الجزء الأوّل من موضوع:
((من وحي المسير إلى القدموس...))
في يوم الجمعة الموافق ل/14/8/2009
************************************************
القدموس لغة: قدمس
القدْموس: القديم. يقال: حَسَبٌ قُدْموسٌ، أي قديمٌ.
يقول ابن الشجري من مختارات شعراء العرب:
ولنا دارٌ ورثنا عزها ال أقدمَ القدموس من عمٍّ وخالِ
القدموس: القديم. والقدموس: العظيم. يقال: رأس قدموس.
يقول الجاحظ في كتاب الحيوان:
نَعيْت ابن جدْعان بن عمروٍ أخا النَّدى وذا الحسب القُدْمُوس والحسب القهرِ
وقيل، في رواية ثانية:
نعيت ابن جدعان بن عمرو أخا الندى وذا الحسب القدموس والمنصب الغمر
وقال ابن دريد في الاشتقاق:
نَعيتُ ابنَ جُدعانَ بن عمرٍو أخا النَّدى وذا الحسب القُدْموِسِ والمنصِب الكُبْرِ
وقال العماد الأصفهاني: في مجلده خريدة القصر وجريدة العصر:
يا واحدَ العُربِ الذي يسمو بها يومَ التَّفاخر مجدُه القُدْموس
وهذا الباب كثير.
إذاً من هذه المعاني جميعها،مستقلة ومجتمعة، منح وسام شرف القدم والعراقة والعظمة،لهذه البلدة،وهذه الخلال اشتقت كلّها من اسمها(قدموس) البلدة الرابضة فوق قمم الجبال بشموخ وعزة،أو (جنّة العزة) كما تصفها، وكما تروي لنا الأسطورة التالية:
قدموس و شانزيليزيه :
تقول الأسطورة اليونانية((أن قدموس الفينيقي الذي علم الإغريق الكلام ، سوف يتحول بعد موته إلى ثعبان ، ثم ينتقل إلى شانزيليزيه حيث يعيش الأبطال )) ، وفي هذه الأسطورة رموز عربية لا بد من توضيحها ليتسنى لنا تبيان أهيمة هذه الأسطورة في التاريخ ، و مدى علاقة هذه الأساطير اليونانية بالعربية ، فقدموس ( قادمُ ذي ، معناها القادم ) .
قدموس ( القادم من الشرق ) :إن اسم اكاديموس , مهما كان مشتق أصلا من
( قدموس ) أو من ( أكاد ) وهو نموذج حي لمكانة اللغة الأكادية , ويعترف اليونان أن قدموس الفينيقي هو الذي علّم اليونان الكلام , وبالتالي فان ما يطلق عليه اليونان اسم التعليم ( أكاديمي ) هو اسم مشتق أصلا من اللغة العربية الفصحى بشكلها وصفتها الأكادية.وهذه اللفظة أطلقت على كل التعليم في كل أنحاء العالم بعد ذلك. ، إقرارا واعترافا لما ورد في كل الحضارات القديمة التي تقول بفضل الأكادية على علومها .
ورمز الثعبان في الأسطورة يعني العودة إلى الحياة بعد الموت ، فقدموس سيحيا بعد موته ، ثم ينقل الى (جنة العزة) حيث يعيش الأبطال ، فكلمة شانزيليزيه ، هي كلمة مركبة من ثلاث كلمات عربية هي (جن إل عزة) ، و معناها جنة العزة ، حيث يعيش الأبطال.
كانت شخوص هذه الأسطورة ورموزها تراود مخيلتي وأنا أركب الحافلة منطلقاً مع الأصدقاء إلى مدينة القدموس(جنّة العزة حيث يعيش الأبطال)كما تقول أسطورة (أكاديموس) القادم من الشرق.!!..الشرق..!! أيّ شرق؟؟ ربما كان قدموس الشرق ،هي قدموس المسير اليوم..من يعلم؟؟فما نتحدث عنه اليوم قد يصبح أسطورة بعد حين..من يعلم؟؟
وقدموس اليوم هي( جنّة العزة )التي سوف يخترقها مسير أصدقاء سلمية لكي تتلاقى الحضارة القادمة من الشرق والتي تحدثت عنها ميثولوجيا الأسطورة،وما سينقله أصدقاء سلمية من أصداء وانطباعات عن ثقافة مدينتهم (سلمية)مدينة النور والثقافة والمعرفة،الذي ربما يكون أحد رموزها أسطورة من أساطير الزمن القادم،كأسطورة قدموس القادم من الشرق،مادام هذا الشرق مصدر كلّ انبعاث وتصوّف وخيال.
ومادام حديث الأسطورة،وحديث الحقيقة يشدّنا إلى هذه البلدة العريقة، الرابضة فوق ذرا الجبال(القدموس)عشيقة الآباء والأجداد،ومصيف كلّ واهن ومريض ومتألم،وحفيدة الأمجاد والبطولات،لأنّ أعماقها ممتدة في التاريخ إلى مالا نهاية خلال عصور سالفة ،ولا أريد أن أغوص في تاريخ هذه البلدة أكثر من ذلك لأنني لست اختصاصياً في ذلك،وسوف أتركه لأهل التاريخ فهم أعلم مني بتاريخ هذه البلدة،ولكنني سوف أشير إلى معلومة ربما يعرفها الجميع وهي: أنّ القدموس ومنذ فترة قريية،كان استقرارها عاملاً مهماً في استقرار السلطنة العثمانية(الرجل المريض آنذاك)وكان السلطان عبد الحميد(وهذا الرجل له فضل على الأمتين العربيّة والإسلامية)لأنه رفض التوقيع على فرمان يسمح بتوطين اليهود الصهاينة في فلسطين،فما كان منهم إلا أن دبروا الهجوم عليه وإسقاطه،وكان هذا السلطان يستطيع المقاومة واستعادة عرشه،ولكنه رفض إراقة الدماء وسلّمهم مقاليد السلطنة. ليأتي بعده من يسمح للصهاينة بالهجرة إلى فلسطين وجعلها موطناً لهم.
المهم: أنّ هذا السلطان العظيم كان يسأل معاونيه وولاته،هل القدموس بخير؟؟لأنه كان بنظره إذا كانت القدموس بخير، فالسلطنة العثمانية بخير،وفي هذا إشارة إلى أهمية هذه البلدة التي تستوطن في أعالي الجبال،في دعم واستقرار السلطنة العثمانية آنذاك،وكانت رمزاً للصمود والشموخ في وجه الغازين والمحتلين من الشرق والغرب.وهاهم الغزاة يرتدون على أعقابهم مندحرين خاسرين، وبقيت القدموس عزيزة قوية بصلابة وشجاعة أهلها..وبقيت بلادنا حرة أبيّة .
من هذه المقدمة التي سقتها،والتي كانت كما ذكرت هواجساً وأفكاراً راودتني وأنا أنطلق مع الأصدقاء من جمعية أصدقاء سلمية،في الحافلة قاصدين بلدة القدموس،لننفذ مسيراً رياضياً،يبدأ من ينبوع عين الريس الذي أصبح حلماً لم أعد أراه،إلى قرية عين الطواحين في أسفل الوادي،الذي يطلّ عليه مقام:
(المولى حسن)المرتفع والجاثم فوق رابية كللت هامتها غابة كثيفة من أشجار السنديان والصنوبر،فترى منظرها من بعيد وكأنها جنة من جنان الخلد،وعلى الرغم من هذا الوصف لهذه الغابة وماحولها من خضرة وجمال،لم يتسنّ لي زيارة هذا المكان والتبرك ببركته،والتمتع عن قرب بروعة مناظره وجمال غابته،وكم أتمنى من القائمين على المسير أن يضعوا في خططهم زيارة مثل هذه الأماكن المشهورة،وزيارة الأوابد الأثرية المعروفة في المنطقة مثلاً(قلعة القدموس).والتي
سوف أتحدث عنها لاحقاً.
كان انطلاقنا من سلمية على الساعة الخامسة والنصف صباحاً،في حافلتين كبيرتين،وكان عد الأصدقاء قد تجاوز المائة.وصلنا القدموس في الساعة السابعة والنصف تقريباً،ثم غادرنا الحافلات لنتجمع في الغابة المجاورة لطريق عام قدموس بانياس،ولقد كانت حواشي هذا الطريق وجوانبه قد استغلت أحسن استغلال من أجل استقبال الزائرين،فزودت بمقاعد خشبية لجلوس الزوار، وبمناهل للمياه العذبة،ومرافق صحية ،وكذلك ببعض ألعاب الأطفال،وهذا عمل تشكر عليه بلدية القدموس،وكم نتمنى من بلدية مدينتنا سلمية،أن تحذو حذوها،وأن تزود موقعي شميميس وجبل عين الزرقاء الحراجي بمثل هذه الخدمات،نأمل تحقيق ذلك الحلم وأن نراه حقيقة،قبل أن تفارق أعيننا حقيقة مانراه ومانعرفه.
وكان اجتماعنا الأول تحت ظلال أشجار الغابة...تلك الغابة المجاورة لطريق عام القدموس ـ بانياس وهي غابة جميلة من أشجار الصنوبر والسرو وكنّا على موعد معها بعد استيقاظنا المبكر ولسان حالنا ينشد مع الشاعر علي محمود طه بهذه الأبيات الجميلة،التي تصف سحر الغابة وهدوءها وموسيقى صدى ألحانها العذبة:
عرائسُ الوادي أَلَمْ تضربْ لهنَّ موعدا
ماذا قُمِ انفضِ الكرى ونمْ كما شئتَ غدا
وأخطر على الغابةِ منضورَ الصِّبا مُخلَّدا
خُذْ سيفكَ السحريَّ صِيغَ جوهراً وعسجدا
قد لَقِيَ التنِّينُ منه في العشيَّة الردى
صوتٌ مع الريح سَرى وللسكون أخلدا
فأمسكتْ صاحبتي يدي وحاطتْ بي يدا
تقول لم أسمعْ كهذا اللحن أو هذا الصدى
قلتُ ولا بمثلِهِ شادٍ على الدهر شدا
ماذا قُمِ انفضِ الكرى ونمْ كما شئتَ غدا
وأخطر على الغابةِ منضورَ الصِّبا مُخلَّدا
خُذْ سيفكَ السحريَّ صِيغَ جوهراً وعسجدا
قد لَقِيَ التنِّينُ منه في العشيَّة الردى
صوتٌ مع الريح سَرى وللسكون أخلدا
فأمسكتْ صاحبتي يدي وحاطتْ بي يدا
تقول لم أسمعْ كهذا اللحن أو هذا الصدى
قلتُ ولا بمثلِهِ شادٍ على الدهر شدا
حقاً لم نسمع بمثل هذا السحر وهذا الجمال ونحن نتجمع على مائدة الإفطار بعد أن قسمنا المشرفون على الرحلة إلى مجموعات،وكلّ مجموعة أخذ أفرادها يتعارفون مع بعضهم البعض في بداية تناولهم طعام الإفطار،وفي هذه الأثناء تعرفت على
على عائلة حميع أفرادها من أسرة واحدة،وتتكون من الأب والأم وأبنائهما وأحفادهما الصغار ،جاؤوا جميعاً ليشاركوا أصدقاء سلمية مسيرهم الرياضي الصباحي.ماأطيب أن يشجع الأب أبناءه منذ الصغر على ممارسة الرياضة وعلى التعارف مع الآخرين.
على الساعة التاسعة تقريباً انطلق الأصدقاء في مسيرهم نحو( جرد) القدموس،في طريق أفعواني،تتناثر على جانبيه قرى جميلة ،كأنها قطع من زمرد أخضر، غطت سفوح الجبال التي تحيط بناكما تحيط السوار بالمعصم، والتي تلتقي شعابها
ومنعطفاته عند مسيل ماء،يفيض شتاء ويجرف أمامه كلّ شيء من حجر وشجر
أخذنا ننحدر إلى أسفل الوادي،شيئاً فشيئاً،وعند كلً منزل كان يستوقفنا منظر أصص الورد وتين الصبار وحنيات دوالي العنب ،وشجيرات التين،والزيتون التي سيجت كلّ بيت من بيوت القرية التي نعبرها بهذا السوار من الخضرة والجمال،وكان من أجمل مارأيته تلك المصاطب التي رصفت في واجهة كلّ بيت،وعلى هذه المصاطب تناثرت أبواق الحبق والزعتر وأنواع كثيرة من نباتات الزينة لاأعرف أسماءها.
ملاحظة:الأرشفة جمع وتنسيق:الأستاذ حيدر حيدر
المصدر: الموسوعة الشعريةـ الإصدار الثالث.
سلمية في /20/8/2009
الكاتب الصديق:حيدر محمود حيدر
الجز الثاني من موضوع:
((من وحي المسير إلى القدموس..))
********************************
وكان رتل الأصدقاء وهم ينحدرون ويتقاطرون صغاراً وكباراً، شيباً وشباباً أشبه بسرية جند زحفت نحو هدفها،وكان الهدف لكتيبة جندنا أسفل المنحدر،وبجوار إحدى الحنيات التقيت بامرأة تجمع قش بيدرها،يساعدها فتاة صغيرة ربما تكون ابنتها،كانت امرأة نحيلة،غادر قطار عمرها كثيراً من محطاته،ولكنّها بساعديها
الصلبتين كانت تتحدى الزمن،امرأة مكافحة من ريف بلادنا المعطاء،لقد ذكرتني هذه المرأة بالمرحومة والدتي،التي لم تتوقف عن الكفاح في سبيل لقمة العيش الكريم حتى فارقت الحياة،تعمل في البيت: تعجن وتخبز وتطهو الطعام وتنظف البيت ثم تخرج إلى الحقل لتعمل إلى جانب والدي في حفر وتعشيب الأرض وجمع المحصول،أما عملها على البيدر فيستمر إلى فترة تتجاوز ثلاثة أشهر،تجمع التبن،وتغربل القمح وتحمل ماتستطيع حمله منه إلى البيت كهذه المرأة الريفية المناضلة.قالت المرأة وقد بدا على محياها شظف العيش،ومرارة الحياة:
هكذا يابني نتعب ونشقى لنؤمن لقمة عيشنا.قلت: بارك الله فيك ياخالة فمن تعب يديك نقطف الخير والبركة.إنّ عملك هذا وسام شرف لكلّ فلاح.ونحن أبناء فلاحين تعبنا وشقينا وكافحنا في الأرض كما تشقين وتكافحين.أنت الخير والبركة أنت نبتة القمح المثقلة بحبات الحنطة والتي لولاها،لما أكلنا مما تنبت منه أمنا الأرض.
ولقد قال الشاعر خليل مطران من قصيدة له:
إِنَّ الفِلاَحَةَ وَالفَلاَحَ تَسَلسَلا == لفْظاً وَمَعْنىً مِنْ نِجَارٍ جَامِعِ
فِي خِدْمَةِ الأَرْضِ الَّتِي هِيَ أُمُّنا == يَتَأَلَّفُ المَتْبُوعُ قَلْبَ التَّابِع
مَا أَرْوَحَ الأَمَلَ الَّذِي قِيَّضْتَهُ == لِسَوَادِ أُمَّتِكَ الأَمِينِ الوَادِعِ
حقاً إنّ الفلاح هو الأمين الوادع للأمة،فبارك الله فيه وبمجهوده الخير المعطاء.
وتابعنا المسير..حتى بلغنا نهايته في أسفل الوادي...هذا الوادي الذي وصفه الشاعر ابراهيم طوقان بقوله:
رب وادٍ كأنّه النَّهَرُ الأَخ == ضر يختال في برودِ الجمال
خطرات النسيم ذاتُ اعتلالٍ == فيه الدّوح مائس باختيال
غَشِيَتْهُ الطيور مختلفات == رائعات الأَلوان والأشكال
صادحات على أرائك في الأَيْ == ك يَصِلْنَ الغدوَّ بالآصالِ
نغمات أرسلنَها ذات تسجي == ع وكرِّ في اللحن واسترسال
يا طيور الوادي غليل فؤادي == كان يشفيه بردُ تلكَ الظلال
يا طيور الوادي رزايا بلادي == مَزَجَتْ لي الغناء بالأعوال
خطرات النسيم ذاتُ اعتلالٍ == فيه الدّوح مائس باختيال
غَشِيَتْهُ الطيور مختلفات == رائعات الأَلوان والأشكال
صادحات على أرائك في الأَيْ == ك يَصِلْنَ الغدوَّ بالآصالِ
نغمات أرسلنَها ذات تسجي == ع وكرِّ في اللحن واسترسال
يا طيور الوادي غليل فؤادي == كان يشفيه بردُ تلكَ الظلال
يا طيور الوادي رزايا بلادي == مَزَجَتْ لي الغناء بالأعوال
وعلى موسيقا شدو طيور الوادي،وحديث الأصدقاء جلسنا نستريح وننصت إلى حديث إحدى الصديقات وهي تتحدث عن تجربتها في العمل الأهلي المحلي لمدينتنا سلمية،ولقد وجهنا إليها الشكر على حديثها الغني بتضحية الفرد في سبيل مجتمعه،
إنه الإيثار ونكران الذات، بعيداً عن الأنانية والأثرة.وكم نتوق في مجتمع جمعيتنا إلى مثل هذه التضحيات التي يذوب بها الفرد في المجموع،ويذوب المجموع في خدمة مدينتنا سلمية وليسمح لي الشاعر عبد السلام بن رغبان بن رغبان الملقب
بديك الجن أن أخاطب حبيبتي سلمية وخاصة أنّ الشاعر من سلمية وأحبّ سلمية من خلال مخاطبته لحبيبته ورد كما جاء في
كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني:
انظر إلى شمس القصور وبدرها == وإلى خزاماها وبهجة زهرها
لم تبل عينك أبيضاً في أسودٍ == جمع الجمال كوجهها في شعرها
وردية الوجنات يختبر اسمها == من ريقها من لا يحيط بخبرها
وتمايلت فضحكت من أردافها == عجباً ولكني بكيت لخصرها
تسقيك كأس مدامةٍ من كفها == ورديةٍ ومدامة من ثغرها
هذه (سلمية) معشوقة الشعراء ك(ورد) معشوقة ديك الجن،وقديماً قيل:(ومن الحبّ ماقتل)فرحماك أيتها المعشوقة..يكفينا ما نشربه من يديك من كؤوس الهوى والهيام،وما نلقاه من معاناة في سبيل تحقيق مانصبو لك من أحلام.
وأخذنا نتأمل فيما حولنا ونحن جالسون في أسفل الوادي..أفانين وأطياف وألوان ساحرة،تلفّ سفوح جبال القدموس التي تحيط بنا،شريط من الخضرة لغابات عذراء وظلال وارفة تمتد في كلّ اتجاه،من باطن الوادي، إلى ذروة الجبال وسفوحها وتراني مع الشاعر ابن معصوم أردّد:
فَبِتُّ كَما باتَ السَليمُ مُسهَّداً == بجَفنٍ على تلك السُفوح سَفوحِ
يُهيِّج أَشجاني ترنُّمُ صادِحٍ == وَيوقِظُ أَحزاني تنسُّمُ ريحِ
ونخرج من بطن الوادي بعد انتهاء استراحتنا،لنبدأ مشوار العودة الشاق والمضني تحت لهب شهر آب. يقول الشاعر (صريع الغواني) وهويصف الخمرة وما تفعله بشاربها في شهر آب:
تُنمى إِلى الشَمسِ في إِغذائِها وَلَها == مِنَ الرَضاعَةِ في حَرِّ الهَجيرِ أَبُ
حَمراءَ إِن بَرَزَت صَفراءَ إِن مُزِجَت == كَأَنَّ فيها شَرارَ النارِ تَلتَهِبُ
وأخذت جلودنا تنضح سموم التعرق، وتطرح السوائل الحارة، وكأننا نستحمّ في مياه تدمر الكبريتية،نصعد أكمة.. أكمة. ومرتفعاً تلوى المرتفع،ونتجاوز منعطفاّ أخفانا في الهبوط، وأظهرنا في الصعود. وكما يقول المثل الشعبي(مافي نزلة إلا وراها طلعة)وأخذت أنفاسنا تضيق وضربات قلوبنا تتسارع،ونحن نصعد الهوينى.؟فقدنا الماء البارد..واشتهى ظمأنا الشديد كأساً بل رشفة من ماء زلال،
نطفىء فيه أوار عطشنا،ولكننا وعلى الرغم من عطشنا ولهاثنا الشديدين واصلنا الصعود نحو الذروة بكلّ ثبات وإقدام وشجاعة.أما الشباب فهم زهرة الحياة وأمل المستقبل،ولم يخطئ إبراهيم طوقان،بل أصاب عندما زف الشباب إلى الوطن بقوله:
وطني أزُفُّ لكَ الشَّبا == ب كأَّنهُ الزَّهَرُ النَّدي
لا بُدَّ مِن ثَمرٍ لهُ == يُوْماً وإنْ لمْ يَعْقِدِ
حيَّ الشبابَ وقُلْ سلا == ما إنَّكُمْ أَملُ الغَدِ
ولقد لخص الشاعر ابن أبي البشر في بيت واحد لهو الشباب المستور بقوله"
سقى ورعة الله الشبابَ فإنه == على ما جنى سترٌ من اللهو مُسبَل
ولقد عبّر الشاعر ابن الرومي عن سحر الشباب وسكراته بقوله:
ألا إنما الدنيا الشبابُ وإنما == سرور الفتى هاتيكمُ السّكراتُ
ولا خيرَ في الدنيا إذا ما رعيتَها == وقد أيبستْ أجنابُها الخَضِراتُ
وكان الشيوخ في سيرهم الحثيث أكثر جلداً وصبراً من الشباب ولكنّ لسان حالهم يتحسّر على شباب مضى كتحسّر إبراهيم عبد القادر المازني على أزاهير الحب والسرور اللذين قضاهما في شبابه:
فأين زهور الحب يا طول حسرتي == وأين أزاهير الشباب النواضر
وأين أزاهير السرور كأنها == تحيي الفتى والعمر قينان ناضر
ولكنّ الحسرة لاتنفع،فما انقضى منه لايرجع. كما يقول الشاعر ابن الصباغ الجذامي:
يا نفس ذوبى حسرةً وتلهفا ولّى الشباب وما مضى لا يرجع
ولكن يتذكر الشيوخ أيام الصبا والشباب فيقولون كما قال الشاعر ابراهيم الأكرمي:
كان الشباب الرَّوق فيها وبها == قضَّيت أيَّام الصِّبا الأوائلا
حيث الحمى مسرح أسراب المها == وحيث كنت مرحاً مغازلا
أيّها الشباب...أيّها الحلم القصير الذي مضى إلى غير رجعة...عزاؤنا نحن الشيوخ كما أراد البعض أن يسمينا...عزاؤنا في هذه البراعم الشابة(إناثاً وذكوراً) والتي تنفذ معنا اليوم مسير القدموس الرياضي من عين الريس إلى عين الطواحين
براعم شابة سوف تتفتح وتتنور وسوف تتدفق دماؤها الحارة كحرارة حمى مسيرنا اليوم،سوف تتدفق في شرايين المجتمع الأهلي،وفي عروق جمعيتنا،لتعطي نبضاً جديداً وحياة جديدة ومتجددة لمسيرة هذا المجتمع وتقدمه وازدهاره.
حيّوا معي أصدقاء المسير من شباب وشابات..حيّوا معي كلّ الطاقات الشابة التي تعطي لعملنا الأهلي النماء والصفاء والتجدد.
ويمضي مسيرنا صعوداً شيباً وشباباً، ونحن نتقاطر وراء بعضنا البعض،بعضنا أصبح في القمة والبعض الآخر أضناه التعب فجلس يستريح على حافة الطريق،
وتحت ظلال الأشجار الوارفة ،وكنّا أثناء صعودنا نلقي التحيّة على من يطلّ علينا من المنازل المجاورة وهو مندهش لرؤيتنا،وكثيراً ماتساءل البعض:ماذا تفعلون؟ومن أتيتم،وعندما نجيب على التساؤلات،نلقى استغراباً أشدّ !! يتلوه سؤال مضحك.وهل أتيتم من سلمية سيراً على الأقدام؟؟
وفي أحد المنازل الجميلة والمغطاة بأشجار السنديان والجوز والزيتون ،تعرفت إليها امرأة في عقده السابع،ولكنك تتصف بهمة نساء الجبال اللواتي أمضين عمرهن في الاحتطاب،والعمل الدؤوب في مزرعة البيت وفي الحقول المجاورة.
قلت أنت من الشرق:قالت :نعم .كيف عرفت؟قلت: إنّ شكلك وهندامك يوحيان بأنك امرأة شرقية.قلت نعم.أقمت في قرية(عدمة) بجانب قرية (فريتان)وأخذت تذكر لي أسماء من تعرفهم هنالك.
هذه المرأة لم تنس أياماً قضتها بين أهلها فيما تسميه:الشرق.وأضافت إنها أيام جميلة وعزيزة على نفسي.وهي راسخة في ذاكرتي،وعندما تعاودني الذكرى إليها،أرحل إليها بخيالي،فكأنني غادرتها بالأمس .
لقد كانت قسمات وجه هذه المرأة توحي بالصدق والشفافية،وهي تدعونا لزيارتها وكأنها رأت فينا بعضاً من ذكرياتها التي قضتهافي ربوع سلمية وريفها.
وفوق مصطبة أحد المنازل وقفت فتاة في مقتبل عمرها،طلب منها صديقي كأساً من الماء فلبت صديقتها أو أختها طلبنا على عجل،وبينما نحن نحتسي الماء البارد الذي أحضرته الفتاة الثانية.سألتها:هل أنت تدرسين:فأجابت:أنا متزوجة وقد حصلت على الشهادة الثانوية ولكن بعد أن تزوجت... لاأعمل.وكم أتمنى أن يكون عندنا مثل هذا النشاط،أو يكون عندنا جمعيّة كما عندكم.
ارتاحت إلينا الشابة وارتحنا لحديثها ودعوناها لزيارة سلمية قريباّ ووعدت بتلبية الدعوة وقلنا سنظل ننتظر زيارتك،واللقاء بك، لنضمك إلى جمعيتنا.
الشباب دائماً يتطلع إلى التجدد والنشاط والعمل وخاصة إذا ما صبّت طاقاته الخلاقة في المكان المناسب،ونظمت ووظفت من أجل المصلحة العامة في إطار تعاون وتضافر جهود المجتمعين: المحلي والأهلي.وهذه الفتاة التي تطمح في المشاركة بمثل هذه النشاطات ماهي إلا مثال حيّ يدلّ على وعي شبابنا واندفاعه للانخراط في أيّ نشاط فعّال، يتاح له ودون تردد.ندعو كلّ شباب المجتمع المحلي في سلمية،أن يحذو حذو هذه الفتاة وينخرطوا في ميدان خدمة مجتمعهم كمتطوعين من أجل رفعة بلدهم وتقدمها،وخاصة بوجود جمعيات أهلية تفتح ذراعيها لاستقبالهم وفي مقدمة هذه الجمعيات جمعية أصدقاء سلمية الذي ننفذ مسير اليوم تحت لافتتها الرئيسة.
و أخيراً بلغنا الذروة في مسيرنا...ولكن بعد لأي وتعب شديدين ..جلس الأصدقاء فوق رابية مطلة على الوادي الأخضر الجميل..ولكنّ الإعياء والتعب كان بادياً على وجوه الجميع،لقد استغرق المسير ثلاث ساعات ونصف الساعة في هذا الجو الحار والمحموم..فكان من الطبيعي أن يشعر الأصدقاء بالتعب.وكم كنت أتمنى أن يكون تنفيذ مثل هذا المسير قبل تناول الإفطار...أي في الصباح الباكر..تفادياً لحرارة ولظى شهر آب.الذي يشوي الجلود قبل أن يلفح الوجوه بقيظه.
في هذا الوقت التقيت بشابين من أبناء المنطقة ودار حوار بيني وبينهما عن أهداف المسير الذي ننفذه،وسألتهما عن الخدمات الاجتماعية والتعليمية التي تتوفر لأهل الريف في منطقة القدموس،فأشارا إلى توفر مياه الشرب ووصول الكهرباء إلى كلّ قرى الريف،فإذا نظرت ليلاّ إلى سفوح هذه الجبال لوجدتها كتلة متوهجة من الضياء..وكأنك في النهار.بشرى عظيمة..يزيدها سروراً إقبال أهل الريف على التعليم..وسعيهم الدائم في تحصيل العلم.شكرت الشابين على هذه المعلومات الهامة.لأنتقل بعد ذلك مع الأصدقاء إلى مكان القيلولة الذي سنتناول فيه طعام الغداء.
ملاحظة:الأرشفة جمع وتنسيق:الأستاذ حيدر حيدر
المصدر: الموسوعة الشعريةـ الإصدار الثالث.
سلمية في /20/8/2009
الكاتب الصديق:حيدر محمود حيدر
الجزء الثالث والأخير من موضوع:
((من وحي المسير إلى القدموس...)).
****************************************
كان أحد أصدقائنا يملك بيتاً ريفياً مجاوراً لطريق عام القدموس بانياس،وقد سبقنا بالقدوم إلى القدموس قبل يوم أو يومين.. ليعدّ مع زوجته(مشكورين) العدة لاستقبالنا والقيام مع بعض المتطوعين والمتطوعات بإعداد طعام الغداء.وكان السؤال الذي نسأله:إنّ عد المشتركين في هذا المسير تجاوز المائة والأربعين شخصاً بما فيهم الضيوف الذين شاركونا من اللاذقية والقدموس ذاتها .سؤالنا كان:هل يمكن إعداد وجبة غداء لمثل هذا العدد الضخم من المشاركين؟؟إنها حق وليمة!!إنها سوف تكون وليمة عرس المسير..!!
قال ابن قتيبة الدينوري في أدب الكاتب وتحت عنوان:
(باب معرفة في الطعام والشراب):
طعام العرس "الوليمة"، وطعام البناء "الوَكِيرة"، وطعام الولادة "الخُرْس" وما تطعمه النُّفساء نفسها "خُرْسَة"، وطعام الختان "إعْذار"، وطعام القادم من سفره "نَقيعة"، وكل طعام صنع لدعوة "مأدُبَة، ومأدَبَةٌ" جميعاً، ويقال: "فلانٌ يدعُو النَّقَرَى" إذا خصَّ، و"فلان يدعُو الجَفَلَى"،ويقال "الأجْفَلَى" إذا عمَّ.
قال طرفة:نحنُ في المَشْتاةِ ندعُو الجَفَلَى لا تَرَى الآدِبَ فينَا يَنْتَقِرْ
الجفلى:الدعوة العامة.الآدِب:الداعي.ينتقر:يختار
حقاً إنّ ما أنجزه المتطوعون والمتطوعات في منزل صديقنا المضيف وزوجته(مشكورين) كان وليمة أو مأدبة عظيمة دعي إليها العامة والخاصة.ويمثل عملهم ثمرة من ثمار تعاون الأصدقاء في إطار المجتمع الأهلي.
لم نجلس عند منزل صديقنا المضيف بل قصدنا غابة مجاورة لبيته الريفي الجميل.
افترشنا أرض الغابة على شكل مجموعات،وكان التعب بادياً على الجميع وأخذنا نتناول من السوائل ما يعوض مافقدناه خلال المسير..ونأخذ قسطاً من الراحة ونتغنى مع الشاعر علي محمود طه بقصيد يفسّر جو الإلفة والمحبة والتعاون الذي لفّ أصدقاء المسير بردائه الزاهي تحت ظلال أشجار الغابة الوارفة، مع تناولهم وجبة الغداء.
نُهْزَةٌ أهدَتِ الخيالَ إلينا ودَعتْنا لموعدٍ فالتقينا
ههنا تحت ظُلَّةِ الغابة الشجرا ءِ سِرْنا والفجرُ يحنو علينا
وقطفنا من زهرها وانثنيْنا فجنيْنا تُفاحَها بيدينا
وَمَرِحْنا بها سحابةَ يوم وبأشجارها نقشْنا اسمينا
ههنا يا ابنةَ البحيراتِ والأوْ دِيةِ الخُضْرِ والرُّبى والجبالِ
صدح الحبُّ بالنشيد فَلَبَّيْ نا نداءَ الهوى وصوتَ الخيالِ
وتَبِعْنا على خُطى الفجر موسِي قى من العُشب والندى والظلالِ
وسمعنا حفيفَ أجنحةٍ تَهْ فو بها الريحُ من كهوف الليالي
لقد لقي الطعام الذي أعدّ من قبل الصديقات المتطوعات الثناء والشكر والتقدير من الجميع.والشكر.. لكلّ من ساهم في إعداد المواد وتحضير مايلزم لتجهيز هذه المأدبة.والشكر أيضاً لمن أشرف وساهم في توزيع الطعام على المجموعات وأخيراً الشكر الخاص لصديقنا المضيف وزوجته على تحمّلهم مسؤولية إطعام الجميع وإطعام بعض الجوار،وسهرهم على راحة الجميع في منزلهم الريفي المتواضع.
بعد الغداء وبعد استراحة قصيرة تحت ظلال الغابة،انتقل الجميع لينفذوا بعض الألعاب الرياضية..على شكل مسابقات بين المجموعات..وكانت روح المرح والبشر بادية على وجوه الجميع ..منطلقين من أنّ الحياة لحظة سعادة ..لحظة إبداع ولو كانت رياضة جسدية أو فكرية..ومضة مشرقة على ثغر من نحب، نهديها لمن نحبّ..السعادة لوحة فنيّة رائعة مزج ألوانها وأبدع خطوطها فنان ماهر
وهذا الفنان المبدع هو كلّ هؤلاء الأصدقاء الذين كانوا بسعادتهم ومرحهم يعكسون مرح الحياة...وإبداع الحاضر...وتفاؤل المستقبل.
انتهى مسير اليوم بمنتهى الغبطة والسعادة ولم يعكر صفوه أية شائبة...
الشكر... للمشرفين والقائمين على هذا المسير، لقد كان أكثر دقة وتنظيماً من سابقيه،ونأمل دائماً التطّور نحو الأفضل مستفيدين من أخطاء وعثرات مانفّذ.
آخذين بعين الاعتبار رأي الأصدقاء الذين شاركوا فيه.
وفي نهاية هذا المقال أتوجه بالكلام إلى كلّ رموز الماضي،ورموز الحاضر،وأقول:
اطمئنّوا أيها الغيورون على بلادنا ،إنّ القدموس بخير...وإنّ أصدقاء سلمية بخير...وإنّ سلمية الحبيبة بخير........وإنّ الوطن بألف ألف خير.
وإلى أن نلتقي على صفحات هذا المنتدى...من وحي مسير قادم...ألقاكم جميعاّ على المحبة.وأنتم بألف خير..وخير.
سلمية في /20/8/2009
الكاتب الصديق:حيدر محمود حيدر
الأرشيف:
· أسطورة قدموس و شانزيليزيه:
منتدى التراث و الميثولوجيا » ميثولوجيا و أساطير » أسطورة قدموس و شانزيليزيه
· علي محمود طه
1321 - 1369 هـ / 1903 - 1949 م
علي محمود طه المهندس.
شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة.له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه)، (وليالي الملاح التائه) و(أرواح شاردة) و(أرواح وأشباه) و(زهر وخمر) و(شرق وغرب) و(الشوق المائد) و(أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.
· خليل مطران
1288 - 1368 هـ / 1871 - 1949 م
خليل بن عبده بن يوسف مطران.
شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.
ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.وشبهه المنفلوطي بابن الرومي ، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.
· إبراهيم طوقان
1323 - 1360 هـ / 1905 - 1941 م
إبراهيم بن عبد الفتاح طوقان.
شاعر غزل، من أهل نابلس (بفلسطين) قال فيه أحد كتابها: (عذب النغمات، ساحر الرنات، تقسم بين هوى دفين ووطن حزين) تعلم في الجامعة الأمريكية ببيروت، وبرع في الأدبين العربي والإنكليزي، وتولى قسم المحاضرات في محطة الإذاعة بفلسطين نحو خمس سنين، وانتقل إلى بغداد مدرساً ، وكان يعاني مرضاً في العظام ، فأنهكه السفر فمات شاباً.وكان وديعاً مرحاً.له (ديوان شعر).
· ابن الرومي
221 - 283 هـ / 836 - 896 م
علي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي.
شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس.ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه.
قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته.
· ديكِ الجِنِّ الحِمصي
161 - 235 هـ / 777 - 849 م
عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب، أبو محمد، الكلبي.
شاعر مُجيد، فيه مجون من شعراء العصر العباسي، سمي بديك الجن لأن عينيه كانتا خضراوين.
أصله من (سلمية) قرب حماة ، ومولده ووفاته بحمص، في سورية، لم يفارق بلاد الشام ولم ينتجع بشعره.
· ابن معصوم
1052 - 1119 هـ / 1642 - 1707 م
علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني الحسيني، المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن مَعْصُوم.
عالم بالأدب والشعر والتراجم شيرازي الأصل، ولد بمكة، وأقام مدة بالهند، وتوفي بشيراز، وفي شعره رقة.من كتبه (سلافة العصر في محاسن أعيان العصر-ط)، و(الطراز- خ) في اللغة، على نسق القاموس...إلخ
· صريع الغواني
? - 208 هـ / ? - 823 م
مسلم بن الوليد الأنصاري بالولاء أبو الوليد.
شاعر غزِل، من أهل الكوفة نزل بغداد فاتصل بالرشيد وأنشده، فلقبه صريع الغواني فعرف به.وهو أول من أكثر من البديع في شعره وتبعه الشعراء فيه.
· إبراهيم عبد القادر المازني
1308 - 1368 هـ / 1890 - 1949 م
إبراهيم بن محمد بن عبد القادر المازني.
أديب مجدد، من كبار الكتاب، امتاز بأسلوب حلو الديباجة، تمضي فيه النكتة ضاحكة من نفسها، وتقسو فيه الحملة صاخبة عاتية.نسبته إلى (كوم مازن) من المنوفية بمصر، ومولده ووفاته بالقاهرة.تخرج بمدرسة المعلمين، وعانى التدريس، ثم الصحافة وكان من أبرع الناس في الترجمة عن الإنكليزية.
ونظم الشعر، وله فيه معان مبتكرة اقتبس بعضها من أدب الغرب، ثم رأى الانطلاق من قيود الأوزان والقوافي فانصرف إلى النثر.
وهو من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة.
له (ديوان شعر - ط)، وله: (حصاد الهشيم - ط) مقالات، و(إبراهيم الكاتب - ط) جزآن...الخ
· ابن الصباغ الجذامي
محمد بن أحمد بن الصباغ الجذامي، أبي عبد الله.
شاعر صوفي أندلسي، عاش في الحقبة الأخيرة من دولة الموحدين في المغرب، على زمن الخليفة المرتضى، ولا تذكر المصادر الكثير عنه.
ولم يُحفظ له سوى نسخة خطية واحدة من ديوانه تدور كلها حول المدائح النبوية والزهد.
· إبراهيم الأكرمي
? - 1047 هـ / ? - 1637 م
إبراهيم بن محمد الأكرمي الصالحي.
شاعر له اشتغال بالأدب، حسن المحاضرة، من أهل الصالحية بدمشق. له ديوان شعر سماه (مقام إبراهيم في الشعر والنظيم).
· طَرَفَة بن العَبد
86 - 60 ق. هـ / 539 - 564 م
طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد، أبو عمرو، البكري الوائلي.
شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، كان هجاءاً غير فاحش القول، تفيض الحكمة على لسانه في أكثر شعره، ولد في بادية البحرين وتنقل في بقاع نجد.
اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه، ثم أرسله بكتاب إلى المكعبر عامله على البحرين وعُمان يأمره فيه بقتله، لأبيات بلغ الملك أن طرفة هجاه بها، فقتله المكعبر شاباً.
ملاحظة:الأرشفة جمع وتنسيق:الأستاذ حيدر حيدر
المصدر: الموسوعة الشعريةـ الإصدار الثالث.
سلمية في /20/8/2009
الكاتب الصديق:حيدر محمود حيدر]