بأنه أقل مستوىً من الآخر، أو أن هذا العمل أو ذاك سيجعل الناس ينظرون إليه نظرة دونية، وعند هذه النقطة أشار عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية د. أكرم القش إلى أن «وجود ثقافة العيب شيء طبيعي، فأي إنسان في مجتمعه يحاول البحث عن أعمال تعطيه مكانة اجتماعية أكبر، ومسألة المكانة الاجتماعية يحددها المجتمع ذاته، ففي السابق كان هناك أعمال يبتعد المجتمع عن ممارستها، أما اليوم فلا نجد هذه الظاهرة، كالأعمال المهنية العضلية، أو النظافة، أو خدمة المطاعم، فأنت تجد اليوم سائق تكسي يحمل شهادة جامعية»..
أما د. ختام تميم الأستاذة في المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية فقد رأت أن هناك ثقافة معاكسة تماماً لثقافة العيب عند السوريين، وأن هذه الثقافة الموجودة هي شيء إيجابي، وليست أمراً معيباً، وتتجسد بحسب وصفها «بقبول العديد من الجنسيات في دول الخليج العمل في مهن قد يرفض السوريون العمل فيها، فالمواطن السوري لديه ما يسمى ثقافة العيب من نوعية بعض العمل، لما لذلك من منعكسات على سمعته وعائلته، وذلك بحكم العادات، والتقاليد، والمحسوبية».
«مجرد انطباع»
تغيب الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية عن حجم ونوعية السوريين العاملين في الخارج ونوعية عملهم، وغيابها يدخل الرسميين وغير الرسميين في تكهنات حول طبيعة عمل هؤلاء في الخارج، والأعمال التي يمارسونها، وبالتالي فإن توصيف طبيعة العمالة الخارجية لا يتعدى كونه وجهة نظر لا أكثر لغياب الدراسات والمعلومات، وهذا ما أشار إليه د. القش، الذي اعتبر أن «حجم السوريين المهاجرين، وطبيعة عملهم في الخارج هي مجرد انطباعات، وليس هناك دراسات جدية في هذا المجال، لا بل إن هناك دراسات تفيد بأن نسبة قليلة من السوريين يقبلون ببعض الأعمال داخل بلدهم، لكنهم يرفضون عملها في الخارج، ونادراً ما يعمل السوريون أعمالاً غير مقبولة نفسياً في الخارج، فمعظمهم يعملون بمهن حرفية ومهنية، حتى لو ارتضوا أعمالاً في النظافة فيعملون كرؤساء طواقم، وهذا لا ينفي وجود هذه الظاهرة»..
وكان لـ د. تميم وجهة نظرها في وجود ثقافة العيب من بعض الأعمال لدى بعض السوريين، حيث اعتبرت أن «ثقافة العيب يمكن أن تكون موجودة في صفوف الحاصلين على شهادات دراسية عليا جامعية فما فوق، فهناك شريحة ترفض العمل دون مستوى الشهادة التي حصلت عليها، وبالتالي تبقى دون عمل، واستطردت بالقول: إلا أنه وفي المقابل «هناك عدد من خريجي الجامعات والدراسات العليا يعملون في مهن مختلفة كسائقي سيارات، وبائعي سندويش، إلى ما هنالك من مهن لا تحتاج إلى شهادات»..
«اختلاف بالمعنى»
معنى العيب ليس واحداً في كل المجتمعات، وهو يختلف من بلد لآخر، فالأعمال التي ترفض ممارستها أو ينبذ بسببها شخص في مجتمع ما، قد تكون ممارستها أمراً طبيعياً في مجتمعات أخرى، وهذا يوضح اختلاف ثقافة العيب من بعض الأعمال من مجتمع لآخر، وعند هذه النقطة أوضح عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية أن «ثقافة العيب موجودة في كل المجتمعات، ولكن معنى العيب يختلف من مجتمع لآخر، فلكل مجتمع قيمه التي يرفض بموجبها أشياء ويقبل أشياء أخرى، فالعمل بغسل الصحون في المجتمع الأوروبي قد يكون شيئاً عادياً وطبيعياً، ولا يتم وصم صاحبه، لذلك ليس لدى العامل في مهنة كهذه مشكلة، ولا تشكل عيباً عنده، في ألمانيا كان العمل بالحلاقة النسائية قمة المهن، أما بالنسبة لنا فله توصيفات أخرى».
ولم يختلف تحليل وتوصيف د. تميم لحجم ووجود ثقافة العيب بالمجتمعات العالمية قاطبة عن سلفها، حيث اعتبرت أن «ثقافة العيب من بعض الأعمال موجودة في كل العالم، ولكن بنسب مختلفة، فالعديد من المهن والأعمال يمارس في الدول الأجنبية بكل بساطة، بينما في الدول العربية يمكن أن يكون فيها حرج، فعلى سبيل المثال في الدول الغربية السيدة تقوم بأعمال عديدة ما زالت في الدول العربية غير لائقة وشبه مرفوضة كسائقة تكسي، أو «جرسون» في المطاعم، أو في تنظيف الشوارع، أو ميكانيكي لتصليح السيارات، أما في الدول الغربية فنجد أن من الطبيعي ممارسة هذه المهن من المرأة، ولا حرج فيها».. ولم تنفِ د. تميم في الوقت ذاته أن هذه الثقافة في تطور مستمر، مشيرةً إلى أن «ما كان عيباً في الأمس من الأعمال سيصبح مقبولاً اليوم أو غداً، لأن الحاجة للعمل وللعيش سوف تُلغي هذه الحواجز».
« ثقافة العيب ترفع البطالة»
بالتأكيد، وجود العيب من بعض الأعمال له تأثير على نسب البطالة وارتفاعها في أي مجتمع من المجتمعات، ولكن حجم هذا التأثير يختلف باختلاف حجم سطوة هذه الثقافة على الأفراد بشكل خاص، وعلى المجتمع بشكل عام، فعلى اعتبار أن ثقافة العيب موجودة في المجتمع السوري، حتى لو ضمن الحدود الدنيا، فهذا يعني أن لها تأثيراً ما على معدلات البطالة، ولكن ليس بشكل واضح وكبير، وهنا أشار د. القش إلى أن «البيئة الاجتماعية مهمة، حتى في الحد من البطالة، فهناك أعمال عديدة يمكن أن تقوم بها لكن خوفك من كلام المجتمع والنظرة الاجتماعية يجعلك تحجم عنها، وتحجم عن ممارستها، فثقافة العيب لها دور في رفع نسبة البطالة، وهي من ضمن العوامل الذاتية المؤدية لارتفاع نسبة البطالة»، وأردف د. القش بالقول: «ليس هذا السبب هو الوحيد في ارتفاع البطالة، بل إن هناك فئات كبيرة مستعدة للعمل في أعمال مختلفة، لكن هذه الأعمال غير متوفرة لها»..
لم تنفِ د. ختام تميم أن لـ «ثقافة العيب من بعض المهن دوراً مهماً في رفع نسبة البطالة ولا سيما لدى الحاصلين على شهادات جامعية فما فوق».
بكل الأحوال تبقى ثمة فضائل للأزمات المعيشية أبرزها ترسيخ أنماط جديدة من التفكير والبحث عن مصادر الرزق، كما أنها تكسر بعض المفاهيم الجوفاء التي تعتري ثقافة العمل عموماً، ومن ضمنها مفهوم العيب الذي يبدو حتى الآن حاجزاً أصم بين الفقراء وفرص الرزق التي تنتظرهم، وخصوصاً إن كانوا ممن لا يحملون مؤهلات علمية ولا مهنية، وليس لديهم مهارات تقدمهم كما يشتهون إلى سوق العمل.
وقد أكدت الدراسات أن بطالتنا في سورية ليست بطالة شهادات عالية ولا بطالة مهنيين مهرة بل بطالة طيف غير المؤهلين.