متحف حماه..وبريقا الأصالة والحضارة يشعّان في ردهاته وقاعاته..(القاعة الهيلينستية،مخبر ترميم اللقى الأثرية،القاعة الذهبيّة).
اليوم الأول من شهر آب لعام 2009.
جرى في متحف حماه (الجديد)حفل افتتاح (القاعة الهيلينستية)أو( الهيلينية) وكلمة هيلين تعني الإغريق أو اليونان.أي: قاعة اللقى الأثرية المكتشفة في سورية،والتي
تعود إلى الألف الأول ق.م، وبعض اللقى الأثرية الأخرى من العهد البيزنطي والعهود الأخرى التي تعود إلى الألف الثالث والرابع ق.م.
وقد حضر حفل الافتتاح وفد من جمعية أصدقاء سلمية،بعد أن وجهت إليه الدعوى مع غيره من ممثلي جمعيات المجتمع الأهلي،والوفود الرسمية وفي مقدمتها وفد من وزارة الثقافة والمدير العام للآثار والمتاحف في سورية الدكتور
(بسام جاموس) ورئيس متحف حماه ووفد يمثل الحكومة اليونانية ومعهد الترميم الأثيني وكان يمثله رئيس فريق العمل الذي استعرض مراحل عمل المشروع وأهم ماقامت به اللجان السورية واليونانية المشتركة التي أنجزت مثل هذا العمل العظيم
وقد كان رئيس فريق العمل اليوناني عند نهاية عرضه لتطور مراحل هذا المشروع العظيم الذي يجسد القيم الإيجابية للتعاون بين الدول وعلى أساس الاحترام المتبادل بين اليونان وسورية،لقد كان حريصاً على ذكر كل من شارك في إنجاز وإنجاح هذا العمل بالاسم وتقديم الشكر له شخصيّاً دون إغقال أحد من المشاركين به. وفي هذا تقدير للجهود الفردية والتي تضافرت مجتمعة وأنجزت على مدى اكثر من سنتين هذا المشروع العظيم.ومن أهم الانجازات التي تم افتتاحها:
1ـ افتتاح القاعة الهيلينستية في متحف حماه،وقد اضطلعنا على اللقى الأثرية التي نسقت ورتبت بشكل جميل يعكس الفترة التاريخية التي ازدهر فيها الفن اليوناني في سورية،وأكثر مالفت نظري في هذه القاعة التماثيل الكبيرة والتيجان الكورنثية والدورية والأيونية المزخرفة،ونماذج للفسيفيساء التي تم اكتشافها في محافظة حماه وغيرها من اللقى الأثرية التي جمعت من عدة متاحف مثل متحف حلب وطرطوس وتدمر وغيرها من المتاحف،وهذه اللقى تعكس الحياة الاجتماعية والثقافية لتلك الفترة من الحكم اليوناني لبلادنا والتي كما ذكر لم تكن فترة من الاحتلال الإمبريالي.ولكن كانت بمثابة تمازج بين الحضارتين اليونانية من جهة والحضارة العربية السورية من جهة ثانية.
2ـ وكان من أهم ماشاهدناه على أرض الواقع افتتاح (المخبر)لترميميم القطع واللقى الأثرية المكتشفة، والذي يعد من أهم المخابر المجهز بتقنيات حديثة
والموجود على الساحة العربيّة كما ذكر رئيس فريق العمل اليوناني في محافظة حماه.والجميل في هذا أنّ فريقاً من الخبراء اليونانيين يعملون مع كادر سوري متخصص أو يتلقى التدريب والممارسة جنباً إلى جنب مع الفريق اليوناني المرمم للقى والمكتشفات الأثرية.وحقيقة أنّه بذلت جهود مضنية وشاقة حتى تطور المخبر وأصبح ماهو عليه الآن.فبوركت كلّ الجهود التي بذلت في سبيل إنجاز هذين المعلمين،والتي تشير بوضوح إلى تطور العلاقات اليونانية والسورية في الميدان الثقافي و التنقيب عن الآثار،والعمل في المخبر على ترميم ماأفسده الزمن،أو مادمرته يد الإنسان خلال مراحل الغزو الاستعماري لبلادنا.
حقاً إنّ بلادنا كما ذكر تعتبر متحف كبير للحضارات المختلفة التي ازدهرت في
منطقة الشرق القديم،وخاصة الحضارتين الفينيقية والإغريقية على الساحل السوري.
وقد أعقب حفل افتتاح القاعة الهيلينستية حفل كوكتيل متنوع،جرى فيه بعض الحوارات الجانبية ومن بينها دعوة المدير العام للآثار والمتاحف لإلقاء محاضرة في سلمية،تحضرها كلّ جمعيات المجتمع الأهلي مجتمعة كما ذكر.
3 ـ وفي المتحف القديم قامت الوفود ومن بينها وفد جمعية أصدقاء سلمية بزيارة القاعة الذهبية في المتحف،ولقد كان المنظر جميلاً وأخاذاً،فالبركة الكبيرة للماء التي توسطت الفناء الداخلي للمتحف،وتدفق الماء العذب من نوافيرها،ذكرني كم هي سلمية عطشى لتدفق مثل هذه النوافير في الأماكن العامة والحدائق والشوارع الرئيسة في مدينتنا.وكم تمنيت أن تطول إقامتنا في محيط هذه البركة،
والتي لاتبعد عنهاإلا بضع أمتار نواعير العاصي الشهيرة.
وفي القاعة الذهبية رأيت العجب في شهر(آب).نقوش ورسوم حفرت كلّها من خشب الأبنوس والجوز والسنديان وأنواع أخرى لاأعرفها،لأنني لست مختصا في هذا المجال.وزخارف الأبواب الخشبية(الأرابسك الفاطمي)والمحاريب الأيوبية.
والغرف والقاعة الرئيسة كلّها مدّت بهذا النوع من الأثاث المحفور على الخشب المذكور،والذي يعود طرازه إلى الفترتين الإسلامية المملوكية والعثمانية.وإنك لتقف مندهشاً أمام روعة النقوش المحفورة في كلّ أركان القاعة،ولقد زينت القاعة الذهبية في مدخلها ببركة ماء تتناثر مياه نوافيرها في كلّ اتجاه.ويلفت نظرك أطقم الأرائك والمساند المزركشة والملونة بألوانها الزاهية والتي وضعت فوق الكراسي والدواوين والطاولات المصنوعة من خشب الزان،مع السجاد الذي فرشت به أرض القاعة الذهبية،حقاً إنّ هذه القاعة ذهبية بكل معنى الكلمة،ذهبية بروعة فن الهندسة المعمارية والتي ذكرتني ببيوت قديمة في سلمية مثل بيت المير سليمان وبيت الأمير تامر وغيرها من البيوت الأثرية التي هدمت لتقام مكانها كتل إسمنتية لأبنية طابقية،فكم سلمية فقيرة إلى التواصل مع الماضي،من خلال ماكان مشيدا في الماضي ولظروف نعرفها جميعاً هدم هذا الماضي،وبهدمه انقطع التواصل معه.ولاأريد أن أذكر أمثلة فهي معروفة للقاصي والداني.
والقاعة ذهبية بهذا الفن المعماري الذي ذكرني الزجاج الملون والمعشق والأفاريز المزركشة ماشاهدته في المدينة القديمة في صنعاء عاصمة اليمن الشقيق.
وكذلك فإنّ هذه القاعة ذهبية بهذا الأثاث القديم والذي أصبح رمزاً لتراثنا،وهو وإن لم يعد إلى فترة زمنية قديمة،لكنه يحمل بنقوشه وزخرفاته كلّ قيم الماضي لحضارتنا وثقافتنا التي يقف الغريب قبل القريب مندهشاً ومنبهراً بها.
ومهما ذكرت في وصف هذه القاعة وقيمتها الحضارية والمعمارية والتراثية فلن أستطيع أن أفيها حقها.
لذلك أدعو الجميع لزيارتها ورؤية عظمة ما رأيناه وشاهدناه.لأنّ التاريخ والأصالة
والتراث يتجسدون بين جدران هذه القاعة الذهبية.
وأخيراً غادرنا متحف حماه القديم ،ونوازع الشوق والحنين والإعجاب تشدّنا بكلّ مشاعرنا وأحاسيسنا إلى بريق الأصالة والتراث المحفور على جدران وسقف قاعته الذهبية،الذي هو أشبه ببريق الضياء المنبعثة من خلال زجاج نوافذه المعشق
والملون والمزركش كألوان قوس قزح،بريق يخطف الأبصار وينقل المشاهد إلى أسطورة الإبداع الفني والمعماري،والذي شيّده أجدادنا الأفذاذ . وسيظل إنجازهم مثار فخر واعتزاز لنا، بما يتركه من انطباع ودهشة لدى كلّ زائر لهذا الصرح الحضاري الخالد.
ملاحظة:الصور الخاصة بافتتاح القاعة الهلنستية والقاعة الذهبية في متحفي حماه الجديد والقديم،موجودة على سطح المكتب،أرجو من له دراية وخبرة في تحميلها أن يضعها مع الموضوع.وشكراً.
سلمية في /1/8/2009
الكاتب الصديق:حيدر حيدر
اليوم الأول من شهر آب لعام 2009.
جرى في متحف حماه (الجديد)حفل افتتاح (القاعة الهيلينستية)أو( الهيلينية) وكلمة هيلين تعني الإغريق أو اليونان.أي: قاعة اللقى الأثرية المكتشفة في سورية،والتي
تعود إلى الألف الأول ق.م، وبعض اللقى الأثرية الأخرى من العهد البيزنطي والعهود الأخرى التي تعود إلى الألف الثالث والرابع ق.م.
وقد حضر حفل الافتتاح وفد من جمعية أصدقاء سلمية،بعد أن وجهت إليه الدعوى مع غيره من ممثلي جمعيات المجتمع الأهلي،والوفود الرسمية وفي مقدمتها وفد من وزارة الثقافة والمدير العام للآثار والمتاحف في سورية الدكتور
(بسام جاموس) ورئيس متحف حماه ووفد يمثل الحكومة اليونانية ومعهد الترميم الأثيني وكان يمثله رئيس فريق العمل الذي استعرض مراحل عمل المشروع وأهم ماقامت به اللجان السورية واليونانية المشتركة التي أنجزت مثل هذا العمل العظيم
وقد كان رئيس فريق العمل اليوناني عند نهاية عرضه لتطور مراحل هذا المشروع العظيم الذي يجسد القيم الإيجابية للتعاون بين الدول وعلى أساس الاحترام المتبادل بين اليونان وسورية،لقد كان حريصاً على ذكر كل من شارك في إنجاز وإنجاح هذا العمل بالاسم وتقديم الشكر له شخصيّاً دون إغقال أحد من المشاركين به. وفي هذا تقدير للجهود الفردية والتي تضافرت مجتمعة وأنجزت على مدى اكثر من سنتين هذا المشروع العظيم.ومن أهم الانجازات التي تم افتتاحها:
1ـ افتتاح القاعة الهيلينستية في متحف حماه،وقد اضطلعنا على اللقى الأثرية التي نسقت ورتبت بشكل جميل يعكس الفترة التاريخية التي ازدهر فيها الفن اليوناني في سورية،وأكثر مالفت نظري في هذه القاعة التماثيل الكبيرة والتيجان الكورنثية والدورية والأيونية المزخرفة،ونماذج للفسيفيساء التي تم اكتشافها في محافظة حماه وغيرها من اللقى الأثرية التي جمعت من عدة متاحف مثل متحف حلب وطرطوس وتدمر وغيرها من المتاحف،وهذه اللقى تعكس الحياة الاجتماعية والثقافية لتلك الفترة من الحكم اليوناني لبلادنا والتي كما ذكر لم تكن فترة من الاحتلال الإمبريالي.ولكن كانت بمثابة تمازج بين الحضارتين اليونانية من جهة والحضارة العربية السورية من جهة ثانية.
2ـ وكان من أهم ماشاهدناه على أرض الواقع افتتاح (المخبر)لترميميم القطع واللقى الأثرية المكتشفة، والذي يعد من أهم المخابر المجهز بتقنيات حديثة
والموجود على الساحة العربيّة كما ذكر رئيس فريق العمل اليوناني في محافظة حماه.والجميل في هذا أنّ فريقاً من الخبراء اليونانيين يعملون مع كادر سوري متخصص أو يتلقى التدريب والممارسة جنباً إلى جنب مع الفريق اليوناني المرمم للقى والمكتشفات الأثرية.وحقيقة أنّه بذلت جهود مضنية وشاقة حتى تطور المخبر وأصبح ماهو عليه الآن.فبوركت كلّ الجهود التي بذلت في سبيل إنجاز هذين المعلمين،والتي تشير بوضوح إلى تطور العلاقات اليونانية والسورية في الميدان الثقافي و التنقيب عن الآثار،والعمل في المخبر على ترميم ماأفسده الزمن،أو مادمرته يد الإنسان خلال مراحل الغزو الاستعماري لبلادنا.
حقاً إنّ بلادنا كما ذكر تعتبر متحف كبير للحضارات المختلفة التي ازدهرت في
منطقة الشرق القديم،وخاصة الحضارتين الفينيقية والإغريقية على الساحل السوري.
وقد أعقب حفل افتتاح القاعة الهيلينستية حفل كوكتيل متنوع،جرى فيه بعض الحوارات الجانبية ومن بينها دعوة المدير العام للآثار والمتاحف لإلقاء محاضرة في سلمية،تحضرها كلّ جمعيات المجتمع الأهلي مجتمعة كما ذكر.
3 ـ وفي المتحف القديم قامت الوفود ومن بينها وفد جمعية أصدقاء سلمية بزيارة القاعة الذهبية في المتحف،ولقد كان المنظر جميلاً وأخاذاً،فالبركة الكبيرة للماء التي توسطت الفناء الداخلي للمتحف،وتدفق الماء العذب من نوافيرها،ذكرني كم هي سلمية عطشى لتدفق مثل هذه النوافير في الأماكن العامة والحدائق والشوارع الرئيسة في مدينتنا.وكم تمنيت أن تطول إقامتنا في محيط هذه البركة،
والتي لاتبعد عنهاإلا بضع أمتار نواعير العاصي الشهيرة.
وفي القاعة الذهبية رأيت العجب في شهر(آب).نقوش ورسوم حفرت كلّها من خشب الأبنوس والجوز والسنديان وأنواع أخرى لاأعرفها،لأنني لست مختصا في هذا المجال.وزخارف الأبواب الخشبية(الأرابسك الفاطمي)والمحاريب الأيوبية.
والغرف والقاعة الرئيسة كلّها مدّت بهذا النوع من الأثاث المحفور على الخشب المذكور،والذي يعود طرازه إلى الفترتين الإسلامية المملوكية والعثمانية.وإنك لتقف مندهشاً أمام روعة النقوش المحفورة في كلّ أركان القاعة،ولقد زينت القاعة الذهبية في مدخلها ببركة ماء تتناثر مياه نوافيرها في كلّ اتجاه.ويلفت نظرك أطقم الأرائك والمساند المزركشة والملونة بألوانها الزاهية والتي وضعت فوق الكراسي والدواوين والطاولات المصنوعة من خشب الزان،مع السجاد الذي فرشت به أرض القاعة الذهبية،حقاً إنّ هذه القاعة ذهبية بكل معنى الكلمة،ذهبية بروعة فن الهندسة المعمارية والتي ذكرتني ببيوت قديمة في سلمية مثل بيت المير سليمان وبيت الأمير تامر وغيرها من البيوت الأثرية التي هدمت لتقام مكانها كتل إسمنتية لأبنية طابقية،فكم سلمية فقيرة إلى التواصل مع الماضي،من خلال ماكان مشيدا في الماضي ولظروف نعرفها جميعاً هدم هذا الماضي،وبهدمه انقطع التواصل معه.ولاأريد أن أذكر أمثلة فهي معروفة للقاصي والداني.
والقاعة ذهبية بهذا الفن المعماري الذي ذكرني الزجاج الملون والمعشق والأفاريز المزركشة ماشاهدته في المدينة القديمة في صنعاء عاصمة اليمن الشقيق.
وكذلك فإنّ هذه القاعة ذهبية بهذا الأثاث القديم والذي أصبح رمزاً لتراثنا،وهو وإن لم يعد إلى فترة زمنية قديمة،لكنه يحمل بنقوشه وزخرفاته كلّ قيم الماضي لحضارتنا وثقافتنا التي يقف الغريب قبل القريب مندهشاً ومنبهراً بها.
ومهما ذكرت في وصف هذه القاعة وقيمتها الحضارية والمعمارية والتراثية فلن أستطيع أن أفيها حقها.
لذلك أدعو الجميع لزيارتها ورؤية عظمة ما رأيناه وشاهدناه.لأنّ التاريخ والأصالة
والتراث يتجسدون بين جدران هذه القاعة الذهبية.
وأخيراً غادرنا متحف حماه القديم ،ونوازع الشوق والحنين والإعجاب تشدّنا بكلّ مشاعرنا وأحاسيسنا إلى بريق الأصالة والتراث المحفور على جدران وسقف قاعته الذهبية،الذي هو أشبه ببريق الضياء المنبعثة من خلال زجاج نوافذه المعشق
والملون والمزركش كألوان قوس قزح،بريق يخطف الأبصار وينقل المشاهد إلى أسطورة الإبداع الفني والمعماري،والذي شيّده أجدادنا الأفذاذ . وسيظل إنجازهم مثار فخر واعتزاز لنا، بما يتركه من انطباع ودهشة لدى كلّ زائر لهذا الصرح الحضاري الخالد.
ملاحظة:الصور الخاصة بافتتاح القاعة الهلنستية والقاعة الذهبية في متحفي حماه الجديد والقديم،موجودة على سطح المكتب،أرجو من له دراية وخبرة في تحميلها أن يضعها مع الموضوع.وشكراً.
سلمية في /1/8/2009
الكاتب الصديق:حيدر حيدر