المعارف..وأنواعها..
العلم، والاسم المقترن بـ (أل)...
ولماذا نقول:(سلمية)..لا(السلميّة)..؟؟
مسألة نحوية، ولغوية، وبلاغية،وخطأ شائع..[/size]
**********************************************************************************
[size=18]
في جلسة هادئة جمعتني والأصدقاء، في سهرة كلّها أنس ومودة ،أثار البعض موضوعاً أقرب إلى النحو واللغة، منه إلى أيّ شيء آخر،وذلك عندما سأل أحدهم سؤالاً جاء فيه:لماذا نضيف (أل) التعريف،إلى اسم (سلمية) ونكتب (السلمية) بدلاً من (سلمية)؟؟وضرب أمثلة عن ذلك،وجود كلمة(السلمية)على اللوحات الموجودة على الطرق عند مداخل المدينة،وفي اللوحة المعلّقة على دار الحكومة،وفي أماكن كثيرة،وهل هذه اللام التي نعرّف بها(سلمية) للتفخيم،أم لخلافه،مع أنّها اسم علم معرفة ،من أعلام المدن والبلدان كما سوف نرى من خلال الأمثلة، ولايكتسب التعريف لاباللام ،ولابغيره من أنواع التعريف القاعدية المعروفة ،التي تدخل على الأسماء النكرة وتحوّلها إلى معرفة،
وتوضيحاً لهذه المسألة النحوية واللغوية والبلاغية في آن واحد،أحببت أن أذكر مايلي:
جاء في ج1 ص 152من مؤلف (جامع الدروس العربيّة)للشيخ (مصطفى الغلاييني)تحت( باب المعرفة والنكرة)مانصّه:
المعرفة:اسم دلّ على معيّن:كعمر ودمشق وأنت.
والنكرة:اسم دلّ على غير معيّن:كرجل وكتاب ومدينة.
والمعارف سبعة أنواع:
الضمير والعلم واسم الإشارة والاسم الموصول والاسم المقترن بـ(أل)والمضاف إلى معرفة،والمنادى المقصود بالنّداء.
وبالنسبة إلى اسم العلم،فقد جاء في تعريفه في نفس المرجع:ج1ص112
العلم:اسم يدلّ على معيّن،بحسب وضعه،بلا قرينة،كخالد وفاطمة ودمشق والنيل.
ومنه أسماء البلاد والأشخاص والدول والقبائل والأنهار والبحار والجبال.
وينقسم العلم إلى علم مفرد:كأحمد وسليم،ومركب إضافي:كعبدالله وعبد الرحمن،
ومركب مزجي:كبعلبك وسيبويه.ومركب إسنادي:كجاد الحقّ،وتأبط شرّاً(علمين لرجلين) وشاب قرناها(علماً لامرأة).
وينقسم أيضاً إلى اسم وكنية ولقب،وإلى مرتجل ومنقول،وإلى علم شخص وعلم جنس وربما أتناول بالتفصيل والأمثلة شرح هذه الحالات مستقبلاً بعون الله.
وأما بالنسبة إلى اسم المعرفة المقترن بـ (أل):هو اسم سبقته(أل) فصار معرفة
و(أل) كلّها حرف تعريف،لا اللام، وحدها على الأصحّ.وهمزتها همزة قطع،وصلت لكثرة الاستعمال على الأرجح.
وهي،إما،أن تكون لتعريف الجنس وتسمى الجنسية.وإما لتعريف حصة معهودة منه،ويقال لها العهديّة.
(أل) العهديّة،إما أن تكون للعهد الذكري:وهي ماسبق لمصحوبها ذكر في الكلام،
كقولك:(جاءني ضيف،فأكرمت الضيف)،أي الضيف المذكور.ومنه قوله تعالى:(كما أرسلنا إلى فرعون رسولا،فعصى فرعون الرسول).
وإما أن تكون للعهد الحضوري:وهب ما يكون مصحوبها حاضراً،مثل:(جئت اليوم)،أي اليوم الحاضر الذي نحن فيه.
وإما أن تكون للعهد الذهني:وهي ما تكون مصحوبها معهوداً ذهناً،فينصرف الفكر إليه بمجرّد النطق به،مثل(حضر الأمير)،وكأن يكون بينك وبين من مخاطبك عهد برجل.فتقول:(حضر الرجل)،أي حضر الرجل المعهود ذهناً بينك وبين من تخاطبه.
(أل) الجنسية إما أن تكون للاستغراق،أولبيان الحقيقة.
والاستغراقية،إما أن تكون لاستغراق جميع أفراد الجنس نحو قوله تعالى(وخلق الإنسان ضعيفاً)؛أي:كلّ فرد منه.
وإما لاستغراق جميع خصائصه نحو(أنت الرجل)،أي اجتمع فيك كلأّ صفات الرجال.وعلامة(أل) الاستغراقية أن يصلح وقوع(كلّ) موقعها كما رأيت.
و(أل)التي تكون لبيان الحقيقة:وهي التي تبيّن حقيقة الجنس وماهيته وطبيعته،بقطع النظر عمّا يصدّق عليه من أفراده،ولذلك لايصحّ حلول(كلّ) محلّها.وتسمى لام (الحقيقة والماهيّة والطبيعة)نحو(الإنسان حيوان ناطق) أي أنّه عاقل ومدرك؛وليس كلّ إنسان كذلك،ومثل(الرجل أصبر من المرأة)،فليس كلّ رجل كذلك.فأل هنا لتعريف الحقيقة غير منظور بها إلى جميع أفراد الجنس،بل على ماهيته من حيث هي.
واعلم أنّ ما تصحبه (أل) الجنسية هو في حكم النكرة لأنّ تعريفه بها لفظي لامعنوي،فهو في حكم علم الجنس.
وأما المعرّف ب(أل) العهدية،فهو معرف لفظا لاقترانه ب(أل)،أو معنى،لدلالته على معيّن.
(أل) الزائدة قد تزاد(أل)،فلا تفيد التعريف:
وزيادتها إما أن تكون لازمة فلا تفارق ما تصحبه،كزيادتها في الأعلام التي قارنت وضعها،كاللات والعزّى والسموأل واليسع(1) وكزيادتها في الأسماء الموصولة:كالذي والتي ونحوهما،لأنّ تعريف الموصول هو بالصلة،لا بأل على الأصح.وأما (الآن)فأرجح الأقوال أنّ (أل) فيه ليست زائدة،وغنما هي لتعريف الحضور،فهي للعهد الحضوري،وهو مبني على الفتح،لتضمنه معنى اسم الإشارة،
لأنّ معنى (الآن):هذا الوقت الحاضر.
وإما أن تكون زيادتها غير لازمة،كزيادتها في بعض الأعلام المنقولة عن أصل للمح المعنى الأصلي،أي: لملاحظة ما يتضمنه الأصل المنقول عنه من المعنى،وذلك كالفضل والحارث والنعمان واليمامة والوليد والرشيد ونحوها،ويجوز حذف (أل) منها.
وزيادتها سماعية،فلا يقال:المحمد والمحمود والصالح،فما ورد عن العرب من ذلك لايقاس عليه.
وقد تزاد(أل) اضطراراً كالداخلة على علم لم يسمع دخولها عليه في غير الضرورة.كقول الشاعر:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركاً == شديداً بأعباء الخلافة كاهله(2)
فأدخل (أل) على (يزيد) لضرورة الشعر،وهي ضرورة قبيحة،وكقول الآخر:
ولقد جنيتك أكموّاً وعساقلاً == ولقد نهْتُك عن بنات الأوبر(3)
وإنما هي:بنات أوبرَ،وكالداخلة على التمييز:
رأيتكك لمّا أن عرفت وجوهنا == صددت،وطبت النفس ياقيس عن عمرو
والأصل (طبت نفساً)،لأنّ التمييز لايكون إلا نكرة.
(أل) الموصوليّة: وقد تكون (أل) اسم موصول،بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث،وهي الداخلة على اسم الفاعل،واسم المفعول،بشرط أن لايراد بها العهد أو الجنس،تحو:(أكرم المكرِم ضيفه)،والمكرَم ضيفه،أي: الذي يكرم ضيفَه،والذي يُكرَم ضيفُه.وإن أريد بها العهد،نحو:(انصر المظلوم)،كانت حرف تعريف لا موصوليّة.
تعريف العدد بـ (أل): إن كان العدد مفرداً يعرّف كما يعرّف سائر الأسماء،فيقال: (الواحد والاثنان والثلاثة والعشرة).
وإن كان مركباً عددياً يعرّف جزؤه الأول فيقال:(الأحد عشر والتسعة عشر).
وإن كان مركباً إضافياً يعرّف جزؤه الثاني،مثل:(ثلاثة الأقلام).وستة الكتب ومئة الليرة،وألف الدينار،وإن تعددت الإضافة،عرفت آخر المضاف إليه،مثل:(خمس مئة الألف،وسبعة آلاف الدينار...الخ).
وإن كان العدد معطوفاً ومعطوفاً عليه، يعرّ ف الجزءان معاً،كالخمسة والخمسين رجلاً، والست والثمانين امرأة.
ومن العلماء من أجاز الجزءين في المركب الإضافي فبقول: الثلاثة الرجال، والمئة الكتاب.
ومن سياق هذا البحث ،يتبين لنا أنّ (أل) التعريف التي أدخلها البعض على اسم العلم(السلميّة)هي ليست (أل) الجنسية،ولا العهدية،ولا الزائدة ولا الموصولية،كما شرحنا ذلك في بحثنا عن اسم العلم،والاسم المقترن بـ (أل).
وإنما هي (أل) التعريف،وإدخالها هنا يعتبر(برأيي) خطأ شائعاً،نقل إلينا من استخدام أهل البادية لمثل هذا المصطلح اللغوي لديهم،وكثيراً ما نسمعهم يقولون:الخالد والجاسم والقاسم..وهذا خطأ شائع،وسمع مثله لأسماء المدن والبلدان:العراق،والبصرة،والحلة والكوفة..وغيرها كثبر..
و(أل) هنا ،التي أدخلناها على اسم علم البلدان والمدن،ليست من وجهة بلاغية،لا للتفخيم ولا التحقير،كما ذكرنا آنفاً،وكما تعلمون تكتسب الصفات المفردة، التفخيم والتعظيم بإضافة( ميم ) الجمع إلى آخر الأسماء أو صفاتها المفردة،فتقول:(سموّكم وفخامتكم وجلالتكم..ألخ). بدلاً من سموّ الأمير وفخامته وجلالته ،والله أعلم الجميع..
سلمية في /6/3/2010
الصديق: حيدر حيدر
***********************************************
(1) اللات والعزّى:علمان على صنمين كانا يعبدان في الجاهلية.و(السموأل واليسع) علمان على رجلين.
(2) كذب الشاعر،فلم يكن الوليد هذا كما وصفه،وإنما كان خليعاً،فاسقاًن متهتكاً،مولعاً بالمخازي،جباراً، عنيداً،لاهياً عن تدبير أمور الرعيّة،وأحوال المملكة،وكان من خلفاء بني أمية وقد ذبح وعلق رأسه على قصره.
(3)العساقل: أصلها العساقل،ومفردها عسقول،وهو نوع من الكمأة أبيض.و(بنات أوبر) علم على نوع من الكمأة رديء.